قال تعالى”وتحبون المال حبا جما “.،وسمي المال مالا،لأنه يميل بصاحبه إلى فعل الخير،أوإلى غيرذلك .فنحن نحب المال ومن أحب شيئا أمسكه، فلايفارق المال إلامن صغرت الدنيا في عينيه، وتحقق بأنماعند الله خير وأبقى. المال وسيلة لا غاية،والناس جبلوا على حبه حبا جما، كما أن البعض أصبح يقيم الرجل بما يملك، نحن نعلم أن المال ضرورة قصوى، ولكنه ليس كل شيء، إذا ملكت الملايين وفقدت صحتك،ما يغني عنك مالك، أوليس الغنى غنى النفس؟ أوليس الغني بأخلاقه ودينه؟
قال تعالى{المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} اذا تأملت هذه الآية تعلم أن الباقيات الصالحات خير من المال والبنين،والباقيات الصالحات لفظ عام يشمل الصلوات الخمس ،والكلمات الخمس (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وغير ذلك من الأعمال التي ترضي الله تعالى، لأنها باقية لصاحبها غير زائلة ،ولا فانية كزينة الحياة الدنيا،ولأنها أيضاً صالحة لوقوعها على الوجه الذي يرضي الله تعالى وصاحب السلطة والمال يوم القيامة يقول(ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانيه)
والإنسان مادام حيا إلاوفقره بين عينيه قال تعالى” الشيطان يعدكم الفقر”.وأعظم الحسرات يوم القيامة،أن ترى مالك في ميزان غيرك،وربمافي غيرورثتك.
قال صلى الله عليه وسلم لاحسدَ إلا في اثنتين : رجلٌ آتاه اللهُ مالًا؛فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ،ورجل آتاه اللهُ الحكمةَ؛فهويَقضي بها ويُعلمُها .
قال صلى الله عليه وسلم : نعم المال الصالح،للرجل الصالح.
واعلم أن الناس قبلك قد جمعوا المال الكثير لهم،ولأولادهم،فلم يبق ماجمعوا،ولالمن جمعوا،الكل ذهب الى التراب .
فلابدمن الرحيل،فاستعد للرحيل،وتزود للرحيل،رحيل لارجعة منه.رحيل ابدي،موعدك مع أحبابك، وأولادك وأقاربك هو يوم القيامة.
ولله درالقائل:
نزول كمازال أجدادنا ♣ ويبقى الزمن كم اتَرى
شمس تضئ وليل يجيء ♣ فمتى الرحيل ياتُرى
قال تعالى : “لقد جئتمونا فرادى كماخلقناكم “فأنت توضع في قبرك عاريا حافيا فاستصغرالدنيا بالتقلل منها. واعلم أن الغنيمة في الصدقة،والربح في البذل،والحظ في الإيثار،والزيادة في النقص،أعني بالزيادة. الخلف المنتظرمن الله ” وَمَاأَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍفَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَخَيْرُالرَّازِقِينَ” . قال صلى الله عليه وسلم : إن لك إلاماأكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، أو أعطيت فأبقيت،وماسوى ذلك للوارث.(الحديث). ففي الآخرة ستجد ما قدمت ،وتربح ماأنفقت،وتخسرماخلفت.
ولحب المال عند الناس ،قال الشعراء في المال الكثير من الكلام، ولعل كلام الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه،وصف حب الناس للمال وصفا دقيقا،وأن الناس تميل إلى من عنده مال،وتذهب إلى من يملك الذهب،وتهرول هرولة إلى صاحب الفضة .يقول:
رأيت الناس قد مالوا = إلى من عنده مال
ومن لا عنده مال =فعنه الناس قد مالوا
رأيت الناس منفضة =إلى من عنده فضة
ومن لا عنده فضة = فعنه الناس منفضة
رأيت الناس قد ذهبوا =إلى من عنده ذهب
ومن لا عنده ذهب =فعنه الناس قد ذهبوا