سيدي محمد بن سليمان الجزولي
هو سيدي أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن سليمان بن سعيد بن يعلى بن يخلف بن موسى بن علي بن يوسف بن عيسى بن عبد الله بن جندوز بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حسان بن ءاسماعيل بن جعفر بن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي كرم الله وجهه بن سيدة نساء العالمين سيدتنا فاطمة الزهراء بنت الحبيب المحبوب سيدي ومولاي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي ذكر هذا النسب الشريف بركة بأهله الأطهار .
ولد سيدي محمد بن عبد الرحمن بن سليمان الجزولي ، الشريف النسيب سنة 807 هجرية ،و قضى طفولته الهنيئة في بلاده جزولة من إقليم سوس ، و مثل عديد من أطفال سوس الذين عاشوا أوائل القرن التاسع الهجري على عهد بني مرين ، فقد نال حظا وافرا من التعليم في جزولة ، أهله بعد ذلك للرحيل ءالى فاس حيث التحق بمدرسة”الصفارين”….
كانت فاس كعادتها لا تمنح الطلبة سوى بنيقة ضيقة بحجم القامة مخصصة
للمبيت و المطالعة ، و خبزة يومية بها يمكن الحفاظ على استمرارية الحياة .
لكن الطالب الجزولي كان محظوضا و قتها ، فقد تجاوز ضيق
مسكنه المتواضع و سكن في مكان رحب هو قلب عالم قلما يجود به الزمان ،
و المقصود به العارف الكبير سيدي أحمد زروق الذي كانت له القدم الراسخة
في فقه مالك ، لدرجة أنه كان يحفظ ” المدونة ” عن ظهر قلب يشرحها….
أكد إمامنا الجزولي رضي الله عنه منذ البداية حضوره
الدائم قبالة شيخه -رضي الله عنه – و دلف بهأستاذه نحو ذلك المتن الفقهي الملئ
بالمنعطفات و المنعرجات و الإشكالات الضيقة التي ينبغي فكها ،
بينماسيدي الجزولي يسير بروحه ..يرنوا إلى حب الحبيب
النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذى قال له فى الرؤيا
له : ” أنا زين الأنبياء المرسلين ، و أنت يا جزولي زين الأولياء “….
كانت تلك بداية التزهد و التنسك و الإعتزال ، ومرت شهور
على إمامنا الجزولي و هو بفاس كان فيها على حال من الوجد و الشغف بالصلاة على
الحبيب محمد صلى الله عليه و آله وسلم يرددها في كل و قت و حال لدرجة أن البعض
اعتبر ذلك مس أصابه – ويا له من مس – ،
ساهم ذلك في نفض الغبار عن علاقاته الصغيرة و صداقاته ،
وانتهى الأمر إلى أن ابتعد عن عموم الناس والأصدقاء
و انعزل معتزلا في بيته الصغير العاري من الأثاث والممتلئ
بذكر محاسن الحبيب مدة شهور(ص) ، وهي التجربة التي أوصلته في النهاية إلى الإمساك
بقلم القصب ، حيث و ضع الدواة و القرطاس أمامه و سجل أول الأبيات في مدح الرسول (ص) ،
و الصلاة عليه و المسمات ” دلائل الخيرات ” …..
لم تكن ” دلائل الخيرات ” كتابا عاديا ، بل
كانت كتابا عظيما صالحا لكل الأزمنة ، ولكل الناس ومن جميع الفئات ، وربما هو
الكتاب العربي الوحيد -بعد القرآن الكريم – الذي لا نعرف عدد طبعاته
و لا عدد القراء الذين انشدوا سطوره ، سواء كانوا أطفالا أو نساء ورجالا ، و يمكن
القول
أن ملايين المسلمين في المشارق و المغارب و عبر العصور و
الأجيال كانوا بشكل أو بآخر ، حريصين على قراءته ، أفرادا و جماعات ، في المساجد
أو البيوت ، و متفانين في الصلاة على النبي (ص) و مدح سنته و رسالته ………
وكتاب ((دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على
النبي المختار..))
فيه زيادة من أ تباع الشيخ الجزولي وهم :
سيدي عبد العزيز التباع رضي الله عنه تسمى قرأة تباعية
وسيدي عبد الله الغزواني رضي الله عنه تسمى قراة غزوانية
ولهذا شرح طويل ونكتفي بهذا القدر الجليل لهذا الطود الشامخ المبارك : بركة مراكش والمغرب كله…
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
و ننصح أحباءنا بملازمة قراءته ففيه خير الدنيا و آخرة – بالحجة والدليل و يسعد صاحبه ءان شاء الله تعالى…
دخل الشيخ في خلوة طويلة فى صحبة سيدي أمغار حوالي أربعة عشر عاما ، و خلالها ختم ءامامنا الجزولي مع المريدين عشرات الآلاف من الدلائل عبر الأيام و الليالي المتوالية ، و اكتشف ذات يوم و هو مستغرق في أذكاره أن المريدين الذين اجتمعوا بين يديه قد وصل عددهم اثنى عشر ألفا وستمائة و خمسة و ستين ، ولم يطق صبرا ، فقد حن قلبه لمجاورة الرسول (ص) ، وهكذا ذهب في ركب الحجاج إلى مكة المكرمة،والتقى هناك بمحبوبه ….
عاد سيدي محمد الجزولي و اتخذ أسفي ، مدينة الولي أبي محمد صالح رضيالله عنه ، مقرا لسكناه . لكنه لم يطق المكوث فيها لأسباب راجت حول طريقته ، فلم يجد إمامنا رضي الله عنه و نفعنا ببركته مأمنا وملاذا سوى في بلده السوسية جزولة ، وبقي هناك إلى أن توفى بها حوالي 870 هـ….
بعد سبع و سبعين سنة من وفاته جاء رجال يحملون الفؤس و فتحوا قبر الإمام الجزولي ، تم ذلك بأمر من السلطان أبو العباس أحمد المعروف بالأعرج الذي نفذ هو الآخر أمر والده الأمير أبي عبد الله القائم ، وهو أول مؤسس للدولة السعدية…
كان الأمر يتعلق بنقل رفات إمامنا الجزولي إلى مراكش و إعادة دفنه بها، و فعلا تم ذلك و دفن الإمام الجزولي برياض العروس…
قال سيدي الفاسي القصري في “الممتع” “أن سيدي الجزولي جمع بين الصديقية العظمى و الشهادة لأنه مات في جزولة مسموما ، وأنه قبل ذلك كتب على جدران بيته هناك كلمة ، “الموت ” مئات المرات حتى غطت الكتابة كل الجدران ،
و من كرامته أنه بعد مماته ، وهم يكشفون عن جسده الميت بعد سبع وسبعين سنة ، وجدوا الإمام رضي الله عنه لم يتغير منه شيئ، حتى أن أثار لحيته ورأسه مازالت على حالها، كما كانت يوم مماته، وحين وضع أحدهم أصبعه على وجهه المورد، انحصر الدم تحت الأصبع ، وبعد أن رفع الأصبع رجع الدم ءالى موضعه، تماما كما يحدث بالنسبة لرجل حي …وهذه كرامة معتادة عن كثير من الصالحين والعلماء…..
و لسيدي محمد سليمان الجزولي قدس الله سره كتاب ” سبحان الدائم ” كان قد وضعه لأهله و اولاده وقد أخذه أصحاب الطريقة العيساوية أتباع سيدي محمد بن عيسى وهو من تلامذة أصحاب سيدي عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه تلميذ الجزولي، وله ردود ورسائل في مواضيع شتى -رضي الله عنه …..
منقول
وصلى الله على سيدنا محمد