الشيخ المربي والتربية

المربي والتربية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا حول الشيخ المربي والتربية انطلاقا من حكمة عطائية
التصوف تجربة روحية فردية يخوض غمارها، كل واحد على قدرهمته ومجاهدته، فلم يكن في بداية نشأته طرق صوفية،ولكن لضعف همة السالكين ،تحول التصوف من سلوك شخصي، الى تنظيمات أصبحت تدعى الطرق الصوفية،واقتدوا بشخص واحد يسمى في العرف الصوفي الشيخ المربي،وأوراده وأذكاره، تعطي صبغة وفكرة على كيفية سيره،وهذا ما يسمى الطريقة،وهواقتدى بمن سبقه،وهذا هو المشرب مدارس تربوية اخلاقية وذكر جماعي يرفع من همة المبتدئ،ويحرك المتقاعس،ويوقظ النائم،وينبه الغافل،وتسري الأنوارمن الضعيف الى القوي.وقد قيل تعددت الطرق والغاية واحدة.والطرق الى الخالق عدد انفاس الخلائق.
يقول ابن عطاء الله رحمه الله :لا تصاحب من لاينهضك حاله ويدلك على الله مقاله . هذه حكمة تثيرانتباهنا إلى ان نتحقق من حال الشيخ الذي سنأخذ عنه الطريق. “ينهضك حاله”لأن سالك طريق التصوف لابد أن ينشأ له نتيجة مجاهداته وعبادته حال وإذا داوم عليها مع محاسبة نفسه، في سائرأعماله صارت مقاما له ، ولايزال السالك يترقى من مقام الى مقام،الى أن ينتهي الى اعلى المقامات والى المعرفة.
اما دلالة مقاله على الله ،فهو نتيجة الإذن النبوي والمدد المحمدي،فمن لاإذن له لاوصول له.قال تعالى لنبيه “واصبر نفسك مع اَلذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولاتعدعيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا) فيجب على الشيخ أن يكون من أصحاب هذه الحضرة من الداعين الى الله على بصيرة وعلى اثر سيدنا محمد صلى الله عليه فيسري المدد النبوي منه اليك ،فينهض حالك وتتغير احوالك.
ومقاله يكون علوم لدنية، واسرارربانية جديدة. قال ابو مدين الغوث لأصحابه” أطعمونا لحما طريا لا قديدا”.فمن كان يردد كلام السابقين ،ويجتر فتوحات العارفين،فليس بصاحب حال ولامقال.ويجب التمييز بين أرباب الحقائق،والرواة للحقائق ، أي بين العارف الحقيقي وناقل معرفة غيره،وصاغها في قوالب لغوية مختلفة أخفت مصدرها.
يقول ا بن عطاء الله رحمه الله:” ربما كنت مسيئاً فأراك الإحسانَ منك صحبتُك إلى من هو أسوأ حالاً منك” ،معناه أن صحبة من يكون مدعيا المقامات، وهونفسه مقصر متقاعس في الطاعات،يتبع هوى نفسه،قد تؤدّي بك صحبته إلى الرضى على ما أنت فيه، فينطبق عليك قول المتنبي :
ولم أر في عيوب الناس عيبا●●كنقص القادرين على التمام وتقضي عمرك معه،راضيا على نفسك، معجبا بحالك، متبعا هواك .ولن تربح من ورائه طائلا ،تقبل يده وتناديه مولانا وبسيدي العارف بالله.
يقول صاحب الابريز: أن شيخ التربية ما لم يكن بهذا الكمال جامعا لوصف العلم الظاهر والباطن، فأقرب أحوال المريد معه الى الهلاك .
يقول ابن سبعين،أن الشيخ العارف على الحقيقة، هوالذي قامت به الكمالات المحمدية كلها،وجودية،وعرفانية.
ومن ليس بعارف ولا له علوم ومعارف،غالبا ما تجد المقربين منه،ومن لهم المصلحة فيه،ويجنون الأرباح من وراءه ،بطريقة مباشرة أوغير مباشرة يرفعون من”مقامه”ويلقبونه بالعارف بالله وبصاحب الوقت،وبالغوث الأكبر،فكم من شيخ يقام له ويقعد،وتقبل يداه ورجلاه،وهولا يعرف حتى كيف يرتب دعاءا على إسم من الأسماء الإلهية المفردة ،فأحرى أن يكون مربيا،فأحرى أن يكون على معرفة بنبي الله فحذارِ ثم حذارِ.قال الهمذاني:
سوف ترى إذا انجلى الغبار●●أفرس تحتك أم حمار
فإن كان الشيخ الحقيقي أكثر علما،فالشيخ المزور أكثر كلاما فلا تكن أسير تقليد أحد ،ولا تقتدي بأعمى، حَكِّم عقلك. كيف تعتمد على اعمى لا يرى الطريق ولم يسلكها كدليل ؟هذا غاية طمس البصيرة ،سيرمي بك في حفرة لامحالة.
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 589 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد