السؤال الثالث من أسئلة صوفية الجن

السؤال الثالث:

إذا كان لا حلول ولا اتحاد،فما القوة الحاملة للعبد،هل هي عين أم غير.. وما معنى حديث: كنت سمعه وبصره ويده..؟.
الجواب:

هذه مسألة لا يرفع الشّبهة فيها بالكلية إلا الكشف،فاعملوا على جلاء مرآة قلوبكم بالأعمال السنيّة والشّيَم المَرضيّة،وإلا فالعقل في حيرة من ذلك.. وأما حديث: كنت سمعه الذي يسمع به(الحديث)،فمعناه أنّي أكون أفعل له مايريد بجميع قِواه،فعبّر عن أثار المعاني القائمة بهذه الأعضاء بنفسه تعالى لأنه هو الفاعل لها الموجد لها في العبد.. فللحق تعالى الفعل بلا آلة وله الفعل بالآلة،وأكثر من ذلك لا يُقال لعلماء الإنس فضلاً عن مؤمني الجن،والله أعلم..

قــــلــــت :

لاحلول ولا اتحاد ولاوحدة وجود،والقوة الحاملة للعبد هي الأسماء الالهية،المتجلية في الكون والمسيرة له بأياد خفية،ومع كل تجل حضرة من حضرات النبوة المحمدية، والكل مسطر في القرءان الكريم (ما فرطنا .في الكتاب من شيء)وتابع للإرادة الإلهية الأزلية.فالكون يسير وفق ما قدره له الله تعالى

والأسماء الإلهية عين وغير،هي عين لأصحاب الكشف،أصحاب وحدة الشهود،الذين لايرون في الكون الا التجليات الالهية (فأينما تولوا فثم وجه الله)وهي غير لمن قلبه متعلق بالأسباب ،يتوكل عليها ويراها فاعلة في الوجود. وهذا شرك خفي،قال تعالى (وما يومن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون).

فالمومنون حقا توحيدهم خالي من الشرك الخفي،يأخذون بالأسباب ويعرفون أن الفاعل الحقيقي هو الحق تعالى.وهذا هوحقيقة قوله تعالى(فاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ).“لَا إِلَهَ”هو نفي ما سوى الله من القلب، حتى إذا صار القلب خليا من كل ما سوى الله،دخل حضرة الإثبات” إِلَّا اللَّهُ “.التي تساوي كسرا 98 ،وهذا العدد يشير إلى الأسماء الإلهية الحسنى،التي تحت رئاسة اسم الجلالة “الله“،فالاثبات يظهرها ،فيشرق التوحيد الحق في القلب إشراقا يمحي كل شرك خفي،ويعلم أن الرزاق هو الله،والمعطي هو الله،والمانع هو الله … فلا يرى فاعلا حقيقة إلا الله،ولا موجودا حقا إلا الله.

ألا كل ما خلا الله باطل●وكل نعيم لا محالة زائل

أما الذات الالهية فلا هي غير،ولاهي عين،فلامناسبة ولامجانسة لها المخلوقات.“تفكروا في ءالاء الله ولا تتفكروا في ذات الله”(الحديث).

يقول الجيلي:المتكلم في ذات الله صامت،والمتحرك ساكن،والناظر باهت،لأن الشيء إنما يفهم بما يناسبه فيطابقه ،أوبما ينافيه فيضاده،وليس لذاته في الوجود مناسب،ولامطابق،ولامناف،ولامضاد…وقد منع أهل الله التجلي بالأحدية فضلا عن الذات…أما ذات الله فهي عبارة عن نفسه، وهي غيب لاتدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة (الإنسان الكامل).

وما معنى حديث: كنت سمعه وبصره ويده..؟.

عندما يُصفى الولي قلبه من الغل، والحقد، والحسد،والغيبة،والنميمة،والرياء،والكبرياء،والسهو،واللغو، واللهو…ويصقل قلبه بالذكر ، والمجاهدات والطاعات…ولا يبقى للسوى في قلبه اثر،تتحد نفسه مع روحه، وتصير نفسه هي روحه،وروحه هي نفسه،و يصبح نورانيا،فيكون محلا لاستقرارالصفة النبوية في باطنه. كان شيخي رحمه الله يقول”لوأزلتم جلبابي لوجدتم محمدا سول الله،وكان يقول من عانقني فكأنما بعانق محمدا سول الله.

فهذا يعنى ان الصفة النبوية تستقرفي بصيرة العارف،فيصير بها يسمع،وبها يبصر،وبها يبطش…فهو ناظرلا بعيانه، سامع لابآدانه،ناطق لابلسانه،بل التصرف للنورالمحمدي الأحمدي،الذي استقر ببصيرته (قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني) وهذا المقام هو من اعلا مقامات التصوف ،سماه الحكيم الترمذي مقام القرب،ويقول عنه ابن عربي :هومقام بين الصديقية،والنبوة التشريعية،ويضيف هو مقام النبوة اللاتشريعية،وانكر وجود هذا المقام ابوحامد الغزالي وقال قولته المشهورة، رقاب الصديقين لاتتخطى.

وأصحاب هذا المقام تروحنوا،ونورانيتهم قوية،ويكون عندهم معراج يخصهم بأرواحهم،ويروا النبوة المحمدية كثيرا بالمنام،وربما رأوها يقظة ،وأقول”ربما” لأن الرؤية المحمدية يقظة متعلقة بالإرادة الإلهية وبالنبوة المحمدية ،هذه الرؤيا لا مشروطة ولا مقيدة.وإذا ماتوا الأرض لاتأكل أجسامهم ،لو فتحت قبرهم قرنا بعد موتهم تراهم كيوم دفنوا.

فليكن الغالب علينا نحن المسلمون،شهود قيومية الحق سبحانه وتعالى،وأن كل شيء في خزائنه،وأنه هو الرزاق،والمعطي والمانع،والضار والنافع…..وهذا ليس أمرا بترك الأسباب،إنما المقصود إفراغ قلبك من هَمِّ الرزق وخوف الخلق،وإنما يتوكل على الله من لايرى فاعلا سواه.
للقلب عين تسمى البصيرة افتحها،تجد الله في كل شئ،وعند كل شئ ،ومع كل شئ، وفوق كل شئ ،وقريبا من كل شئ، ومحيطا بكل شئ (هوالأول والآخر والظاهروالباطن)،وهو هو.“كان الله ولا شئ معه”...وهو الآن على ما عليه كان

فلاعلاقة للخالق مع الخلائق،هو تعالى من حيث ذاته لا مناسبة معهم،ومن حيث أسمائه عينهم(ان ربهم بهم)،ولا وجود لوحدة الوجود.إنما هي وحدة الشهود، شهود سريان الحقيقة المحمدية في كل جزئيات الوجود.والكون كله تسيره التجليات،وهي بذاتها علة المعرفة التي يقدفها الله في قلب المومن،بعد أن تُجْلَى مرأة قلبه،بالطاعات والمجاهدات،وبتوجيه الهمة إلى الله تعالى وحده،فلايتوكل على غيره،ولا يرى فاعلا سواه، فيرحل صعودا عبر دوائرالوجود حتى يصل إلى المشاهدة التامة بعين البصيرة،فيستيقظ من نومه، فالعارف عندما يصل إلى هذه النقطة المشاهداتية، لايرى إلا وجه الله،وإن تعددت الصور،وتعددت المظاهر ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾.

والتجليات الإلهية هي التي تسير الكون، حتى ورقة عندما تسقط من شجرة فلا تسقط من تلقاء نفسها ودون ارادة خالقها، تسقط بتجل إلهي(وَمَاتَسْقُطُ مِن ورقة إِلَّايَعْلَمُهَا وَلَاحَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَايَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) والتجليات تخرج من البيت المعمور،وتمرعبر الكعبة….وللحديث بقية.

حصل المقال على : 344 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (1)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد