الجواب: أما أهل المجالس المُحدّثون،فمجالسهم خَلف الحجاب الأنزَل الأقدس في النّزول. ولهم ستّ حَضرات،لهم في الحضرةالأولى ثمانية مجالس: المجلس الثاني والسادس،تُسمى مجالس الرّاحات،وهي من باب رِفْق الله بالعباد الذين لهم هذه الأحوال. ومَجلسان: الأول الذي هو الرابع والثامن،فهما مَجلسا الجمع بين العبد والربّ. ومجلس الفصل بين العبد والربّ على مراتب أبيّنها. وأما الأربعة مجالس التي بَقيت،فالحديث فيها على مراتب متعدّدة. وكذلك الحضرة الثانية والحضرة الرابعة،فيها ثمانية مجالس على ما ذكرناه. وأما الحضرة السادسة فمجلسان. وأما في الحضرة الثالثة فستّة مجالس. وأما في الحضرة الخامسة فأربعة مجالس. و انتهت أمّهات مجالس أهل الحديث مع الله ،من حيث هم مُحدَّثون،لا من حيث لهم مَجالس. وأما أهل المجالس ،لا من كونهم مُحدّثين،فهم أهل الشّهود ،وهم على أربع مراتب في مجالسهم. فالمُحدّثون جُلوسهم،من حيث هُم،من خَلف ذلك الحجاب. وأهل المجالس،من حيث المراتب التي أعَدّ لهم الحق: فمنهم من أعدّ لهم (منابر)،ومنهم من أعدّ لهم أرائك ،ومنهم من أعدّ لهم كَراسي ،ومنهم من أعدّ لهم دَرانك .والكُلّ يَشهدون جَليسهم من غير حديث من الطرفين. فلنذكر مجالس أهل الحديث وهي ستّة وثلاثون مجلساً . وعند الترمذي الحكيم ثمانية وأربعون مجلساً ،لأن الترمذي يُراعي من الإنسان حَظّ طَبعه،فيزيد إثني عشر مجلساً ،وهو الصحيح. ومن يقتصر،منّا،في الإنسان على روحانيته،من غير طبيعته،فهي ستّة وثلاثون مجلساً. فلهذا وقع الخلاف بيننا وبين العلماء من أهل هذه المجالس،فمنّا من إعتبر ذلك ومنّا من لم يَعتبر،والأولى اعتبارها. فأما مجالس الجمع بين العبد والربّ فأربعة مجالس: يَعلم فيما يُحادثه به الحق فيها كَيف يُخاطب الخَلق من أجل الله،وكيف يُثني على الحق تبارك وتعالى.. وأما مجالس الفَصل فيَحصُل فيها ما يحصل في هذه المجالس من طريق أخرى وذَوق آخر،غير أنه يختلف عليه الحال عند انتهاء المُجالسة بمُشاهدة أسماء إلهية لم يكن يعرفها قبل ذلك،أو بمشاهدة أسماء إلهية من حيث أعيان أكوان خاصّة،أو بمشاهدة أعيان أكوان خاصة من غير ارتباط بأسماء إلهية،وإن كانت في نفس الأمر مرتبطة بها،ولكن يكون بينها وبين هذا العبد حجاب رَقيق..
حصل المقال على : 356 مشاهدة