- بين الظاهر والباطن قصة موسى والخضر أنمودجا للحائر
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله النبي الأمي الأمين
وعلى اله وصحبه .
لأي مهمة ارسل سيدنا موسى عليه السلام عند الخضر.?هل ليتعلم الشريعة والعلم الظاهر? لا،فهو نبي من أولي العزم من الرسل هذا لا يتماشى مع قول سيدنا موسى للخضر*هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا* (تعلمن بدون ياء) وقول الخضر*وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا” فهو علمٌ،لاعِلْمَ لسيدنا موسى عليه السلام به ،ولا خُبرله به ،ومن الصعب أن يستوعبه ،فالعبد الصالح عنده علوم ليست عند موسى،علوم لدنية*اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما *عِلْم عَلِمه الخضر بتعليم الله اياه*واتقوا الله ويعلمكم الله* فالخضر شيخ لموسى جاء ليأخذ عنه ما اخذه هوعن الله.
فكيف تنكر يامريد الاخرة هذا العلم ?وتكذٍّب اهله؛ اهل الذكر العارفين بالله وبنبيه *بل كذبوا بما لم يحيطون بعلمه ولما يأتيهم تاويله*وانظر كيف شرف الله اهله، وضرب موسى النبي العزمي في الأرض بحثا في طلبه، فلو وجد موسى هذا العلم من نفسه دون واسطة لما احتاج لتحمل مشقة السفر*لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا *ولكن الحق تعالى اخبره بمن هو اعلم منه( بل عبدنا خضرا أعلم منك)(الحديث) *وفوق كل ذي علم عليم*فشد الرحال اليه ولطلب هذا العلم . فإن أردت أن تتعلم النجارة فلابد لك من صحبة من له معرفة بها،وإن اردت ان تتعلم الحدادة فكذلك،وان أردت ان تتعلم الطب فلا بد لك من التمرن على يد أساتذة الطب. الكون مربوط بعضه ببعض،وإن أردت أن تحصد فاحرث وأغرس. لا وصول لمن ليس معه محصول. قال تعالى لنبيه *أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده *فاقتدي بموسى عليه السلام واهتدي بهديه، وابحث عن من يعلمك العلم اللدني واسلك طريق موسى، فالإقتداء سنة محمدية،ابحث عن عارف ،وأدمن قرع الباب يفتح لك،فإنها ما سدت الا لتفتح. وفَتْحها وَاردٌ،لامحالة لإستمرارية انوار النبوة المحمدية في أولياء الأمة المحمدية * قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني *
فكن من هذه الزمرة المباركة ،اتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذين يدعون إلى الله على بصيرة،هذه هي أكبر نعمة وهذا أوفر نصيب *ولا تنس نصيبك من الدنيا * فالخطاب موجه إلينا،وسيدنا محمد خرج من الدنيا،ولم يشبع من خبز الشعير،فلا تظن ان النصيب من الدنيا الذي أُمرنا ان لاننساه هو أكل وشرب ولباس، وتفاخر بين الناس ،بل هو لباس التقوى،وحلل مقام الإحسان *ان تعبد الله كأنك تراه *فهذه خصوصية، فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذه عمومية. الله يرى الكل وما الكل يرى الله ،فهو تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.ومقام الإحسان أوله مجاهدة وأخره مشاهدة ،فجاهد تشاهد.ولاتكن عن إصلاح باطنك متباعد وللحق معاند .
اعلم أن كل الانبياء والرسل السابقون شرائعهم تستمد من اسمه تعالى الظاهر وبالتالي فكانت لهم معرفة بالظاهرأي جاءوا بالشريعة دون الحقيقة فكلهم جاءوا ب “لا إله إلا الله” ليس معها إبراهيم رسول الله ،اوموسى رسول الله ،اوعيسى رسول الله…لأن رسالتهم كانت أمانة أدوها وانتهت مهمتهم،ووصية قاموا بإيصالها حتى نهاية حياتهم.قال تعالى”شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ”فالوصية عرضية مقيدة بالزمان. أما بالنسبة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،فالرسالة والنبوة صفتان له،والصفة ذاتية وملازمة للموصوف” قل ان كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين”” كنت نبيا وءادم بين الطين والماء”ولهذا حظي صلى الله عليه وسلم بالخلافة الكونية الكلية الظاهرة والباطنة ،الاولية والاخرية،الملكية والملكوتية، كما ان الانبياء والرسل السابقين ملزمين بالميثاق المأخوذ له في عالم الشأنية بالايمان به وتصديقه قال تعالى:“وَإِذ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰاقَ ٱلنَّبِيّئيِنَ لَمَا ءَاتَيتُكُم مِّن كِتَـب وَحِكمَة ثُمَّ جَاءَكُم رَسـول مُّصَدِّق لِّمَامَعَكُم لَتُؤمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُ”فَأُخِذَ لَهُ الحق تعالى الِميثَاقُ فِي الأَزَلِ فِي تِلْكَ “الأَزْمِنَةِ الغابِرَة”وَالْمَقَامَاتِ الباطنة،فَمَجِيئُهُ لا شك تحقق وكل منهم ءامن به وصدق.فبلغوا شرائعه الأحمدية وأقروا بمنزلته”قَالُواْ أَقرَرنَا” وَدخلوا تحت حكم سلطان خلافته.وَمُقْتَضَى نبوته،وشهدوا بعموم رسالته” قَالَ فَٱشهَدُواْ وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ“فَهُوَ الوسيط البرزحي،الممد لكل الخلائق المشهود له بالكمالِ *وَاللهِ لَوْكَانَ مُوسَى حَيًّا،مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي*.
قال النابلسي رحمه الله:
كل النبيئين والرسل الكرام أتوا = نيابة عنه في تبليغ دعواه
فهو الرسول الى كل الخلائق في=كل العصور ونابت عنه أفواه
فهو صلى الله عليه وسلم الدَّالُّ عَلَى اللهِ بِاللهِ،وَالدَّالُ عَلَى اللهِ بِنَفْسِهِ، أُعْطِيَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ *وَآَدَمُ مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ * فسيدنا موسى لم يكن على معرفة بالحقيقة لهذا أرسله الله تعالى الى الخضر ليعلمه أن هناك حقائق ظاهرهاغيرباطنها،وإن كان الأمر للشريعة ظاهرا،فالحُكم والحِكمة للحقيقة باطنا،فالحقيقة كُلٌ والشريعة جزء، والشريعة من جملة الحقائق .فقصة سيدنا موسى عليه السلام والخضر(1)الواردة في القرءان الكريم وفي الحديث النبوي الشريف الذي ذكره البخاري في صحيحه (2) تشير الى بواطن الامور وحقيقتها ،وهي تابعة للتجليات الالهية وتسير حسب الارادة الالهية “وما فعلته عن امري” فأراد ربك”. قال تعالى”فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَاوَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماًّ“علم لدني لاوساطة لأحد فيه. أما بالنسبة للأنبياء فوساطة الملك ضرورية.والرسول هو من أوحي إليه بشرع جديد،أما النبي فهوالمبعوث لتقريرشرع من قبله،فهو لم ينزل عليه كتاب انما يدعو لكتاب من سبقه.فالتبليغ صفة ملازمة للأنبياء.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” إنه لم يكن نبي قبلي الا كان حقا عليه أن يدل أمته على خيرما يعلمه لهم ،وينذرهم شرما يعلمه لهم(رواه مسلم).
قال تعالى”أتيناه رحمة من عندنا وعلمنا من لدنا
علما“بتقديم الرحمة على العلم لأن الرحمة وسعت كل شئ“ورحمتي وسعت كل شئ “والعلم شئ وسعته الرحمة
اذ لا وجود لعلم بدون معلوم،والمعلوم داخل تحت الشيئية. فالاشياء كلها في (العندية)”وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا
نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ“ و(عند) ظرف مكان وظرف زمان،وسبقت الرحمة الالهية العندية”من عندنا“والعلم
سبقته اللدنية “من لدنا “والإضافه الى نون الجمع” آتيناه “علمناه”من
لدنا”من عندنا“. أي لا وساطة لأحد لملك أوغيره،فالمقام مقام الولاية. والحق تعالى تسمى ب “الولي”ولم
يتسم ب”النبي” ومن اسمائه “الظاهر والباطن “فيجب أن تكون هناك حقائق تابعة
لإسمه الولي ،وحقائق تابعة لإسمه الظاهر ،واخرى لإسمه تعالى الباطن. وكل اية قرءانية تحمل في طيها الحُكم والحِكمة ،فالحُكم
ظاهروالحِكمة باطنة ورد في الحديث ” للقرءان ظاهروباطن ولباطنه سبعة أبطن.
قال تعالى”ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما“ فحيثما تصل الرحمة يصل العلم ،وبساط الرحمة ليس فيه الا الرحمة ،هو بساط جمالى
،أما بساط العلم فتابع الارادة والقدرة.وهو جمالي وجلالي”رحمتي سبقت غضبي”.والرحمة رحمتان : عامة تشمل كل شئ “رحمتي
وسعت كل شئ” ،ورحمة خاصة”يختص برحمته
من يشاء” والاختصاص الإلهي لايقبل التحجير وهو مقيد بالمشيئة ،وبهذه الرحمة قتل الخضر
الغلام وبالعلم عرف أنه لو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا،وربما تدركه هذه الرحمة
ويبعث على الفطرة .وبهذه الرحمة خرق السفينة وأقام الجدار،وبالعلم عرف تسلط الملك على
السفن و كشف عن ما تحت الجدار.وبهذه الرحمة أُلقِيَّ موسى وهورضيع في اليم،وبهذه
الرحمة أعيد الى أمه لترضعه،وبهذه الرحمة قُتل القبطي، وبهذه الرحمة سقى لبنات شعيب
،وهذه الرحمة كذلك هي الظل الذي تولى إليه “فَسَقَى
لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ
إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ” وانتبه إلى كلمة الظل فهي معرفة بالألف واللام ولم يقل تعالى الى ظل .
“قال تعالى “قالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرا “والصبر لا يكون إلاعلى ما يشق عليه من الامور،ولم يصبر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما )، فلو قدم الصبر على المشيئة كما هو دأب الأمة المحمدية ربما ولم يعترضً على الخضر” وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدا إلا أن يشاء الله” فأخر الاستثناء، وموسى قدم الاستثناءً. فعلى المريد في صحبة شيخه الصبر و الطاعة ،وعدم الاعتراض، وترك السؤال عن شئ حتى يحدث الشيخ لمريده منه ذكرا.
قال تعالى”وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا“هذه الاية تبين أن الخضر محيط بالأمور خُبرا قبل وقوعها و”الـخُــبْر”(برفع الخاء) الذوق وهو علم الحال لأنه إلهام خاص إلهي ليس للملك فيه وساطة ،فإن وحي الرسل إنما هو بواسطة الملك وهو النبأ،وهذا خُبر تابع للمعرفة اللدنية. فلو كان الخضر نبيا ما قال” ما لم تحط به خبرا” فالذي فعله الخضر،لم يكن من مقام النبوة. ومن كلام الخضر يُعلم الأدب : “قال فأردت أن أعيبها ّوالعيب هو ما يذم عليه . وقال ” فأردنا أن يبدلهما ” للإشتراك بين ما يُحمد وما يُذم وقال ” فأراد ربكّ” لأن أبوهما رجل صالح وكانت أمانته (الكنز) عند الله. والاشتراك في ضمير واحد بين الله والخضر “فأردنا” هو من حيث ان الخضر ولي،ومن اسماء الله تعالى “الولي”،ولم يتسم بالنبي،فيظهر كأن هناك اشتراك في الضمير ولكن باطنا “فأردنا” راجعة على الله تعالى من حيث اسمه تعالى الولي .
اماقول الخضر” ما فعلته عن أمري“فهو عبد مأمور،الآمر الناهي، هو الله .
ولولا ان الله تعالى أمر الخضر أن يظهر لموسى بما ظهر، ما ظهر له بشئ من ذلك
.ولو قال الخضر لموسى من أول لقاء : كل ما سأفعله هو بأمر الله ما أنكر عليه موسى
شيئا. فما فعل شيئا عن أمره حتى فراقه لموسى كان بأمر الله ،فلم يعترض موسى.
وقد استفاد موسى من لقائه بالخضر،والثلاثة
اختبارات التي رتبها الخصر كانت كافية له عليه السلام ليتعلم الحقيقة،وعلم أن
لافاعل حقيقة الا الله “والله
خلقكم وما تعملون “و”ان فوق كل ذي علم عليم”وأن
هناك من هو أعلم منه وإن لم يكن هذا المُعلم رسولا ولا من اولي العزم“وما كان عطاء ربك محظورا“.وعلم ان الوجود ما ظهر منه وما بطن إنما هو آثار الأسـماء الإلهية،
ظهرت في صور المخلوقات على وفق مراد الحق سبحانه وتعالى، ونحن نسميها أحداث ووقائع
،وأفراح،وأتراح. تتنوع لكثرة مظاهرها واختلاف مقاصد مظاهرها “إِنْ هِيَ إِلاَّ
فِتْنَتُكَ تُـضِـلُّ بِهـَا مَنْ تَشَاء وَتَـهْدِي مَنْ تَـشـَاء”، “قُـلْ
كُلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ”.
والمعجزة من الاعجاز: إفعال من العجز الذي هو زوال القدرة على الاتيان بالشئ ،ولا
أحد يجهل أن قتل الغلام ليس بالصعب ،ولكن معرفة ان الله سيبدلهما ولدا خيرا منه
مومنا وبارا هو المعجز .وكل انسان يمكنه خرق السفينة ،أما ما لايقدر عليه أحد الا بإخبار
إلهي ، وبالكشف الصُّراح هو معرفة ان الملك سوف يترك السفينة للعيب الذي بها. وكذلك إقامة الجدارليس امرا صعبا في حد ذاته
،انما المعجزهو معرفة ان تحته كنز وأنه لغلامين يتيمين ومعرفة أن أبوهما كان صالحا.و
معرفة أن الكنز سيبقى محصَّنا سليما الى حين بلوغ الغلامين اشدهما. هذا هو العلم اللدني. والعلم اللدني هو الالهام الذي
يحصل للعبد المختار دون وساطة ملك،وهذا يبين ان الخضر ولي ،والعلم الباطن ليس
مخالفا للشريعة بل هوعينها ،فالحقيقة تابعة للتجليات الالهية، والنتيجة اوالمقتضى
الذي يظهر للعيان هو الشريعة.
وهناك تطابق بين قصة الخضر والأحداث التي وقعت لموسى:
– ملك يأخذ كل سفينة غصبا في مقابلة فرعون الجبار يقتل أبناء بني اسرائيل.
– سفينة المساكين نجت بسبب العيب الذي أحدثه الخضر، في مقابلة موسى الصبي الذي نجا من القتل بسبب الجمرة التي اخذها عوض الثمرة .
– الشريعة لاتقبل بالقتل،أماالحقيقة فاقتضت قتل الغلام رحمة بوالديه.واقتضت قتل موسى، للقبطي، لأن قتله كان سبب خروجه وهروبه الى مدين ،ولقائه بنبي الله شعيب ،ومصاهرته له،وبعدها جاءته النبوة والتكليم ” وكلم الله موسى تكليما”.
الجدار والبئر: دخل موسى مدين ولم يجد من أهلها أي ضيافة حتى أنه بعدما سقى للبنتين تولى إلى الظل ولم يطلب أجرا منهما،وهو نفس ما حدث له في صحبة الخضر حيث ابى اهل القرية ان يضيفوهما فلم يطلب الخضر أجرا على الجدار . وكما كان اب البنتين صالحا كان اب الغلامين صالحا. وهناك تطابق بين الكنز المادي للغلامين والكنز المعنوي لموسى المتمثل في العصا التي قال له الحق في شأنها “وما تلك بيمينك يا موسى“بها انتصر موسى على سحرة فرعون وانفلق البحر بضربتها،وانفجرت اثنى عشرة عينا من الصخرة ببركتها. لقد استفاد موسى كثيرا من صحبة الخضر،وعرف ان الحقيقة اصل والشريعة فرع عنها فقال عندما وجد قومه يعبدون العجل ” ان هي الا فتنتك”.
والله اعلم .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه.
(1) ورد في الاثر ان الخضر
اسمه ايليا بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام كان في
جيش فبعثه امير الجيش يرتاد لهم الماء وكانوا قد فقدوا الماء فوقع بعين الحياة
فشرب منه فعاش الى الان .والخضر من الابدال ومهمته
في الامة المحمدية هي تربية السالكين المجدين المجتهدين والمحبين لرسول الله صلى
الله عليه وسلم و الذين لا شيخ لهم . عرفوا ذلك ام لم يعرفوه،فيقيم جدارأورادهم ويساعدهم
حتي يبلغوا أشدهم ويستخرجوا كنز معرفتهم بصحبة شيخ عارف،رحمة من ربك وعناية محمدية
،شريطة الإقرار بوجود الغوث،وهذه هي القاعدة العامة وإن خرقت العادة في شخص فلا
يقاس عليه .
اورد البخاري – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ ابْنُ الأَصْبِهَانِيِّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا سُمِّيَ الخَضِرَ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ، فَإِذَا هِيَ تَهْتَزُّ مِنْ خَلْفِهِ خَضْرَاءَ»
و أغرب رأى وردعن الخضر ما حكاه الماوردي :قال إن الخضر مَلَك من الملائكة يتصور في صورة الادميين(نقلا عن الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر الغسقلاني ج2 ص 429 )ولو كان الخضر مَلَكا لما كان في القصة وجه للغرابة والتعليم لسيدنا موسى ،فالتعليم جاء من شخص بشر مثله وأقل منه مقاما. يقول القشيري الخضر ولي من الاولياء(الرسالة) ويقول صاحب الابريز الخضر ولي، وذهب البعض الى القول بأن الخضر نبي .
واظن ان الخضر ليس من بني اسرائيل بدليل سفر موسى للقائه،وبدليل اصحاب السفينة الذين عرفوا الخضر ولم يعرفوا موسى.والخضر عرف موسى وقال له : موسى نبي بني اسرائيل…اورد البخاري:….فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلاَمٍ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ:جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَالَ:أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيكَ يَا مُوسَى، إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ،وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ،فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ،وَقَالَ:وَاللَّهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ،حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا، تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ،عَرَفُوهُ فَقَالُوا:عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ -قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدٍ:خَضِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ – لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا،
قصة موسى مع الخضرلو وردت في الحديث لحكم الكثيرعليها بضعفها او حتى بوضعها لما تحمل من حقائق لا تساير المنطق وتخالف ظاهر الشريعة .
من دعاء الخضر عليه السلام : “يا من لا يشغله شأن عن شأن ولا سمع عن سمع ولا تشتبه عليه الأصوات،يا
من لا تغلطه المسائل ولا تختلف عليه اللغات، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين ولا
تضجره مسئلة السائلين أذقنا برد عفوك وحلاوة مناجاتك.
اسغفار الخضر : اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطه
غيرك،واستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك وأستغفرك ياعالم
الغيب والشهادة من كل ذنب أتيته في ضياء النهار وسواد الليل في ملأ أو خلاء وسر
وعلانية يا حليم.
المسبعات العشر المنسوبة للخضر: أن تقول قبل طلوع الشمس
وقبل انبساطها على الأرض وقبل الغروب سورة الحمد وقل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب
الفلق وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وآية الكرسي كل واحدة سبع مرات وتقول:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعاً وتصلي على النبي صلى
الله عليه وسلم سبعاً وتستغفر لنفسك ولوالديك وللمؤمنن والمؤمنات سبعاً وتقول:
اللهم افعل بي وبهم عاجلاً وآجلاً في الدين والدنيا والآخرة ما أنت له أهل ولا
تفعل بنا يا مولانا ما نحن له أهل إنك غفور حليم جواد كريم رءوف رحيم سبع مرات
(2)…. قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل ، فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا ، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك ، قال موسى : يارب فكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم ، فأخذ حوتا فجعله في مكتل ،ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون ،حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما ،واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سربا،وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق ،فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت ،فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ،حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه :آتنا غدائنا ، لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال : ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به ، فقال له فتاه :أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة ، فإني نسيت الحوت ،وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره،واتخذ سبيله في البحر عجبا ،قال : فكان للحوت سربا،ولموسى ولفتاه عجبا ،فقال موسى : ذلك ما كنا نبغ ،فارتداعلى آثارهما قصصا، قال : رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة ،فإذا رجل مسجى ثوبا ،فسلم عليه موسى ، فقال الخضر:وأنى بأرضك السلام ،قال : أنا موسى،قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال :نعم ، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال :إنك لن تستطيع معي صبرا،يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت،وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه ، فقال موسى : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا،فقال له الخضر : فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء ، حتى أحدث لك منه ذكرا ،فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم ، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول ،فلما ركبا في السفينة ،لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم ،فقال له موسى : قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ،لقد جئت شيئا إ مرا، قال : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ، قال : لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وكانت الأولى من موسى نسيانا ،قال : وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة ، فنقر في البحر نقرة ، فقال له الخضر : ماعلمي وعلمك من علم الله ، إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر، ثم خرجا من السفينة ، فبينا هما يمشيان على الساحل، إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان ،فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله ، فقال له موسى : أقتلت نفسا زاكية بغير نفس ،لقد جئت شيئا نكرا ،قال : ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال :وهذا أشد من الأولى ، قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا،فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما،فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ، قال : مائل ، فقام الخضر فأقامه بيده ، فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ، لو شئت لا تخذت عليه أجرا ، قال : {هذا فراق بيني وبينك – إلى قوله – ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا } .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما) . قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ : وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا . وكان يقرأ : وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين . انتهى
محمد بن المبارك سنة 2014