السؤال (10): فإن قُلت: (بأيّ شيء يَختمونها؟)
الجواب: بالمنزلة التي يُعطيهم ذلك الإستفتاح،والإفتتاح مختلف،فالختام مختلف أيضاً،فلا يتقيّد. غير أنه ثَمّ أمر جامع وهو (الوَقفة) بين الإسمين: بين الإسم الذي ينفصل عنه،وبين الإسم الذي يأخذ منه،فإن بينهما إسماً إلهياً خَفياً به يَقع الخَتم،ولا يشعر به إلا أهل المجالس والحديث. وهو وجود سار في جميع الموجودات،لكن لا يُشعَر به لدقّته،كالخطّ الفاصل بين الظلّ والشمس: يُعقَل ولا يُدرَك بالحِسّ.. ولهذا يَعزّ العُثور على الحدود الذاتيّة،بخلاف الحدود الرسميّة واللفظية التي بأيدي العلماء. فقد يكون ذلك الذي يُختَم به (دَليل كَوْنٍ)،وقد يكون (دليل عَين)،وقد يكون (دليل ذات لا تقبل المظاهر). وهذا الأخير أعلى ما تُختم به النّجوى عندهم. ودونه دليل كون،وهو ما يُعطي مَظهراً ما. ودونه دليل عين،وهو الذي لا يقبل التغيير،وهو المُعبّر عنه بباطن المظهر. واعلم أن الأمر في النّجوى: (دائرة) تَنعطف بطلب أوّلها،فيكون عين الختم هو عين الإفتتاح،فينقسم بين أوّل وآخر وظاهر وباطن. فإذا إبتدأ فهو الظاهر،فإذا إنتهى صار الظاهر باطناً،وعادَ الباطن ظاهراً،فإن الحُكم له. فيبطُن الختم في الإفتتاح عند البدء،ويبطُن الإفتتاح في الختام عند النهاية. قيل في رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه (خاتم النبيين) فبَطُن بظهور خَتمه (كَونه نبياً وآدم بين الماء والطين). ولما ظهر (كونه نبياً وآدم بين الماء والطين)،وإستفتح به مراتب البشر،كان كونه (خاتم النبيين) باطناً في ذلك الظهور. وأما (الإلهية) فالوجود منه (وإليه يُرجع الأمر كله فاعبده)،بينهما (وتوكّل عليه) فيهما. (وما ربك بغافل عما تعملون) حيث أنتم مظاهر أسمائه الحُسنى،وبها تَسعدون وتَشقون. (والله معكم ولن يَترَكم أعمالكم). فسَلّم الأمر إليه واستسلم،تكن مُوافقاً لما هو الأمر عليه في نفسه،فتَستريح من تَعب الدّعوى بين الإفتتاح والختم. (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل).
حصل المقال على : 342 مشاهدة