المشاهد القدسية للحضرة المحمدية
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :
فهذه بعض المشاهدات الغيبية ، للجناب المحمدي الشريف ، وهي ما تسمى عند العامة برؤيا اليقظة ، ولكنها عند السادة الصوفية تسمى بالمشاهد أو المناظر أو المسامرات أو المخاطبات …، وقد اقتبستها من كتاب الفتوحات المحمدية ، لهزبر التحقيق السيد محمد شريف الحسني رحمه الله .
المشهد الأول
عن سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: لما حضرت أبا بكر رضي الله عنه الوفاة أقعدني عند رأسه وقال لي: يا علي إذا أنا مت فغسلني بالكف الذي غسلت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحنطوني واذهبوا بي إلى البيت الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوا، فإن رأيتم الباب قد انفتح، فادخلوا بي، وإلّا فردوني إلى مقابر المسلمين حتى يحكم الله بين عباده، قال: فغسل، وكفن، وكنت أول من يأذن إلى الباب، فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر مستأذن، فرأيت الباب قد تفتح، وسمعت قائلا يقول: ادخلوا الحبيب إلى حبيبه، فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق. ( ابن عساكر والبيهقي وابن النجار والآجري )
المشهد الثاني
وعَنْ سيدنا سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ سيدنا زَيْدَ بْنَ خَارِجَةَ الْأَنْصَارِيَّ، تُوُفِّيَ زَمَنَ سيدنا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَسَجَّى فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ أَنَّهُمْ سَمِعُوا جَلْجَلَةً، فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْصِتُوا أَنْصِتُوا فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَإِذَا الصَّوْتُ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ، فَكَشَفْنَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: هَذَا أَحْمَدُ رَسُولِ اللهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ (البيهقي والطبراني وابن أبي عاصم )
المشهد الثالث
وهو ما روي عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما – أنه رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – في النوم ، فبقي يومها يفكر فيه ثم دخل على خالته أم المؤمنين السيدة ميمونة رضي الله عنها فقص عليها قصته ، فقامت وأخرجت له مرآته – صلى الله عليه وسلم – قال رضي الله عنه : فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي – صلى الله عليه وسلم – ولم أر لنفسي صورة .
المشهد الرابع
وعن سيدنا ضمرة ابن ثعلبة (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيترآى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل يا ابن ثعلبة إنك لتغرر تحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يترآى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يترآى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع اصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره )” ابن حبان والطبراني وقال الهيثمي إسناده حسن )”
المشهد الخامس
جاء في كربة كربلاء أنه لما برز الامام علي بن الحسين إليهم ، أرخى الحسين ـ رضي الله عنهم ـ عينيه فبكى ،ثم قال : اللهم كن أنت الشهيد عليهم ، فبرز إليهم غلام أشبه الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله ، فجعل يشد عليهم ثم يرجع إلى أبيه فيقول : يا أبا ، العطش ، فيقول له الحسين : اصبر حبيبي فإنك لا تمسي حتى يسقيك رسول الله صلى الله عليه وآله بكأسه ، وجعل يكر كرة بعد كرة ، حتى رمى بسهم فوقع في حلقه فخرقه ، وأقبل ينقلب في دمه ، ثم نادى : يا أبتاه عليك السلام ، هذا جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ، ويقول : عجل القدوم إلينا ، وشهق شهقة فارق الدنيا ( مقاتل الطالبيين للأصفهاني )
المشهد السادس
وأخرج الدارمي وأبو نعيم والزبير بن بكار وابن سعد عن سيدنا سعيد بن المسيب رحمه الله قال: لقد رأيتني ليالي الحرة وما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم غيري وما يأتي وقت صلاة إلا سمعت الأذان من القبر.
المشهد السابع
قال الشيخ سراج الدين بن الملقن في طبقات الأولياء : قال الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره : رأيت رسول الله قبل الظهر في المجلس فقال لي : يابني لم لا تتكلم قلت : يا أبتاه أنا رجل أعجم كيف أتكلم على فصحاء بغداد؟! فقال : افتح فاك ففتحته فتفل فيه سبعاً وقال : تكلم على الناس وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فصليت الظهر وجلست وحضرني خلق كثير فارتج علي فرأيت علياً كرم الله تعالى وجهه قائما بإزائي في المجلس فقال لي : يا بني لم لا تتكلم قلت : يا أبتاه قد ارتج علي فقال : افتح فاك ففتحته فتفل فيه ستاً فقلت : لم لا تكملها سبعاً؟ قال : أدباً مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم . ثم توارى عني فقلت : غواص الفكر يغوص في بحر القلب على درر المعارف فيستخرجها إلى ساحل الصدر فينادي عليها سمسار ترجمان اللسان فتشتري بنفائس أثمان حسن الطاعة في بيوت أذن الله أن ترفع .
المشهد الثامن
يقول الشيخ أبو سعيد القيلوي قدس الله سره :
« لما قال الشيخ عبد القادر قدس الله سره : قدمي هذه على رقبة كل ولي لله ، تجلى الحق عزوجل على قلبه وجاءته خلعة من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على يد طائفة من الملائكة المقربين ألبسها بمحضر من جميع الأولياء من تقدم منهم ومن تأخر ، الأحياء بأجسادهم والأموات بأرواحهم ، وكانت الملائكة ورجال الغيب حافين بمجلسه ، واقفين في الجو صفوفاً حتى استد الأفق بهم ولم يبق ولي في الأرض إلا حنى عنقه » ( بهجة الاسرار – وقلائد الجواهر)
المشهد العاشر
وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في لطائف المتن : قال رجل للشيخ أبي العباس المرسي يا سيدي صافحني بكفك هذه فإنك لقيت رجالا وبلادا فقال : والله ما صافحت بكفي هذه إلا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : وقال الشيخ لو حجب عني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين ومثل هذه النقول كثير من كتب القوم جداً. اهـ
المشهد الحادي عشر
يقول الإمام عز الدين الفاروقي في كتابه ” إرشاد المسلمين ” :
“أخبرني أبي الحافظ محي الدين أبو إسحق عن أبيه الشيخ عمر الفاروقي أنه قال : كنت مع سيدنا وشيخنا السيد أحمد الكبير الرفاعي الحسيني رضي الله عنه عام حجه الأول وذلك سنة خمس وخمسين وخمسمائة ، وقد دخل المدينة يوم دخوله القوافل إليها قوافل الزوار من الشام والعراق واليمن والمغرب والحجاز وبلاد العجم وقد زادوا على تسعين ألفا ، فلما أشرف على المدينة المنورة ترجل عن مطيته ومشى حافياً إلى أن وصل الحرم الشريف المحمدي ولازال حتى وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية فقال : السلام عليك يا جدي ، فقال رسول الله له : ” وعليك السلام يا ولدي ” ، سمع كلامه الشريف كل من في الحرم النبوي ، فتواجد لهذه المنحة العظيمة والنعمة الكبرى وحنَّ وأنَّ وبكى وجثا على ركبتيه مرتعدا ثم قام وقال :
في حالة البعد روحي كنت أرسلها * * * تقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت * * * فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
فمدَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة النورانية من قبره الأزهر الكريم فقبلها والناس ينظرون ، وقد كان في الحرم الشريف أكابر أهل العصر . اهـ
منقول للفائدة