النبوة حاضرة وللكون ناظرة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا ومولانا محمد صاحب الشرائع الأحمدية، والشريعة المحمدية. العقل الأول الذي ارتقت فيه الأسرار والعلوم، والقلم النوراني الذي سطر به كل قدر ومقدور، وعلى سيدتنا فاطمة الزهراء البتول، وصحبه وسلم (صلاة الاصطحاب).
قال تعالى” وَمَا مُحَمَّدٌ اِلَّا رَسُولٞ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ اِ۬لرُّسُلُۖ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ اَ۪نقَلَبْتُمْ عَلَيٰٓ أَعْقَٰبِكُمْۖ وَمَنْ يَّنقَلِبْ عَلَيٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَّضُرَّ اَ۬للَّه شَيْـٔاٗۖ وَسَيَجْزِے اِ۬للَّهُ اُ۬لشَّٰكِرِينَ “ (ال عمران 144).
أولا:” أفإين مات “ كتبت مخالفة للكتابة للعربية بياء زائدة ولم تكتب ”أَفَإِن مَّاتَ“. ”أفإين مات“…. إن شرطية تشكيكية…. تقول مثلا: إن نجحت في الإمتحان فسأعطيك كذا وكذا. فالشرط في نيل الجائزة هو نجاحك، والشك هو ربما تنجح أو لا. أما الذي تفيد التحقيق في اللغة العربية، اي ان الأمر موثوق منه، واقع لا محالة، هو اداة (إذا) فإذا مات …فلم يرد في القرءان ما يفيد التحقيق. كما أن حرف (أو) حرف عطف، يفيد كذلك التشكيك ”لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ“. والتشكيك يفيد أنه صلى الله عليه وسلم، وإن مات حساً، فلم يمت حقيقة. فحقيقة نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم استمرارية الوجود، ووساطته دائمة، ولا نهاية لحقيقته، لأنها نور من الله” اول ما خلق الله نور نبيك يا جاير“، هي الروح الكلية وهي من أمر الله،” قل الروح من أمر ربي“ ولا نهاية لأمر الله. أما من حيث جسمه الشريف المولود من أم و أب، فهو بشر مثلنا وتحت مقتضيات الأسماء الإلهية، يجوع ويحزن، وجرى عليه حكم الإسم المميت، وانتقل الى الرفيق الأعلى. أما حقيقته، والتي هي أول مخلوق خلقه الله” قل ان كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين“، فلكي تكون أوليته صلى الله عليه وسلم خصوصية له، ومن الثوابت القطعية عند أهل القرءان، وجب أن لا تكون لها نهاية، فكل أولية لها نهاية، هي شيئية وليست شأنية، والنبوة من عالم الشأن ”وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قراءن. “
ثانيا:” أفإين مات “ كتابتها مخالفة لنطقها، وكأنها استفهام، أين مات محمد؟ أين مات من روحه، هي الروح الكلية؟ من كان نبيا وءادم منجدل في طينته أيموت من هو رحمة للعالمين؟ ” وما ارسلناك الا رحمة للعالمين“ والرحمة صفة لا بد لها بالموصوف بها، تتبعه، توجد بوجوده وتفقد بانعدامه، فهي تتبع الموصوف في سائر أحواله. أيموت من حقيقته طرف فعال في التجليات الإلهية؟ وكيف تسير التجليات، وتظهر مقتضياتها، إن لم يكن مصاحبا لها؟ وأين اللطف الذي يضفيه عليها، وهذا من مهام النبوة ولها خُلقت، لأن الحق تعالى غني عن العالمين. سيتجلى الإسم الإلهي على الكون مباشرة دون وساطته، وحتى و إن كان الإسم جماليا، فسيسحق الكون، لأن وساطته تعطي التوازن للتجلي ”وما ارسلناك الا رحمة للعالمين“ فلا إفراط ولا تفريط في ظهور المقتضى ”كل شئ خلقناه بقدر“. قال تعالى ” إنا ارسلناك شاهدا “ وكلام الله استمراري، وحضور الشاهد واجب، وإلا فليس بشاهد، أرأيت شاهدا لم ير شيئا؟ لن تقبل محكمة على وجه الارض شهادة شاهد لم يشاهد. فغياب وساطته عن التجلي يفتح المجال للجلال المحض ”فإما نذهبن بك فأنا منهم منتقمون“.
أي افتقاد الكون لك، يفتح الباب لظهور الإسم الإلهي وفق مقتضاه الحقيقي، ويفتح الباب للهلاك” وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ “. هل مات من يَرُدُّ له الله له روحه، ليرد على سلام المسلِّمين عليه، ملايين الصلوات في اليوم؟ من سيرد عليهم؟ أخرج أبو داود بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام، وظاهر الحديث يعم جميع المسلمين، في جميع بقاع الارض، وفي كل الأزمنة. وعدد المسلمين أكثر من 2 مليار مسلم، ولو افترضنا أن مليار منهم هم من يقومون بشعائر الاسلام والمليار هو ألف مليون 1.000.000.000 لو افترضنا أن 0.5 في المائة منهم، هم من يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم فسنجد العدد 5.000.000 (خمسة ملايين) لو قسمتها على 24 ساعة تعطيك 208.333 مشتغلين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل ساعة، و3472 في كل دقيقة، ويرد عليهم السلام، فروحه صلى الله عليه وسلم لا تفارقه أبدا. أبدا، هو حي بالحياة التي أرادها الله له، حي بحياة النبوة ” كنت نبيا وءادم بين الروح والجسد“ وما قال كنت إنسانا ولا قال كنت موجودا، إشارة الى أن صفته المحمدية ملازمة له قبل القبل، و” كنت“ في حق النبوة فعل وجودي استمراري، فهو صلى الله عليه وسلم حي بحياة ليست كحياتنا، حياتنا أكل وشرب وتناسل، والعناصر الأربعة قوام حياتنا. قال صلى الله عليه وسلم ”إني لستُ كهيئتكم“. هذا وهو بين أظهرنا وليس كهيئتنا، فما بالك عندما انتقل الى جوار ربه. أما قوله صلى الله عليه وسلم ”وءادم بين الروح والجسد“ يعني أنه على علم بمرتبته في عالم البطون. وأخذ الحق تعالى له الميثاق من جميع الأنبياء” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ“. ولا شك أنه جاءهم. أما عقله صلى الله عليه وسلم فهو العقل الأول الذي إرتقت فيه جميع العلوم والمعلومات، لا يضاهيه جهاز كمبيوتر على وجه الأرض، بل لا يضاهي أي جهاز كمبيوتر عقل ءادم ”وعلم ءادم الأسماء كلها“ فلو صلى عليه كل سكان الارض في آن واحد، لرد عليهم السلام كلهم، في آن واحد وبلغاتهم. وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي. قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (أبو داود والنسائي).
قال ﷺ: إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تعرضون علي بأسمائكم وسيماكم، فأحسنوا الصلاة علي فجسمه الشريف لم يفنيه التراب، وروحه الكلية لم يقض عليها الموت. وفي جلوس التشهد في الصلاة نسلم عليه بصفة الحضور: السلام عليك أيها النبي، فهل نسلم على حقيقة مفقودة وغير مشهودة؟ إبليس اللعين، عدو الله، الضال المضل، على قيد الحياة، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، نور الله، الموصوف بالرحمة والهداية، وأول مخلوق قبل إبليس، مات وانتهى أمره.؟ قال ابليس ”قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ“ هذا البرزخ الشقي بطلب منه، ما يزال ينتقل على عرشه الشيطاني شرقا وغربا. وهذا سيدنا محمد، يصلي عليه الله وملائكته باستمرارية، نور الله، وخليفة الله، السراج المنير، والعبد الذي وصل حيث لم يصل مخلوق، الى” قاب قوسين أو ادنى “والذي أنزل عليه القرءان قبل القبل” الرحمن علم القرءان خلق الانسان “مات وانتهى أمره، ولم يبق لنا إلا أن نترحم على رحمة الله؟ تفكير سخيف وفهم سقيم، وعلل الأفهام أشد من علل الأجسام.
أجمع خواص المحققين من أهل التصوف أن حياة كل مخلوق من بشر، وحيوان، ونبات، متعلقة بالتجلي الذي تصطحب فيه النبوة المحمدية مع الإسم الالهي الحي. إذا فُقدت النبوة، حَلَّ بالكون الفناء، وأصبح العدم مصيره. وهو قول القائل ”لولاك لم تخرج الدنيا من العدم“. قال صلى الله عليه وسلم ” اني لست كهيئتكم“…لم يكن له ظل، يرى من خلف كما من أمام، ويرى بالضوء كما بالظلام، يترك اثرا على الصخر ولا يتركه على الرمل، تنام عيناه وقلبه لا ينام، فقلبه لا ينام عند نوم عينه عن حسه، فكذلك إنما مات حسا، كما نام حسا، لَم يَنَم قَلْبُه، و لَم يَمُتْ قَلْبُه، فَاسْتَصْحَبتْهُ الحياة من حين خَلَقَه الله، فمشاهدته لخالقه دائمة، لاَ تَنْقَطع، فَهِي حَيَاتُهُ مِن غير موت مَعْنَوِّيٍّ، ﴿أَفَــــإِيْن مَّــــاتَ﴾ أين مات؟ وَإِنْ مَاتَ حِسّاً. فالإسم المميت جرى مقتضاه، شريعة على المولود من أم و أب، أي على الروح الجزئية التي تدبر شُؤُونَ الجسم المحمدي الشَّرِيف الَّذي هو من عالم التقييد، أما حقيقته التي هي من عالم الإطلاق، فلا يستطيع ملك الموت قبضها، أيقبض الروح الكلية التي هو يستمد منها؟ فاسمه تعالى المميت مقتضاه تابع لتجلٍ الاهيٍّ، وكل تجل النبوة حاضرة فيه. فبشريته في حقيقة الأمر معدومة الحكم، معلومة العين، لكي لا يعبد من دون الله. ورد عنه صلى الله عليه وسلم في الاسراء انه صلى بجميع الانبياء بجسمه الشريف المولود من أم وأب، وهم أرواح لطيفة نورانية، فأنوارهم مستمدة من نوره، سواء في عالم الظهور أوفي عالم البطون، اصطفوا عليهم السلام وراء نورانيته وروحانيته.
لقد صدق سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: ”من قال إن محمدا قد مات ضربت عنقه“ وصدق سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله حين تلا قوله تعالى”:وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين “ ثم قال قولته الشهيرة: ”أيها الناس، من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت“ فعندما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الآية وكان يحفظها قبل ذلك قال: ”كأني ما قرأت هذه الآية إلا هذه المرة “.قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ اللهَ جعل الحقَّ على لسانِ عُمَرَ وقلْبِه . وقال ابنُ عمرَ ما نزل بالنَّاس أمرٌ قَطْ فقالوا فيه وقال فيه عمرُ أو قال ابن الخَطَّابِ فيه شَكَّ خارِجَةٌ، إلا نزل فيه القرآنُ على نَحْوِ ما قال عُمَرُ (سنن الترمذي). فجاء الرسم القرءاني” أفإين مات“ مخالفا للرسم الإملائي، فجرت الحقيقة على لسان عمر دون أن يشعر، ونطق ابو بكر بالشريعة. والشريعة من جملة الحقائق. وخلاصة القول: أن حقيقة العبودية تقتضي طاعة المعبود ومحبته، والخلق لا يَصِلُون الى كمال محبته وعبادته لضعفهم الذاتي، فأرسل الله لهم بشرا من جنسهم له وِجهة حقية تنظر الى الألوهية، تُوِجت بالخلافة الكلية وبمهمة مراقبة الدوائر الكونية، ”فارتقب يوم تاتي السماء بدخان مبين “ولا يطلب من الغائب الإرتقاب (أي الترصد والترقب)، وهي التي يصلي عليها الله وملائكته. نبوة موجود، مشهودة، غير مفقودة، حاضرة، وللكون ناظرة، ولأصحاب وحدة الشهود ظاهرة، وصلاة الله عليها هي صلة وصل بينها وبين ربها، وبينها وبين الكون، لإظهار المقتضيات القرءانية. قال تعالى” وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ “هذا في من يقاتل في سبيل الله، فما بالك بمحمد رسول الله. خير خلق الله، وأعظم خلق الله، ورحمة الله للعالمين. قال عليه الصلاة والسلام ” كلكم من آدم وآدم من تراب“ ولم يقل كلنا من آدم. فحقيقته من مقتضى الأحدية، ووجهة خلقية بشرية، ”ياكل الطعام ويمشي في الاسواق “من مقتضى الأسماء التشاجرية. فكان صلى الله عليه وسلم واسطة بين حضرتين يتعذر تواصلهما فبلغ الطرف الخلقي، انباء الطرف الحقي. فافهم. وكن جابر زمانك ”اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر“ وانشل نفسك من أوحال التوحيد” وما يومن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون “ فجمع لهم بين النقيضين الشرك والإيمان؟ فلا نسبة بن الخالق والخلائق، نسبتهم مع العبد النوراني، الوسيط البرزخي، الذي سماه الله ”محمدا“ ولم يناديه في القرءان إلا بصفاته الذاتية” يا أيها النبي “” يا أيها الرسول“ ” يا أيها المدثر “ ” يا أيها المزمل “ لأن المرسل الى العالمين هي حقيقة ربانية، مطلقة، أولية، آخرية، ويبقى من لا يرى في محمد إلا فقير قريش ويتيمها في اوحال شكوكه. مع ان كل شئ مقرون به صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾ فمبايعته هي مبايعة الله، نسب له الغنى ﴿وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾ (ولم يقل من فضلهما) والإستجابة ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُو اْلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم﴾ (ولم يقل إذا دعوكما ) له الإنعام أو النعمة ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ له القضاء ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ له الرضى ﴿وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ (ولم يقل يرضوهما) وقرن براءته تعالى ببراءته ﴿بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ﴾ ومحاربة الله بمحاربته ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ﴾ قال تعالى ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ ونصَّب الحق تعالى رسوله مرجعا كالقرءان ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ﴾ ثم قرر حكما ثابتا، فقال ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُو اْاللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً﴾ وقال عنه تعالى ﴿يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ولولم تكن هذه النيابة له ،لما استطاع أحد أن يومن. ولا ننس الشفاعة، فهي كذلك حق رباني. فهو شفيع الأنبياء والرسل ومن دونهم، ألا ترى إلى قوله ”حتى أن ابراهيم خليل الرحمن يحتاج إلي في ذلك اليوم“ (البخاري) فما ذكر الله تعالى صفة من صفاته، إلا وقرنها بصفة من صفات حبيبه صلى الله عليه وسلم. فمعرفته حق في الدنيا، وحقيقة ظاهرة لجميع الخلائق في الآخرة .فاعرف نبيك ولا تجهل حقيقته” أَم لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ” “ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ“، الَّذِي لَهُ رُوحٌ كُلِّيَّةٌ مُتَّصِفَةٌ بِنَعْتِ الإِطْلاَقِيَّةِ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ وَعِنْدَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَنْقُلَهُ لِأَصْلِهِ الحَقِيقِيِّ صَارَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهِ، يَشْتَاقُ لِلُقْيَاها اللَّهُمَّ الرَّفِيقُ الأَعْلَى وَبِهَذِهِ الرُّوحِ الكُلِّيَّةِ كَانَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْوَالِهِ. وَأَخْبَرَ أَنَّ قَلْبَهُ لاَ يَنَامُ عِنْدَ نَوْمِ عَيْنِهِ عَنْ حِسِّهِ، فَكَذَلِكَ إنَّمَا مَاتَ حِسّاً، كَمَا نَامَ حِسّاً، وَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ قَلْبُهُ، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ، فَاسْتَصْحَبَتْهُ الحَيَاةُ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ اللَّهُ، فَمُشَاهَدَتَهُ لِخَالِقِهِ دَائِمَةٌ، لاَ تَنْقَطِعُ، فَهِيَ حَيَاتُهُ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ مَعْنَوِّيٍّ، ﴿أَفَـإِيْن مَّـاتَ﴾؟ وَإِنْ مَاتَ حِسّاً. وَرُوحٌ جُزْئِيَّةٌ تُدَبِّرُ شُؤُونَ الهَيْكَلِ الْمُحَمَّدِيِّ الشَّرِيفِ، سَقَاهَا الحَقُّ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ الكَمَالاَتِ، مَا صَيَّرَهَا أَنْمُوذَجاً لِجَمِيعِ المَزَايَا وَالفَضَائِلِ، وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ
ابن المبارك
21 نوفمبر 2020 الموافق 6 ربيع الثاني 1442 هـــ

حصل المقال على : 1٬280 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد