السيدة اعتماد الرُّمَيْكِيَّة(488 هـ / 1095 م) هي شاعرة أندلسية،كانت جارية لرميك بن حجاج فنسبت إليه،ثم تزوجت المعتمد بن عباد أمير إشبيلية،ورافقته حتى نفيه على يد المرابطين إلى أغمات ووفاته هناك.عُرِفَت بمهارتها في الشعر والحديث،وبراعتها باستعمال المستملحات والفكاهة فيهما،وكانت مشهورة بالجمال.
في يومٍ بينما كان المعتمد يتنزَّه مع شاعره ابن عمار في مرج الفضة(أحد متنزهات إشبيلية المطلة على نهر الوادي الكبير)قال له:«صَنَعَ الريحُ منِ الماءِ زَرَد»(يقصد أن يكمل رفيقه بيت الشعر)،إلا إنَّ بديهة ابن عمار كانت بطيئة،فسكت طويلاً ولم يكمله،وكانت بقربهما امرأة تغسل الملابس في النهر،فقالت:«أيُّ درعٍ لقتال لو جمد» وقد تعجَّب المعتمد من موهبتها بالشعر، وفتن بجمالها،فسأل عنها،فقيل له أنها جارية لرميك بن حجاج واسمها اعتماد، فذهب إلى صاحبها”رميك بن حجاج” واشتراها منه وتزوجها،وعُرِفَت بعد ذلك بلقب اعتماد الرميكية،وكانت أقرب زوجات المعتمد إليه.
ومن أشهر قصص حبه لها ولأجل إرضاءها يومٌ أرادت فيه أن تمشي في الطين،فأمر المعتمد بأن يُسحَق لها الطيب وتُغَطَّى به كل ساحة القصر،ثم تُصَبُّ الغرابيل،ويُصَبُّ ماء الوردعليهما،وقد عُجِنَ ذلك حتى أصبح كالطين،فسارت عليه الرميكية مع جواريها. وفي يومٍ ما بعد هذه الحادثة،وفي منفاهما اختلفت معه،وغضبت، فقالت له:«والله ما رأيتُ منك خيراً قط!»، فقال لها: «ولا يوم الطين!»، فخجلت منه واعتذرت.
في عام 484 هـ (1091م)سقطت إشبيلية عاصمة بني عبَّاد في أيدي المرابطين، واقتيدت الرميكية مع زوجها المعتمد أسرى إلى المغرب،حيث أقاموا أولاً لمدة وجيزة بطنجة،ثم مكناسة،وأخيراً استقروا في أغمات التي تبعد عن مراكش بحوالي اربعين كيلو.ورافقته الرميكية طوال ما تبقَّى من حياته.
ويُروَى من نكاتها أثناء إقامتهما في أغمات قولها مرَّة: «لقد هُنَّا هُنا»،وقالت له مرة عندما مرض: «يا سيّدي ما لنا قدرةٌ على مرضاتك في مرضاتك».
اما المعتمد بن عباد ملك إشبيلية وقرطبة وبطل الزلاقة وأسير أغمات،كان يلجأ في مصيبته إلى الرحمن ،ويجد في الإيمان به كل سلوان،ويتعزى ويتصبر، ويعلل النفس بالقضاء والقدر،ويتسلى بصروف الدهر وغِيَرِه،وخطوبه وعِبَرِه … زهد في الدنيا زهدا اضطراريا لااختيار له فيه،وربما كان صادقا،وقد أجمل وصف الدنيا بعد أن عرف صروفها،وتقلبت على عينيه خطوبها في هذه الأبيات:
أرى الدنيا الدنية لاتواتي
فأجملْ في التصرف والطلاب
ولايغررك منها حسن بُردٍ
له علَمان من ذهَب الذهاب
فأولهارجاء من سراب
وآخرها رداء من تُراب
و قوله:
اقنع بحظك في دنياك ما كانا
وعَزِّنفسك إن فارقتَ أوطانا
في الله من كل مفقود مضى،عوض
فأشعِرالنفس سُلوانًا وإيمانا
أكلما سنحت ذكرى طربت لها
مجَّت دموعك في خديك طوفانا
أماسمعت بسلطان شبيهك قد
بَزَّتُه سودُ خطوب الدهرسلطانا
وطِّن على الكره وارقب إِثْره فرجًا
واستغفرالله تغنم منه غفرانا
وكان فيه من الفضائل الذاتية مالايكاد يحصى؛كالشجاعة والسخاءوالحياء والنزاهة…
توفيت الرميكية قبل زوجها المعتمد بقليل،وقد دُفِنَت بمدينة أغمات.
زرت ضريح المعتمد بن عباد وزوجته الرميكية،به روحانية قوية،لم امتلك نفسي حتى اجهشت بالبكاء يظهر،أن هذا الملك الذي مات فقيرا،مات راضيا بقضاء الله،لا اعتراض له على حكم الله،والله راض عنه. وزوجته اشتغلت بالعبادة والتضرع الى الله والتوبة.
هاهو ضريحه نظيف يزار،وتتلى فيه الاذكار،ومن كان لله دام واتصل.ولو مات بإشبيلية لصار موضع دفنه طريق سيار،أوعمارة.ومن كان لغير الله انقطع وانفصل