حقيقة العــــدم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

العدم اسم على غير مسمى ،اذ لوكان على مسمى لكان وجودا ولاستحال عليه اسم العدم ،فالعدم بالنسبة للأشياء هو وجودها في العلم الالهي،في انتظار التجلي الذي سيظهرها.فهي في وجود علمي ينتظرالخروج الى وجود عيني،أي لم تمر من خزائن الأسماء.

الشئ ليس له صورة وغير مقيد بصفة ولا له حقيقة تدرك،لا يحق في حقه الا النفي ،والنفي لا ينتج من وراءه حاصل ،وهو مشهود لله، وإن كان معدوما. قال تعالى انما امرنا اذا اردنا شيئا ان نقول لــــــه كن فيكون”فسماه شيئا وهو معدوم وخاطبة وهو معدوم واشار له وهومعدوم”أن نقول لــــــه فالاشياء في حال عدمها معلومة لله ،مشهودة له لا يغيب عنه شئ منها. قال تعالى “هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا” لا اسم ولا صفة له، فنفيت عنه الشيئية، فالعلم انما يتعلق بالمعدوم اذ لو تعلق بالموجود لكان من باب تحصيل الحاصل.قال تعالى”وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم” خزائن الاسماء الالهية،فالاسماء الالهية هي التي تجعل منه شيئا مذكورا،له صورة واسم وحقيقة. والتجلي هو الذي سيظهره ويخرجه الى الوجود.

وعلى هذا الاساس ففي حقيقة الامر الوجود كله ينتمي لله وحده ،و ما سواه “عدم” في ذاته ووجوده انما هو بقدرما يتجلى عليه الحق تعالى بأسمائه ، فإذا تجلى عليه بإسمه المميت انتهت حياته وانتهى وجوده ،وبهذا قالوا ان الوجود الحق واحد والمخلوقات في ذاتها لاتمتلك الوجود،والوجود مستعار لها ،خرجت من وجود علمي الى وجود عيني محدود، مقيد، مشروط ، وعندما يمنحها الحق الوجود الواقعي الظهوري ،تدخل بساط الواحدية، وعالم التعدد والكثرة،

فالواحدية منشأ الاعدادات وبداية الكثرة وفي بساط الواحدية مقتضيات الاسماء الالهية متساوية (انظر الانسان الكامل للجيلي) فالوجود الحق للواحد، وما سواه يستمد منه وجوده وهو في ذاته عدم ،وخروجه الى الوجود تابع لتجلي اسمه تعالى الخالق ثم البارئ  ….  

يحدثنا الجيلي عن” العاريةالوجودية” في الاشياء فيقول ما هي الا نسبة الوجود الخلقي إليها ،مع كون الوجود الحقي اصل لها في الحقيقة ،فقد اعطى الحق تعالى للاشياء وجودا من ذاته لتظهر بذلك اسرار الالوهية في الكون ،فالوجود الحقيقي لا ينسب الا لله تعالى وحده، أما ما عداه فموجود بهذه الصفة الإضافية وظاهر بتلك العارية.انتهى.

وابن عربي استعمل مصطلحا اخر صاغه المعتزلة هو(الاعيان الثابتة في العدم)والعين الثابتة كما يعرفها الجرجاني: هي حقيقة ،في الحضرة العلمية ليست بموجودة في الخارج بل معدومة ثابتة في علم الله تعالى”،ويقول الجرجاني في موضع آخر من معجمه:“الأعيان الثابتة هي حقائق الممكنات في علم الحق تعالى، وهي صور حقائق الأسماء الإلهية في الحضرة العلمية لا تأخّرلها عن الحق إلا بالذات لا بالزمان، انتهى.

يقول ابن عربي(باب العلم)وهذه الأعيان الثابتة في العدم لاتمتلك من خصائص الوجود شيئا سوى القابلية لسماع الخطاب الإلهي والإستجابة له.انتهى.            بمعنى انها مشهودة لله في حال عدمها، ويقول في الفتوحات ج1 ص168  الاعيان المعدومة “….ولم يكن للأعيان في حال عدمها شيء من النسب إلا السمع فكانت الأعيان مستعدة في ذواتها في حال عدمها لقبول الأمرالإلهيّ إذا ورد عليها بالوجود فلما أراد بها الوجود قال لها كن، فتكوّنت وظهرت في أعيانها فكان الكلام الإلهيّ أوّل شيء أدركته من الله تعالى بالكلام الذي يليق به سبحانه فأوّل كلمة تركبت كلمة كن ….”انتهى.   

قال شيحنا في بعض تغزلاته    

الحمد لله الذي اوجد عن =عدم المحض صفي الانوار

والعدم المحض المشار اليه هوالاحدية فلا وجود لإسم ولا لمقتضي في بساطها فنعتها بالعدم أي عدم لحوق النسب الوجودية بها.

أما المعدوم الحقيقي الذي لاصورة له ولا اسم ولارسم ولاجود لاعلمي وبالاحرى عيني فهو وجود إله مع الله ،الصاحبة،الولد،الشريك،وربما ولوج الجمل في سم الخياط.

  قال ابن عربي قيل لي  من انت ؟ قلت أنا العدم الظاهر.  قال لي : والعدم كيف يصير وجودا ، لو لم تكن موجودا لما صح وجودك  

قلت ولذلك قلت أنا العدم الظاهر أما العدم الباطن فلا يصح وجوده

الازل: هو نفي الاولية عن الله تعالى ،وهذا النعت لم يرد لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويعني ان لا اولية لله تعالى .

القديم : كذلك نعت يفيد ان الحق تعالى غير مسبوق بالعدم

الابد: نعت ينفي الاخرية عن الحق تعالى

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد

ابن المبارك

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد