السيادة المحمدية على الكون الالهي

   
السيادة المحمدية على الكون الالهي

مقتطفات ملخصة من كلام الشيخ الاكبر
بسم الله الرحمن الرين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

قال الشيخ الاكبر:

قال عليه الصلاة والسلام”كنت نبياً وآدم بين الماء والطين” يريد على علم بذلك فأخبره الله تعالى بمرتبته وهو روح قبل إيجاده الأجسام فكانت الأنبياء في العالم نوابه صلى الله عليه وسلم من آدم إلى آخر الرسل عليهم السلام وقد أبان صلى الله عليه وسلم عن هذا المقام بأمور منها قوله صلى الله عليه وسلم والله لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني وقوله في نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان أنه يَؤُمُنا .فهو صلى الله عليه الملك والسيد وروحانيته موجودة وروحانية كل نبي ورسول فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الطاهرة بما يظهرون به من الشرائع و العلوم في زمان وجودهم وهو في الحقيقة شرع محمد صلى الله عليه وسلم(1)كآدم عليه السلام الذي ظهر بالاسماء الالهية ومحمد صلى الله عليه وسلم اوتي جوامع الكلم ،والاسماء كلها من الكلم، ولم يكن لمحمد عين فيظهر بها فظهر ذلك في اول موجود من البشر،فمتى ظهر محمد كان احق بولايته ولوائه من ادم يوم القيامة ،بحكم الاصالة ،فيكون آدم فمن دونه تحت لوائه وقد كانت الملائكة تحت ذلك اللواء في زمان آدم، فهم في الآخرة تحته فتظهر في هذه المرتبة خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجميع (2) فالشرائع كلها أنوار، وشرع محمد صلى الله عليه وسلم بين هذه الأنوار كنور الشمس بين أنوار الكواكب ،فإذا ظهرت الشمس خفيت أنوار الكواكب، واندرجت أنوارها في نور الشمس فكان خفاؤها نظير ما نسخ من الشرائع بشرعه صلى الله عليه وسلم، مع وجود أعيانها كما يتحقق وجود أنوار الكواكب ،فلو كانت الرسل في زمانه لتبعوه كما تبعت شرائعهم شرعه(3) .                                              قال تعالى”انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا “ونحن المسلمون وعلماؤنا الانبياء، ونحكم على أهل كل شريعة بشريعتهم ،فإنها شريعة نبينا إذ هو المقرر لها،وشرعه أصلها،فإنه المبعوث إلى الناس كافة ،فجميع الرسل نوابه بلا شك، فلما ظهر بنفسه لم يبق حكم الإ له، ولا حاكم الإرجع إليه، وأعطاه أم الكتاب فتضمنت جميع الصحف والكتب المنزلة على الانبياء، فادخرها له ولهذه الأمة ليتميز على الانبياء بالتقدم و أنه الامام الأكبر وأمته التي ظهر فيها خير أمة أخرجت للناس ،لظهوره بصورته فيهم ،وكذلك القرن الذي ظهر فيهم خير القرون لظهوره فيه بنفسه (4)،وأمة كل نبي على قدر مقام نبيها فاعلم ذلك . فكان من فضل هذه الأمة على الأمم ،أن أعطاهم الاجتهاد في نصب الأحكام وأمرهم أن يحكموا بما هداهم إليه اجتهادهم ،فأعطاهم التشريع فلحقوا بمقامات الأنبياء عليهم السلام( 5) .فإن قيل فقوله صلى الله عليه وسلم” لا تفضلوني” فالجواب نحن ما فضلناه بل الله فضله، فإن ذلك ليس لنا و إن كان قد ورد” أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده” لما ذكر الأنبياء عليهم السلام فهو صحيح، فإنه قال فبهداهم ،وهداهم من الله وهو شرعه صلى الله عليه وسلم ،أي إلزم شرعك الذي ظهر به نوابك من إقامة الدين ولا تتفرقوا فيه فلم يقل فبهم اقتدي، وفي قوله “ولا تتفرقوا فيه” تنبيه على أحدية الشرائع فإن الإمام الأعظم إذا حضر لا يبقى لنائب من نوابه حكم إلا له .وما أوردنا هذه الأخبار والتنبيهات إلا تأنيساً لمن لا يعرف هذه المرتبة من كشفه ،ولا أطلعه الله على ذلك من نفسه ،وأما أهل الله فهم على ما نحن عليه فيه قد قامت لهم شواهد التحقيق على ذلك من عند ربهم في نفوسهم (1) وعرفوا انه هو السيد الأكبر المشهود له با لكمال، و أنه أعظم خليفة وأكبرامام (6) ومن سواه سوقة.ولما أعطي هذه المنزلة وآدم بين الماء والطين ،علمنا أنه الممد لكل إنسان كامل مبعوت بناموس إلهي أو حكمي ( 7) فكان صلى الله عليه وسلم اول الانبياء وعين خاتم النبيئين بقوله تعالى “ولكن رسول اللّه وخاتم النبيئين”. فهو النبي بالسابقة وهو النبي بالخاتمة فظهر في رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن السابقة عين الخاتمة في النبوة (8)  واعلم أن العالم اليوم بفقد جمعية محمد صلى الله عليه وسلم في ظهوره روحاً وجسماً وصورة ومعنى، نائم لا ميت، و أن روحه الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم ، هو من العالم في صورة المحل الذي هو فيه روح الإنسان عند النوم، إلى يوم البعث الذي هو مثل يقظة النائم هنا فهو روحه ونفسه الناطقة، و كما أن نشأة الإنسان لا تكون إنساناً إلا بنفسها الناطقة ولا تكون كاملة هذه النفس الناطقة من الإنسان إلا بالصورة الإلهية المنصوص عليها من الرسول صلى الله عليه وسلم فكذلك نفس العالم الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم  ،حاز درجة الكمال بتمام الصورة الإلهية في البقاء والتنوع في الصور وبقاء العالم به فقد بان لك حال العالم قبل ظهوره صلى الله عليه وسلم أنه كان بمنزلة الجسد المسوى وحال العالم بعد موته بمنزلة النائم وحالة العالم ببعثه يوم القيامة بمنزلة الانتباه واليقظة بعد النوم(9) .
إلا بأبي من كان ملكاًوسيداً=وآدم بين الماء والطين واقف
فذاك الرسول الأبطحي محمد=له في العلى مجد تليد وطارف
أتى بزمان السعد في آخر المدى=وكانت له في كل عصر مواقف
أتى لانكسارالدهر يجبر صدعه=فأثنت عليه ألسن وعوارف
إذا رام أمراًلايكون خلافه=وليس لذاك الأمرفي الكون صارف(10)


1 = الباب العاشر في معرفة دورة الملك
2 = السؤال السادس والسبعون
3= الباب 339
4= السؤال الرابع والخمسون ومائة
5= الباب 337
6 = باب بسم الله الرحمن الرحيم
7= ج3 ص 142.
8 = الباب 382 في معرفة منزل الخواتم
9= الباب 346
10= الباب 12 في معرفة دورة فلك سيدنا محمد
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه

حصل المقال على : 996 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد