حساب الجمل
بِسْم اللّه الرّحْمَن الرّحيم الحَمْدُ للّه ربّ العٰلمين ،والصّلاةُ والسّلامُ على
سيد الانبياء والمرسلين
إنّ حساب” البسط والكسر”،والمُسَمّى ب”جرنعد”أو “جرندع” عند علماء خواص الحروف أو علماء السيمياء(وهو حساب عرفاني مُتقدِّمٌ على حساب الجُمّل المعروف وشامِلٌ له)،يَفْتَحُ للباحث المُدقِّـق أبوابًا
مُشْرَعةً في تلمُّسِ البعضِ مِن رشحاتِ بواطنِ القرآن الكريم التي أشار
إليها سيّدُنا ومولانا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّه عليه و سلَّم بقوله (أُنْزِل القرآنُ على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع).. وللقرآن باطن وللباطن باطن إلى سبعة أبطُن،فالسبعة ليست للحصر بل
هي للدلالة على الكثرة،و أبطن جمع تكسير لانهاية له.وكلام الله تعالى مُطْلَقٌ لاحدَّ له يَنْتهي إليهِ مخْلوق
حول حساب الكسر و حساب البسط و الكسر(جرنعد)
– تذكير
عَن أبي هريرة رضي الله قال : قال سيّدُنا ومولانا رسولُ اللّه صلى الله عليه و سلم : (إنَّ مِنَ العِلْمِ كهيئةِ المكنونِ لا يعْلَمُه إلاّ أهلُ
العلم باللّه فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله إن الله جامع
العلماء يوم القيامة في صعيد واحد فيقول لهم إني لم أودعكم علمي وأنا أريد أن أعذبكم )..حديث ضعّفه المُحَدِّثون،لكن أصحاب الكشف حكموا بصحّته قال الشيخ الأكبر الحاتمي روّح الله روحه :(واعلم أنّ هذا القَدْر الذي ذكرناهُ في هذه المسألة هو مِنَ العلم الذي ورد فيه الخبر الذي لفْظُه أنّ مِنَ العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العالمون بالله فإذا أنطقوا به لم ينكره عليهم إلا أهل الغِرة بالله وهذا من طريق الكشف عند أهله حديث صحيح مُجمَعٌ عليه عندهم خاصّة عرفوه وتحقّقوه )(الفتوحات المكية ج 3 ص 238 ).
وعليه فحساب البسط والكسر(جرنعد)وما يكشف عنه من أسرار، داخلٌ في علوم الحقائق المتعلقة بالتصوف و التي ينبغي كِتمانها وصيانتُها عن العَرْض للعوامّ تعظيمًا لها (ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ
ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ) مخافةَ أنْ يُسارع إلى إنكارها أوالإنكار على العارفين بها مِنْ قِبَل مَنْ لمْ يَصلْ لدَرْك حقائقها،وقد أُثِر عن بابِ مدينةالعلم النبوي سيّدنا الإمام علي عليه السلام قولهُ (حدّثوا الناس بما يعرفون أتحبُّون أن يُكذَّب اللّه ورسوله) رواه البخاري.
– حسابُ الجُمّل بين التّسمية و التّطور العرفاني:
يُطلق على حساب الجمّل إسم “روح”أو كسر الحرف وهو حسابٌ معروفٌ مشتهِرٌ بين العامة و يُمَيَّزُ فيه بين حسابٍ مشرقي مُعْتَمَدٍ عند أهل المشرق يتِمُّ بموجبه تخصيصُ كلِّ حرفٍ من الأبجدية العربية بما يقابلُها مِن الأعداد،و بين حسابٍ مغربي مُعتمَدٍ عند المغاربة يُخصِّصُ حروف الأبجدية بما يقابلها من أعدادٍ وهذين الحسابين يتفقان في بعض قيم الأعداد المخصوصة لبعض الحروف ويختلفان في جُلّها . ولئن كان العامة لا يفقهون سببًا لوجود هذا الاختلاف القيمي في تخصيص
أعدادٍ معينةٍ و ربطها بحروفها،فإنَّ أهل التّصوف،والعارفين على وجه
التّحديد يعلمون أنَّ الاختلاف مكمَنُهُ خُصُوصُ فضلٍ،فحساب أهل المغرب
حِسابُ أسرارٍ وحساب أهل المشرق حسابُ أنوارٍ وقد قيل أن المشرقَ بلد الأنبياء والمغربَ بلد الأولياء،فإنْ كانت دائرة الأنبياء عليهم السلام
قد اكتمل فَلَكُها بختْم النبوة ،فإنّ دوائر الولاية مستمرةٌ في التصرف
استخلافا في الأرض عمارةً و صلاحًا وِفق نظام الدولة الإلهية الباطنية
تحت إمرة مُرَبّ العٰلمين سيِّدنا ومولانا مُحمّد صلّى الله عليه و آله و
صحبه وسلّم.
لذلك كان حساب أهل الأسرار مخصوصا بالمغرب و أوليائه،حسابٌ عَنْوَنَ عنْهُ الشيخ الأكبر ابن عربي قدّس الله سرّه واصفا إيّاهُ بحساب أهل الأسرار في الفتوحات،والمُطّلعُ على جملة كتب مناقب وطبقات الأولياء و الصُّلحاء التي تعُجُّ بها المكتبة الإسلامية يقف بين دفّتيْها على أمارات واضحات على وُجود تلك الخصوصية لفحول الولاية ممّن كان منبتهم أرضَ المغرب سواء منبتَ حسٍّ وُجودي أو منبتَ تربيةٍ معنوية والشواهد… ساداتنا..ابن عربي..ابن سبعين….. الطرطوشي.. الشاذلي..البدوي أبي العباس المرسي البوصيري……رضي الله عنهم و عنّا بهم ..
وعَوْدًا على بدءِ هذا التخصيصِ،فإنّ لَبِنةَ تمامِ حسابِ الأسرارِ
المذكور اكتملَ بما فتَح اللهُ به على كبير عارفي عصره شيخُنا قدس الله سره ،فطوّع حساب”جرنعد” لاستنباط دقائق و رقائق عرفانية غائصة في معرفة سيدنا و مولانا محمد النبي صلى الله عليه و سلم بالقرآن و معرفة القران بسيدنا و مولانا محمد النبي صلى الله عليه و سلم..
وبهذا المعنى فحسابُ”جرنعد”هو مستوًى متقدّم مِنْ مستويات حساب الجُمّل وتسْمِيةُ كلمة “جرنعد”راجعةٌ باختصارٍ أن لكل حرف: جسما ، ج=جسم /وروحا ، ر= روح / ونفسا، ن=نفس /وعقلا ،ع=عقل / ودما، د=دم، بمعنى أنّ لكُلّ كلمةٍ سرّها الظّاهر و الباطن ، كما أنّ لِكُـلِّ حرفٍ مِنْ ظاهر ٌ و باطنٌ . ملك وملكوت.
و لبيان خُصوصيّة الحروف،نَسُوقُ كلاما
عن معاوية بن الحكم السلمي قال قلت : يا رسول الله ومنا رجال يخطون قال: كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك”(ابي داوود 3410) .
في علم الحرف يقول الحكيم الترمذي رحمه الله:
العلم بالحرف سر الله يدركه *** من كان بالكشف والتحقيق متصفا
حساب الجمل يسمى علم الرمل ،وعلم الخط، ،وأول من عمل به سيدنا إدريس (كان يخط في الرمل)على نبينا وعليه الصلاة والسلام علمه إياه سيدنا جبريل عليه السلام. وكان معروفا عند رجال الدين اليهود قبل بعثة سيدنا عيسى عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام فالعبرية تتطابق مع الأبجدية العربية حتى حرف (التاء)أي
تنتهي عند ” قرشت” وتزيد العربية : ( ث، خ، ذ، ض، ظ، غ ) وقد استعملوه في اعمال السحر والتنجيم وله تلميح في الانجيل في اخر الاصحاح 13 من سفر الرؤيا واستخدمه المسلمون في الثأريخ للمعارك والوفايات . يقول ابن عربي ( الباب 15 من الفتوحات) : إن لقمان من ورثة ادريس في هذا العلم وسماه مُداوي الكَلوم لأن الكَلوم هي الجراحات ويقول عنه أنه هو الذي علم الطب والفلك والحروف والكيمياء، وسيدنا ادريس في السماء الرابعة حيث فلك الشمس وحاكم ملائكة هذه السماء هو إسرافيل.أما أهل التّصوف فاستخدَموا حساب الجمّل في حصْر أذكارهم بعددٍ ما كاللّطيف (لطيف =129)والبسملة ﴿بِسْم اللّه الرّحْمَن الرّحيم﴾ =1026) واسم الجلالة 66 فالذكر به وِفْقَ العدد 66×66 =4356،يقول بعضهم أن ملَكا اسمه كهائيل ينزل لذاكر الإسم بهذا العدد،ومَنْ ذكر اسمه بديـع 86× 86=7396 ينزل ملَك اسمه كهيائـيـل (انظر كتاب مفاتيح الفصوص.)
كما أنَّ هناك اختلافًا بين المشارقة والمغاربة في شأن هذا الحساب مردُّه إلى العلم بالطبائع الأربعة: النار ،الهواء،التراب،والماء.
*المشارقة اعتبروا هذا العلم (أي حساب الجمل) سمائي وبالتالي فهذه الطبائع يجب الاعتماد عليها وتسخيرها نزولا من زحل ثم الفلك الناري( ن) الذي خُلق منه إبليس،ونزولا نجد الهواء(هـ)ثم الماء أي السحاب (م) ثم نجد الكرة الأرضية والتراب (ت) إذا جمعْتَ هذه الحروف بعضها لبعض تشكل كلمة: نــــهـــــمـــت.
*أما المغاربة فاعتمدوا على كلمة نــــتـــرم ،فقالوا نحن في الأرض وحساب الجمل أعطي إلينا للتّصرف في الأرض،فبدؤا بأول عنصر قوي هو النار(ن) والنار إذا سترتها بالتراب لا تخمد وتبقى حية أي تتلاءم معه ،فأتْبعوها بالتُّراب (ت) ثُمّ الريح ( ر) ثم الماء (م) أي نـــتــرم .كما أنهم رأوا أنّ أوّل البروج في الخلق” الحمل” وهو ناري ويتبعه” الثور” وهو ترابي و”الجوزاء” وهو هوائي و”السرطان” مائي، فهذه الطبائع إنْ سيَّرْتها (بتشديد الياء) على أبجد هوز…تُعطيك اختلافاً في طبائع الحروف(ناري ترابي ريحي مائي)مما أدّى إلي اختلاف في حسابها لا محالة بين المشارقة والمغاربة، وقد شمل هذا التغيير ستّة حروف جاءت بعد الميم مِنْ( كلمن)،لأنّ الميم تُشير إلى الدوائر الكونية والتي لا يمكن تغيرها لأنها تابعة لما سطّره القدر في بساط الرحمانية ،فدوائر الوجود لم تتأثّر بهذا الاختلاف و لايجوز أن يكون هناك اختلافا يؤثر عليها.
كما أنّ لكل حرفٍ جـسم و روح، ونفس،وعقل،ودم وهو ما يجمعه علماء خواص الحروف في كلمة “جرندع أو جـرنـعـد”،فلِكُل حرفٍ خاصّيته : طبيعته المختلفة: ،جسمه،وروحه وعقله ونفسه ودمه الذي يختلف عن الحرف الآخر ولكل حرفٍ مُلكُه وملكوته ﴿بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡء﴾ والحرف شئ ولكل حرفٍ ظاهرٌ وباطنٌ ،مثلا : ظاهر حرف د يساوي 4 ،باطنه هو “الدال” يساوي 66 وهذا الاختلاف الكبير لا تجده في الأعداد.
وطبائع الحروف كما قلتُ : ناري،ترابي،هوائي،مائي ،فهذا يولد تشاجُرا بين الحروف المائية والنارية والترابية والهوائية ،كما هو الشأن بالنسبة لتشاجر الأسماء الإلهية ،فالمضل يجُرُّ إلى دائرته والهادي يجر إلى دائرته،الرزاق يجر،المانع يجر،وهناك أسماء في نفس الوقت جلالية وجمالية كالجواد عندما يجود بما يلائم الطباع، كالصحة والعلم والمال فهو جمالي وعندما يجود بما يخالف الطبع فهو جلالي كالمرض والجهل فافهم .لهذاحبّذ العارفون الرجوع بالذِّكر إلى شئٍ الإجابةُ فيه مضمونة وهذا مِنْ سِرِّ قوله تعالى ﴿ وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُم ﴾ .
نــــتـــرم = المغـــاربة ***** نــهــــمـــت المشارقة
النارية : أ ه ط م ف س ذ الحروف النارية
الترابية : ب و ي ن ض ت ظ الحروف الهوائية
الهـــــوائيـــة: ج ز ك ص ق ث غ الحروف المائية
المــــائـيـــة: د ح ل ع ر خ ش الحروف الترابية
مثلا اسمه : لطيف الحرف الأول ترابي والثاني ناري والثالث هوائي والرابع ناري على حساب المشارقة “نهمت “( يقول ابن عربي في الفتوحات(باب مراتب الحروف حرف القاف) :حساب المشارقة حساب أهل الأنوار وحساب المغاربة حساب أهل الأسرار، فهذا التّشاجر يجعل الذّكر لا يُعطي النتيجة المُتوخّاة منه مائة في المائة ولكن عندما تُرْجعه إلى عددٍ يُزيل هذا الشّنآن وهذا التشاجر وتكون الإجابة أسرع والترقي أكبر. أضِفْ إلى هذا أنَّ الله تعالى لم يقُلْ جلَّ شأنه أنا الواو أو أنا النون وإنما قال أنا الواحد ﴿أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰه وَٰحِدۖ ﴾ وهذا ما زاد أهميةً للأعداد ،والله واحدٌ لا من طريق العدد أي لأنَّ الواحد العددي يقبل الثاني ،و وحدانية الله تعالى لا تَقبَل الثاني البتّة ،قال بعض العارفين أنت الواحد لا من عدد الباقي بعد الأبد لك خضع من سجد كما ذل لك من ركع)،وسريان الواحد في جميع الأعداد لا يخفى على أحد ،فالثّمانية هي واحد كُرِّر ثمانيَ مرات والمائة هي واحد كرر مائة مرة والمليون هو واحد كرر مليون مرة ،فالكل يرجع إلى الواحد وعندما تضرب عددا ما في الواحد لا يخرج لك إلا العدد نفسه ،فالواحد حالٌّ بجميع الأعداد ومتجل فيها، والعدد واحد له من الحروف الألف،والألف في اسم الجلالة يشير إلى الصفة الأحدية وهي غاية ما يصل إليه العـارفون ”وراءها”لا يوجد إلا الغيب المُطمطم الخاص بالله.
والحروف النورانية تجمع في جملة”طرق سمعك النصيحة” وهناك
والحروف اليابسة تجمع في ” قطب جد “والواحدية مرتبة وجودية، هي بداية الأعداد واحد = 19،كما أنّ الله تعالى أشار في القرءان إلى خاصية بعض الأعداد كالعدد 7 = سبع سموات السبع المثانى ،السجود على سبعة أعضاء، أبوا ب جهنم…. وخاصية العدد 19و 114 سورة في القرءان هو 19 X 6 ، إسم الله الرحمن ذُكر 57 مرة عدد حروف البسملة 19 حرفا…. فخاصية الحروف لابد أنْ تمرَّ من الأعداد ن =50 ظاهرا إما باطنا نون = 106 = 53+53= احمد (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك = ما أنت يا نون يا احمد) كهيعص بالحساب المغربي= 165 عدد حساب جمل كلمة لا إله إلا الله -محمد = 92 وهذا العدد هو 46 +46 أي عدد الصبغيات CHROMOSOMES التي بجسم
الإنسان وبما أنّ آدم خُلِق على شكل القالب المحمدي فقد أخذ 92 من الصّبغيات وعندما خلقت حواء من جسمه أخذت النصف أي 46 والخاصة بالأنوثة Xوبقي له 46 منها XY -أحمد(53)-الحبيب(53)وحبيب الله هو محمد الله صلى الله عليه وسلم
-عدد أصابع اليد عشرة، واحد=19 اثنان=602 ثلاثة= 1431 أربعة=673
خمسة=1100 ستة= 860 سبعة=532 ثمانية=1001 تسعة=930 عشرة=970 المجموع =
(8118)هذا الرقم في اليمنى وهو(81) والنصف الآخر في اليد اليسرى وهو(8 1). -العرش=601 والكرسي=321 601×321 تساوي 192921 و ظهر العدد 9292 = محاط بالعدد واحد من الجهتين الألف يساوي واحد ويشير إلى الصفة الاحدية في اسم الجلالة (انظر الانسان
الكامل للجيلي) واسم الحبيب محمد مكرر (9292)صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، كأن هناك رابطة باطنية بين المحمدية والعرش من جهة والكرسي من جهة أخرى،وبهذا ترى أنّ أسرار الحروف تمُرُّ من العدد .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو عندما يعطيك شيخك ذكرا ما بعدد ما فهل تعرف السر الذي في العدد ويعرفه الشيخ ؟ أغلبية الشيوخ تجدهم يلقّنون مُريديهم أذكارا يستعملون فيها العدد 100 :اذكر كذا وكذا 100 في الصباح و100 في المساء فما هو السر الذي في العدد 100.. ؟ سؤال يبقى مطروحا على كل مريد وعلى كل شيخ..
]