“المومنون حقا”

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به”.                                    أي تكون أقوالك وأفعالك كلها تابعة للشريعة ،منقادا ظاهرا وباطنا لأحكامها،تحب ما دعا اليه الشرع ،وتكره ما نهى عنه،ولا تجد ضيقا ولا حرجا في نفسك.وتُحكِّم نبي الله في كل امورك،ولا تعترض،تسلم له صلى الله عليه وسلم،أحوالك تسليما تاما كاملا،ولا تشك أنه طرف في قضاء الله(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).فحينئذٍ يكتمل ايمانك وتصبح من المومنين حقا وتدخل مقام المحبة(قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)تصبح محبة الله ورسوله عندك،فوق كل شئ،وتقدم رسول الله في كل امورك (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين)..”لن يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله،وولده، ووالده والناس اجمعين“.
فدليل المحبة الاتباع،والانقياد،والتسليم والايثار(النبي اولى بالمومنين من انفسهم) توافق المحبوب في كل ما يرضيه،وتبتعد عن كل ما يغضبه،وإلا فدعواك باطلة ولا حقيقة لها.قال العلماء :”كل من ادّعى محبة الله،ولم يوافق الله في أمره ،فدعواه باطلة”

عن أنس بن مالك رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ثلاث من كن فيه،وجد بهن حلاوة الإيمان: وذكر منها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (البخاري ومسلم).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه “ ..”عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الاكبر” فالغاية من الجهاد إخضاع النفس لمراد الشرع،وهي مجبولة على حب الشهوات،وهذا يتطلب همة عالية،وعزيمة قوية،وصبرا كبيرا،ومحبة صادقة،واخوة في الله، تقتدي بهم ،وتسير بسيرهم،وتستعين بهم.

فهناك المومنون…..

وهناك المومنون حقا(أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (الانفال).

لا تُدرك درجة “المومنون حقا”إلا بمخالفة الهوى،واتباع الشريعة ظاهرا،فلا يمكن أن تحب شخصا لا تعرفه،فتعرَّف على سيرته العطرة،وعلى سنته الطاهرة،ولا تنس أن يكون لك نصيبا من معرفة حقيقته النورانية الباهرة …