السؤال 13 من اسئلة الجن

السؤال الثالث عشر: ما السبب المانع لنا من رؤية البارئ جل وعلا في هذه الدار..؟.

قلت:ذات الحق سبحانه وتعالى غيب، والإيمان بالغيب يدخل فيه جميع أركان الإيمان بالله وبملائكته،وبكتبه، ورسله ،واليوم الآخر ،وبالقدر خيره وشره.هذا كله إيمان بالغيب.

روى أحمد عن ابن عباس قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً له فأتاه جبريل عليه السلام لإسأله عن الاسلام فأجاب،وسأله عن الايمان فقال: الإيمان أن تؤمن بالله واليوم الآخر وملائكته والكتاب والنبيين، وتؤمن بالموت وبالحياة بعد الموت وتؤمن بالجنة والنار والحساب، والميزان ،وتؤمن بالقدر كله خيره وشره، قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت، قال: يا رسول الله حدثني ما الإحسان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإنك إن لم تره فإنه يراك.

الله تعالى ليس بجسم ،ولا صورة له،(ليس كمثله شئ)فلا يرى مطلقاً(لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) وقال تعالى حاكيا عن قوم موسى (فقالوا أرنا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهم الصَّاعِقَةُ بظلمهم ).” فــــأَخَذَتْهمْ الصَّاعِقَةُبالفاء التي تفيد الترتيب والتعقيب أي بمجرد ما قالوا أرنا الله اخذتهم الصاعقة،واعتبر الحق تعالى سؤالهم من باب الظلم (بظلمهم).ومن معاني الظلم وضع الشئ في غير محله.

قال موسى (رب أرني أنظر اليك)ولم يريه الله شيئا(لَنْ تَرَانِي) إنما كان التجلي للجبل فدك الجبل،لتجلي الربوبية (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا)هذا الجبل مع ضخامته وطوله وعرضه،لم يستحمل التجلي،التجلي وليس رؤية الله ،فما بالكم لوكان هذا التجلي مباشرة لموسى،لتشتت أعظاؤه ،ولوجدت ظفر ابهامه الايمن بالهند،والايسر بجنوب أفريقيا،وباقي اعضائه متناترة في باقي القارات.

فالذات البشرية لا طاقة لها برؤية الربوبية،بل الوجهة الحقية للنبوة المحمدية لا يستطيع الولي رؤيتها إلا بتقويتها إياه، فتكون بصره الذي يبصر به، فيراها بها.فالشمس ،وهي مخلوقة لا تقدر للنظر إليها مباشرة.

افترضوا أن الله يرى في الدنيا ،لوحصل ذلك لآمن كل الناس، وانتفت الحكمة التي من أجلها أوجد الله الناس في هذه الحياة،وهي الابتلاء،والامتحان(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَالْعَزِيزُ الْغَفُورُ)الكل سيومن،فالإبتلاء كان ليؤمن بعض الخلق بالغيب ويكفر البعض الآخر(الإيمان بوجوده سبحانه من الغيب).

وافترضوا أننا لو رآيناه في الدنيا وعصيناه،فلن يسمح لنا بالتوبة ،ولن يتوب علينا،وسيحدث لنا ما حدث لإبليس عندما امره الله بالسجود وعصى،فبهذا يظهر لك ان عدم رؤية الحق تعالى في الدنيا هي رحمة بنا.

وافترضوا أن الرؤيا ممكنة،فالكثير من الايات يجب حذفها،كقوله تعالى (هو الاول والاخر والظاهر والباطن) اذ لم يبق باطنا. وقوله تعالى(لا تدركه الابصار).وقوله تعالى (وما كان لبشرأن يكلمه الله الا وحيا أو من و راىء حجاب) وايات اخرى.          أما الاسماء الإلهية فستصبح 98 اسما.وإذا كان تعالى ظاهرا وليس له باطن فهذا ينفي عنه تعالى الكمال،

واذا كان الحق تعالى ظاهرا،فما هو المانع الذي يمنع الملائكة من الظهور كذلك؟ إذ لم يبق وجودا لأي مانع.  وما يمنعنا من رؤيتكم انتم الجن كذلك؟ ونحن نرى الله الذي خلقكم.؟

مجرد التفكير في رؤية الله في هذه الدار،يلحق الخلل بكل الدوائر.لهذا سماه الحق تعالى ‘ظلم(فَأَخَذَتْهمْ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ). 

أما إرسال الرسل فهو لإخبار الخلائق بوحدانيته ،وأنه واحد لا شريك له،والكون كله ناطق بوجود خالقه،وبعظمة خالقه،وأما في الآخرة فلما انتهى الامر والنهي والتكليف،تكرم الله تعالى بمنح المؤمنين رؤيته(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )،وقال عن الكافرين(كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ)

فالجنة ونعيمها اخافها الله علينا ،قال صلى الله عليه وسلم، “ فيها مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطرعلى قلب بشر” الجنة مخلوقة ومحجوبة علينا،لا نعرف عليه شيئا،فما بالكم بخالق الجنة.

واعظم نعمة في الدنيا هي معرفة الله ومحبته،واعظم نعيم الاخرة هي رؤية الربوبية ،ففي الدنيا علم اليقين وفي الاخرة عين اليقين.

واحسن من التطلع للمستحيل في الدنيا،الاستعداد للقاء الله،ولا يسمى اللقاء لقاء حتى تكون معه الرؤيا(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِالْمُؤْمِنِينَ)(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ)(مَنْ كَانَ يَرْجُولِقَاءَاللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ)(فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا) (لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِرَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).

عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:”إِذَا دَخَلَ أَهْل الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِقَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَاأُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواالْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾(مسلم).

وعَنْ جَرِيرٍرضي الله عنه،قَالَ: كُنَّاجُلُوسًاعِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ نَظَرَإِلَى القَمَرِلَيْلَةَ البَدْرِ،قَالَ:”إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ،لاَتُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ”(البخاري).

وفي روايةعن جريررضي الله عنه،قَالَ: قَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:”إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا“(البخاري).

وعَنْ عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ،قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلاَ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ(البخاري).

فلنتق الله،ولنستعد للقائه، ولا نجادل فيما ليس لنا به علم.

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد