السؤال السابع والعشرون

السؤال السابع والعشرون:

هل الترقّي في المقامات خاص بالسالكين منّا ومن الإنس،أم هو عام في الملائكة،وما معنى قوله تعالى(يا أهل يثرب لا مقام لكم) بلسان الإشارة؟.

الملائكة معصومون ومجبولون على العبادة.قال تعالى(يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لايَفْتُرُونَ) تسبيح الملائكة ذاتي لهم،من غير مَشقّة ولاجُهْد،مثل التنفّس عندنا هو حياتنا،لولاه لمُتنا. فنسبة التّسبيح لهم نِسبة الأنفاس لنا(لاَ يَفْتُرُونَ) بدون فتور يُسبّحون،كما بدون فتور نَتنفّس. وهذا الأمر اِقتضته نشأتهم،كما اقتضت نشأتنا التنفس ،والأكل والشرب، والتناسل .فتسبيحهم استمراري، في غير ليل ولانهار،لأنهم من عالم الملكوت.ومع كونهم ذَوات لاتتّصف بالتّعب أو الغفلة، أوالنوم.وكل واحد وتسبيحه، ومنهم الساجد ومنهم الراكع،(وما منّا إلا له مقام معلوم)مقامه معلوم،بل مقامه ذاتي له،وبالتالي فلا يحتاج الى الترقي،ولاتوجد بقعة في السماء الا وفيها ملك. وجبريل عليه السلام هو الوحيد الذي يحفظ كتاب الله.

ورد في الحديث القدسي:ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه،ولايزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته،كنت سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به،ويده التي يبطش بها،ورجله التي يمشي بها،ولئن سألني لأعطينه،ولئن استعاذني لأعيذنه” هذا مقام القرب وصاحب هذا المقام مقامه ألا مقام له،لأن الحق سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به…فالنبوة استقرت في وجدانه،هوناظر بها،سامع بها.فلم يعد يلتفت الى مقام،ولا يغريه الترقي،فطلب المقامات هو طلب غير الله،وقلبه لاوجود فيه لغير الله.

في الفتوحات ج2 الصفحة 187 يقول ابن عربي :…. قيل لأبي يزيد كيف أصبحت قال لاصباح لي ولامساء ،إنما هي لمن تقيد بالصفة وأنا لا صفة لي انتهى. فهذا البسطامي يتبرأ من الصفة ومن المقام.

يقول ابن عربي الباب 461 …..”قال الله تعالى(حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الْخِيامِ)وهم العارفون إشارة لا تفسيرا، المجهولون في العالم ،فلايظهر منهم ولاعليهم ما يعرفون به ،وهم لا يشهدون في الكون إلا الله ،لايعرفون ما العالم،لأنهم لايشهدونه عالما وهؤلاء يشهدون الحق عينًا،ويشهدون العالم إيمانا، لكون الحق أخبرهم أن ثم عالما فيؤمنون به ولا يرونه كما أن العالم يؤمنون بالله ولايرونه،فهم شهداء حق بحق،وهم في مَقْعَدِ صِدْقٍ فيما تحققوا به انتهى.

ففي هذا الباب يحكي الشيخ الأكبر عن عارفين مجهولين،لامقام لهم يقيدهم.ومن كان مجهولا فلا مقام له يميزه .

ويقول في الباب 462 « في الأقطاب المحمديين ومنازلهم»

اليثربي الذي لا نعت يضبطه *ولامقام ولا حال يعينه‏

مرخى العنان على الإطلاق نشأته *قامت فلا أحد منا يبينه

‏ من قال إن له نعتا فليس له *علم به عند ما يبدو مُكونه‏

فعلمنا إن علمناه يشير به *

وجهلنا هو في علمي يزينه‏

يقول ابن عربي في هذه الأبيات أن اليثربي لانعت له،ولامقام،ولا حال له يُعيِّنه،مطلق،فلا احد يُبينه.

يقول الشيخ الكتاني في كتاب الديوانة:..”الفرد المحمدي”يقع له إصطحاب،وراثة أحمدية محمدية، لكن بعد بلوغ الأشُدّ وهو”مقام التسويّة”التي يكون فيها قابلاً للنّفخ المشار له بقوله (فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي) و”التّسوية”هنا: عبارة عن إمداده بالقابلية المُستحقّ بها إجلاسُه على بُسُط “الخلافة الظاهرية والباطنية“وأما”النّفخ”فعبارة عن نفخ الروح الأعظم فيه من قُوّته الوُسْعيّة الإحاطية،القادربها على الجهتين التي من مُقتضاها الخلافة،وعند ذلك(فقعوا له ساجدين).

ويقول في نفس الكتاب :… على أن هذا أمر لايصحّ لصاحب فَلك القُطبية الاتّصاف بهذا الاسم( أي الاسم الاعظم)،إلا إذا كان العالم جملة وتفصيلاً في ظُفر إبهامه، ومنه وعلى يديه تخرُج الرقائق، كُلّ على قدر قابليته ،حتى ما وراء الحُجب السبعين أو السبعين ألفاً. فكيف يُقال في الآحاديين (مرتبة فوق الأفراد وفوق الكنوز الأربعة الذين لم يذكرهم غيري) وهو مقام فوق القطبية الكبرى، ولاتصرّف للقطب فيهم،بل ربما يؤثّرون فيه.ومقامهم في الديوان حجره صلى الله عليه وسلم أو جيبُه،فكيف بالصحابة على مراتبهم؟ فكيف بالأنبياء؟ فكيف بالرسل؟ فكيف بأولي العزم؟ فكيف بمن له الهيمنة على الكل انتهى.

فكما حكى لنا ابن عربي عن العارفين المجهولين،فالكتاني يحكي لنا عن القطب الذي أطلعه الله تعالى عن الإسم الأعظم، ويحكي لنا عن الآحاديين،ويقول أن مرتبتهم فوق الأفراد،وفوق الكنوز الأربعة،ويقول أن مقامهم في الديوان حجر مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،فانظر الى هذا القرب الذي لاقرب بعده، وتأمل هل صاحب هذه المرتبة يتقيد بمقام؟.لامقام له. المقام تقييد،والأولياء اصحاب المقامات القعساء مقامهم هو(وأن الى ربك المنتهى)ولا منتهى،والختم الأكبر عند وصوله الى الختمية،يقطع سبعة مراتب اخرى في سُلَم الترقي في الختمية،وإلا بقي ختما أصغرا،فمراتبهم خارجة عن الحصر والتقييد،ومنهم من رآى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،يقظة كيف يتقيد بمقام؟ وكيف يتقيد بمشرب؟؟.

فبلسان الحال أهل يثرب هم العارفون الذين اتصفوا بالإطلاقية،ومن كان مطلقا فلا يتقيد بمقام،ولامكان ولازمان، وتبقى صفة الإطلاقة ذاتية له،حتى بعد موتهم فأرواحهم تنتقل في الملكوت حيث شاءت، ومنهم من يحضر حصص الذكر والمواليد ،

وكما قال الكتاني رحمه الله تعالى:”….كان العالم جملة وتفصيلاً في ظُفر إبهامه،ومنه وعلى يديه تخرُج الرقائق“…

وهذه المقامات القعساء في سلم السلوك الصوفي،تكون على يد مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،فمن يدعيها وليس أهلا لها،إنما كذبا،وافتراء،وزورا وبهتانا، فكيف سيكون حاله عندما يقف أمام الله؟؟يوم(ليسأل الصادقين عن صدقهم) .في هذا اليوم، الصادق يسأل عن صدقه، والكاذب والمدعي؟؟؟  

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد