(العلم الرابع: العلم بالكمال والنقص في الوجود)
: من كمال الوجود،وجود النقص فيه. إذ لو لم يكن،لكان كمال الوجود ناقصاً بعدم النقص فيه. قال تعالى في كمال كل ما سوى الله: (أعطى كل شيء خَلقه)،فما نَقصه شيء أصلاً،حتى النقص أعطاه خلقه. فهذا كمال العالَم الذي هو كل ما سوى الله،إلا الله ,ثمّ الإنسان. فللّه كمال يليق به،وللإنسان كمال يقبله،ومَن نقص من الأناسي عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالَم،لأن الإنسان من جملة العالم. وما كل إنسان قَبل الكمال،وما عداه ف”كامل في مرتبته”،لا ينقُصه شيء بنصّ القرآن. فما ظهر في العالم نقص إلا في هذا الإنسان،وذلك لأنه مجموع حقائق العالم، وهو المختصر الوجيز،والعالم هو المُطوّل البسيط. إنفرد سبحانه بالحيرة في الكمال، فلم يَعلمه سواه ولا شاهده غيره،فلم يُحيطوا به علماً ولا رأوا له عيناً. فآثارُ تُشْهَد وجَناب يُقصَد ورُتبة تُحمد،وإله مُنزّه ومُشبّه يُعبَد. هذا هو الكمال الإلهي، وبَقي الإنسان متوسّط الحال بين كمال الحيرة والحدّ،وهو كمال العالَم. فبالإنسان كمُل العالم،وما كمُل الإنسان بالعالم. فتَلحق الأولياء الأنبياء بالخلافة خاصة،ولا يلحقونهم في الرسالة والنبوة،فإن بابهما مسدود. فللرسول الحُكم،فإن استُخلف فله التحكّم،فإن كان رسولاً فتحكّمه بما شرع، وإن لم يكن رسولاً فتحكّمه عن أمر الله بحُكم وَقته،الذي هو شرع زمانه،فإنه بالحُكم يُنسب إلى العدل والجَوْر.