بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين السلام عليكم ورحمة الله
موضوعنا حول دور وساطة النبوة المحمدية
اعلم أن الوجودَ ليس شيئا واحدا.فما من وجود الا فوقه وجود أخص منه.إلى أن ينتهي الوجودُ الى أحدية الحق تعالى والتي ما “وراءها ” الا الغيب المطمطم الخاص بالله ،الذي لاخُبر لنا به ولا خبرعنه. فالوجود مرتب ترتيبا تنازليا ،بدايةً من الاحدية، ووصولا الى الانسان ،وهذا يقتضي أن كل حقيقة مهما دقت، لابد أن تستمد وجودها ،من حقيقة أرقى منها، الى أن نصل الى حقيقة بديهية، لاتحتاج الى برهان، وإلا ظل الباحث يطلب البرهان الى ما لانهاية.. فلابد أن ننتهي الى حقيقة مطلقة ،تكون سماء الجميع، يستمد منها الوجود كينونته.وعلة وجوده،فإن قلت أفلا تكون الذات الالهية، هي هاته الحقيقة المُطلقة ؟ فإن كان الجواب بنعم ، هذا يعني أن الذات الإلهية علةٌ للوجود، ،وهذا ينفي عن الحق تعالى الغنى المطلق،فهناك علاقة بين العلة والمعلول، وفي هذه الحالة تكون مفتقرة الى المخلوقات لأنها علة لهم.والمخلوقات متعلقين بها في كينونتهم لأن المعلول تابع لعلته ملازم لها ،فالذات الإلهية لا تطلب أحدا ولايطلبها أحد،لأن كل من طلبها تعلق بها وقيدها،و هي مطلقة غير مقيدة ، اطلاقية لا نعرفها ولاندرك كنهها.،تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا من حيث ذاته .أما مرتبة الألوهية فقيدت تجلياتها حين أشارت إلى الهرولة،والضحك، والنزول(انظرالحديث) والمكروالاستهزاءوالكيد(ويمكرون ويمكرالله والله خير الماكرين) ( الله يستهزئ بهم)
فالحق تعالى غني عن عبادة الخلق ،لانه تعالى خلقهم من العدم فكيف يحتاج الواجب الوجود، للممكن الوجود، وكيف يحتاج الخالق، لمن من العدم خلق ،فالخلق هم الذين في امس الحاجة للخالق، فلم يخلقنا تعالى وهو في حاجة الينا، بل خلقنا لعبادته و لمعرفة اسماءه وصفاته قال صلى الله عليه وسلم “تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذات الله”) فيا ترى ممن يستمد الوجود استمراريته وبقاءه ؟ فالذات الالهية غنية عن وجودنا وعن عبادتنا ,ولَا نِسْبَةَ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالخَلَائِقِ. لا بد أنه يستمد استمراريته وكينونته مِن مَن أنابه منابه ،وأقامه مقامه ،وخاطبه بقوله “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله“،القائل صلى الله عليه وصلم ” من رأني فقد رأى الحق” ولا يقوم مقام الحق الا الحق ،والذي لا يذكر الله إلا و ذكر معه .
فحَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ تَقْتَضِي طَاعَةَ الْمَعْبُودِ،وَمحَبَّتَهُ،وَالْخَلْقُ لاَيَصِلُونَ إِلَى كَمَالِ مَحَبَّتِهِ،وَطَاعَتِهِ لِضُعْفِهِمْ الذَّاتِي.فَجَاءَتِ الرِّسَالَةُ بَشَراً مِنْ جِنْسِهِمْ وَاسِطَةً بَيْنَ حَضْرَتَيْنِ يَتَعَذَّرُ تَوَاصُلُهُمَا فَبَلَّغَتِ الطَّرَفَ الخَلْقِي أَنْبَاءَ الطَّرَفِ الحَقِّي،فَأَقَامَ الله تعالي طَاعَتَهُ مَقَامَ طَاعَة رسوله ،قال تعالى ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فقَد أَطَـاعَ ٱللَّهَ﴾وَأَقَامَ مُبَايَعَتَهُ،مَقَامَ مُبَايَعَتِهِ،وَمَحَبَّتَهُ مَقَامَ مَحَبَّتِهِ ﴿قُل إِنْ كُنتُم تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبعـونِي يُحبِبكُمُ ٱللَّهُ﴾، والإستجابة للرسول هي إستجابة لله…فلاشك أن هذا العبد الذي كان نبيا وادم بين الروح والجسد ،والذي هو اول العابدين،وبالتالي فهو اول الموجودين،هو الخليفة وهو الواسطة الذي لا شيء الا وهو به منوط
فنسبة الخلائق مع هذا النورالاسبق للخلائق، سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم ، هذا الوسيط البرزخي القائم بين حقائق الربوبية والمربوبين،الَّذِي لَهُ وِجْهَةٌ حَقِّيَّةٌ تَنْظُرُ إِلَى الأُلُوهِيَّةِ،وَخَلْقِيَّةٌ مُوَالِيَّةٌ لِلْعُبُودِيَّةِ. هذا العبد الذي وصل الى ما لم يصل اليه غيره “الى قاب قوسين او ادنى” قال تعالى “ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى” دنا: بوجهته الحقية. فتدلى: بوجهته الخلقية.
يقول الشيخ الأكبر: [..ثم إن الحق (صيّره صلى الله عليه وسلم حجاباً لا يُرفع ،وباباً لا يُقرع،ومن خلف ذلك الحجاب يكون التجلّي،ومن وراء ذلك الباب يكون التدلّي،كما إليه ينتهي التداني والتولّي،وعلى باطن ذلك الحجاب يكون التجلّي في الدنيا للعارفين ولو بلغوا أعلى مقامات التمكين)..].
ومن هنا يتضح أن الحقيقة المحمدية تسموعلى أية مرتبة من مراتب الوجود،لأنها النورالإلهي،قال تعالى “لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين”وقال صلى الله عليه وسلم” اول ما خلق الله نور نبيك ياجابر” وطالما هي كذلك، فلابد أن تكون بمثابة الأب للأكوان ،والممدِ لها ظاهرا وباطنا، أولا وآخرا،شريعة وحقيقة . ملكا وملكوتا. يقول الامام الجيلي: أن مولانا رسول الله نسبةٌ بين الله تعالى وبين الكون بأكمله، ولولم يكن موجودا، ما كان شئ من الموجودات يعرف ربه،بل لم يكن العالم موجودا،لأن الله تعالى ،ما أوجد العالم إلا لمعرفته ،فأوجد النسبة أولا، ثم أوجدهم من تلك النسبة ،ليعرفوه بها. انتهى.
وقال العارف بالله البوصيري
وَكَيْفَ تدعُوْ الَى الدنْيَا ضَروْرةُ مَنْ = لَوْلاهُ لَمْ تخرج الدنْيَا مِنَ الْعَدمِ
وهذه النسبة هي التي سماها العارفون :الحقيقة المحمدية والنور المحمدي والتعين الأول،والوحدة،والحق المخلوق به,وحقيقة الحقائق.فلا استمرارية للوجود دون مدد نبوته،”وما ارسلناك الا رحمة للعالمين” ولا حياة له دون وساطته قال صلى الله عليه وسلم “الله المعطي وانما انا قاسم (الحديث. فلا وصول الى معرفة الله لمن لم تقتف اثر الرسول لان المعرفة تكون بواسطة معرِّف، والمعرف لايكون إلا متصلا بالمعرَّف به .فافهم.
قَالَ سَيِّدُنَا صلى *يَاتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ،فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ الرَّسُولَ،فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ،ثُمَّ يَأتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ ،فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ،فَيُقَالُ لَهُمْ،هَلْ فِيكُمْ مَن صَاحَبَ أَصحَابَ الرَّسُولَ،فَيَقُولُونَ نَعَمْ،فَيُفْتَحُ لَهُمْ،ثُمَّ يَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ،فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ،فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ،مَن صَاحَبَ أَصْحَابَ الرَّسُولِ،فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ*.سِلْسِلَةٌ تَنْتَهِي إِلَى رَسُولِ اللهِ.
فَالْفَتْحُ مَنُوطٌ بِصُحْبَتِهِ،أَوْصُحْبَةِ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ أَصْحَابِهِ،فَلاَ يَعْرِفُهُ،إلاَّ مَنْ عَرَفَ مَنْ عَرَفَهُ.فَمَنْ أَدْرَكَ هَذِهِ الصُّحْبَةَ ظَفَرَ بِالمَحْبُوبِ وَأَصَابَ المَطْلُوبَ، وَأَصْلَحَ مُضْغَةَ القُلُوبِ وَأَضَافَ إِلَى الأَبِ الطِّينِي،الأَبُ الرُّوحِي الدِّينِي.
فكُنْ شَارِباً بِكَأْسَيْنِ نَاظِراً بِعَيْنَيْنِ.العَيْنٌ الحَقِيقَةِ تَرَى أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ،وَكُلُّ الأُمُورِ بِيَدِهِ﴿إِلَيهِ يَرجِعُ ٱلأَمرُ كُلُّهُ﴾وَعَيْنٌ الشَّرِيعَةِ، تُقِرُّ أَنْ لاَبُدَّ مِنْ وَسَاطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الخَلاَئِقِ،إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهُمْ عَلَى مُكَافَحَةِ الجَنَابِ الأَقْدَسِ،وَالتَّلَقِّي بِدُونِ وَسَاطَةٍ”فأما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون”
فأنت باب الله أي امرئ ♣ آتاه من غيرك لايَـدخلِ
وصلى الله وصلم وبارك على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.