السؤال الثامن عشر
وسالوني عن معنى قوله تعالى في الحديث القدسي:ووسعني قلب عبدي المؤمن (الحديث) .ما المراد بهذا الوسع ؟.
ورد في الحديث:ما وسعني أرضي ولا سمائي،ووسعني قلب عبدي المومن.ذكره الغزالي في الإحياء،وقال الحافظ العراقي في تخريجه: لم أر له أصلاً . ووافقه السيوطي في الدرر تبعًا للزركشي،وكذا قال ابن حجر.
وكيفما كانت اراء العلماء فيه،فمعناه صحيح عند اصحاب الحقائق.
المومن من أسماء الله تعالي،وهو كذلك من أسماء سيدنا محمد (يومن بالله ويومن للمؤمنين)،والعبدية “عبدي “اشارة الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،فهو العبد المنسوب الى الله تعالى.قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده) عنده صلى الله عليه وسلم مناسبة مع الاحدية اذ هي محتده،ومجانسة مع الاسماء الالهية بقوة الاصطحاب ،فنبوته طرف فاعل في التجليات،لأنها الرحمة التي وسعت كل شئ، فهو الخليفة الكلي على الكون الالهي،ولابد للخليقة أن يكون على علم بأمور الخليقة،الذين استخلفه الحق عليهم ليسيرالكون وفق مراد الله، ويظهر ما يريد الله من إيجاد الملك وأهله( لولاه لم تخرج الدنيا من العدم ).
“ما وسعني أرضي ولا سمائي” …فهذا الحديث يخص سيدنا محمد بالأصالة ،الوسع هو من حيث تجلياته تعالى اللامحصوة،لا من حيث ذاته تعالى عن ذلك علوا كبيرا. فمن المحال بقاء الملك نفسين متتاليين على تجل واحد، لهذا الوسع الإلهي،ولدوام افتقارالكون الى خالقه في كل لحظة. كما يخص كبار العارفين اصحاب المقامات القعساء ،بالتبعية ،فقلوبهم كذلك تكون محل للتجليات الإلهية الجمالية لاالجلالية، والبعض من هذه التجليات يحمل في طيه علوما لدنية واسرار ربانية ،هبة محمدية أحمدية من الحق تعالى للعارف المقصود بها.
والتجليات الالهية هي علة الوجود،وكل الخلائق تسير تحت سلطانها.قال تعالى(بل هم في لبس من خلق جديد) ولم يقل تعالى بل” أنتم في لبس من خلق جديد”.فلم يشمل الخطاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،فليس له ضرة في الوجود اطلاقا.فنحن في خلق جديد بين تجل وتجل،ولولا هذا الوسع الإلهي،وهذه القيومية الإلهية ،لفنى العالم من حينه،ولا يسع هذه التجليات إلا قلب عبده المومن،لأن القلب، له التقلب مع التجليات الإلهية،وتجليات الحق سبحان وتعالي تُصطحب مع حضرة محمدية،وهي المعبر عنها بالقلب “قلب عبدي “: فالميم المدغمة، تشيرالى الحقيقة المحمدية وهي الميم المصطحبة مع اسم الجلالة ”الله “ اللهم. مـحــمـــمـــد = 132 وكسر كلمة قلب = 132 ،فالقلب هنا هو قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن عربي(كتاب المشاهد القدسية)قال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى“ما وسعني ارضي ولاسمائي ووسعني قلب عبدي ” فقلب العارف لا تدرك له نهاية، اذ هو محل نظر الله من العبد ،وموضع تجليه وحضرة اسراره ،ومهبط ملائكته ،وخزانة انواره ،وبحر علومه،انتهى.
والى هذه التجليات اشار ابن عربي في هذه الابيات :
قد صار قلبي قابلا كلَّ صورة= فمرعى لغزلان ودير لرهبانِ
وبيت أوثان وكعبةَ طائفٍ=وألواح توراةٍ ومصحفَ قرآن
أدين بدين الحُبِّ أنّى توجّهَت= ركائبُهُ فالدين ديني وإيماني
قال “مرعى لغزلان”ولم يخبرنا عن عرين الاسود،لأن كل التجليات الالهية التي تعرس بقلب العارف، كلها جمالية. ومن هذا الباب قال احدهم : حدثني قلبي عن ربي. وهذا القلب المخصوص بهذه التجليات هو الذي أثنى عليه الحق ووصفه بالسليم قال تعالى (يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم) والقلب السليم هو الذي حافظ على الفطرة الربانية السليمة،وبقي مُطهرا من الغل،والحسد،والكراهية،والغيبة،والنميمة،والرياء،والبخل،والكبرياء…صاحبه من المخلصين، ومن المقسطين، ومن الكاظمين الغيظ،ومن العافين عن الناس،ومن المنفقين،ومن الصابرين،ومن المستغفرين بالاسحار. ..يصل من قطعه، ويعطي من حرمه، ويعفو عمن ظلمه. فكل من طهر قلبه،أسرع سيره،وتقوى إدراكه ،وكان قلبه محل التجليات الالهية الجمالية” ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المومن“. كلمة قلب كررت في القرءان الكريم علي عدد حساب كسره أي 132 بإثني عشرة صيغة وهي قلب =6 .قلبك =3 . قلبه=8 . قلبها=1. قلبي = 1. قلبين =1. قلوب =21 قلوبكما =1. قلوبكم = 15. قلوبنا =6 . قلوبهم= 68 .قلوبهن= 1.
حصل المقال على : 111 مشاهدة