الولي الصالح سيدي بوزكري
ضريحه يقع على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من دوار أولاد علي الواد بجماعة برادية التي ألحقت باإقليم الفقيه بن صالح. الضريح يطل على ضفة نهر درنة، أكبر روافد أم الربيع. مكان هادئ للتأمل، الضريح لرجل نزل تاشفين بن علي، الملك المرابطي ضيفا عليه للتبرك بزيارته حيا والانتفاع بدعائه. هنا يرقد «مولاي بوزكري « الولي الأقرع، الذي تذكره كتب التاريخ باسم « أبو زكرياء يحيى بن محمد الجراوي المراسني»، الذي عاش في القرن السادس الهجري.
شريك الشيخ أبي يعزى في أمر الولاية
يذكر صاحب «التشوف إلى رجال التصوف « ابن الزيات التادلي، قصة طريفة تدل على مكانة «مولاي بوزكري» كما اشتهر اسمه وحرف من اسمه الكامل والصحيح، أبو زكرياء يحيى بن محمد الجراوي، دلالة على مكانة الولي «الأقرع»، أن أبا يعزى كبير أولياء المغرب وشيخ شيوخهم قال عنه «أنا وأبو زكرياء يحيى بن محمد كهذه، وأخذ ورقة من الدوم وقسمها نصفين سويين – وأضاف- فكل ما أُعطِيتُه أنا فقد أعطِيهُ، إلا أني رزقت الأولاد وهو لم يتزوج»، وكأن القدر يريد أن يجمعهما أيضا لدى العامة ويشهرهما بغير اسمهما، فأبو يعزى يلنور اشتهر ب»مولاي بوعزة»، وأبو زكرياء يحيى بن محمد اشتهر ب«مولاي بوزكري».
قال عنه ابن الزيات التادلي إنه من الأبدال ، وهي مرتبة عظيمة في مدارج ومراتب التصوف ليس يعلوها إلا مرتبة القطب و الغوث .
يحفل كتاب «التشوف إلى رجال التصوف» بقصص الشيخ «مولاي بوزكري»، أبو زكرياء يحيى بن محمد، حيث أفرد له ترجمة خاصة ذكر فيها كراماته وتحقق دعواته في الدنيا، فقد عرج تاشفين بن علي بن يوسف الملك المرابطي حفيد يوسف بن تاشفين أثناء خروجه ، لمقاتلة الموحدين على بلاد تادلا فقال لخاصته: لأرينكم رجلا صالحا، فتقدم بهم إلى مكان أبي زكرياء …
كان زواره من معاصريه يحكون أنه «ربما شوهدت في بيت أبي زكرياء جارية تخدمه وتطحن له، فسئل عن ذلك فقال هي الدنيا تركتها فخدمتني، وربما عاينوا الرحى تطحن ولا يدرون من يديرها».
هذا الرجل الذي كانت بداية أمره تأفف الناس من منظره، قطع عهدا أن لا يخدم أحدا إلا الله، قبل أن يحج إليه من استقذروه يوما يطلبون دعوته للاستسقاء بعدما جف الضرع والزرع وانقطع المطر، ليسقيهم مرات عديدة كانت إحداها بعدما «دعوا وتضرعوا والسماء صاحية لا غيم فيها، فقالوا : يا أبا زكرياء استسق لنا، فقام أبو زكرياء ورمى بقلنسوته – غطاء رأسه – إلى الأرض وكان أقرع وقال: يا رب هذا الأقرع يسألك الغيث، فوالله ما نزل الناس عن ذلك المكان حتى أمطروا مطرا غزيرا».