مَا ذُكِرَ اسْمُ مُحَمَّدٍ فِي القُرْءانِ المَجِيدِ إِلاَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ،ثَلاَثَةٌ مِنْهَا سَتَرَهُ الحَقُّ بِالرِّسَالَةِ،قَالَ تَعَالَى{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ،وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتِمَ النَّبِيئِينَ}،وَقَالَ جَلَّ جَلاَلُهُ {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ،وَالذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ}وَمَرَّةً سَتَرَهُ بِالحَقِّ وَهِيَ صِفَةٌ أُخْرَى لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ،فَقَالَ تَعَالَى{وَءامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحَقُّ}.فَيَظْهَرُ مِنْ خِلاَلِ هَذِهِ الآيَاتِ أَنَّ مُحَمَّداً مَكْتُومٌ وَمَسْتُورٌ بِالرِّسَالَةِ التِي هِيَ صِفَتُهُ،لِهَذَا خَاطَبَهُ الحَقُّ فِي القُرْءانِ المَجِيدِ بِالصِّفَةِ وَلَمْ يُخَاطِبْهُ بِالإِسْمِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً.قَالَ تَعَالَى{يَاأَيُّهَا النَّبِيءُ،يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ،يَاأَيُّهَا المُزَّمِّلُ،يَاأَيُّهَا المُدَّثِّرُ}وَخَاطَبَ غَيْرَهُ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ بِأَسْمَائِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى،{يَاءادَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ}،{يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ}،{يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}،{يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَتِي وَبِكَلاَمِي}،{يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}،وَلَمْ يُخَاطِبْهُمْ بِالصِّفَةِ مِثْلَهُ قَطُّ. لِهَذَا تَقَرَّرَ عِنْدَ العَارِفِينَ بِاللَّهِ الكِبَارِ أَنَّ رُؤْيَةَ الأَفْرَادِ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ تَكُونُ مُغَلَّفَةً بِالصِّفَةِ ،وَلَمْ يَظْهَرْ بِذَاتِهِ المُحَمَّدِيَّةِ لَهُمْ حَتَّى تَتَكَرَّرَ رُؤْيَتُهُمْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً كُلُّهَا صِفَاتِيَّةٌ،وَعَلَى رَأْسِ الأَرْبَعِينَ يُرَى لَهُمْ وَهُوَ مُرْتَدِياً بِأَسْمَاءِ اللَّهِ التِّسْعَةِ وَالتَّسْعِينَ،وَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ شَجَرَةً عَالِيَةً كَبِيرَةً عَلَى ظَهْرِ البَحْرِ، وَ التِّسْعَةُ وَالتِّسْعُونَ مُتَّصِلَةٌ بِهَا كَعُرُوقِهَا نَازِلِينَ فِي المَاءِ كَالحِبَالِ،وَهِيَ(أَيْ الشَّجَرَة) تُكَلِّمُ مَنْ يَرَاهَا وَتَقُولُ لَهُ،أَنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ،أَنَا المُصْطَفَى اصْطَفَانِي اللَّهُ رَئِيساً لِكَوْنِهِ{كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَاثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُوتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}وَلاَزَالَتْ تُنَادِيهِ حَتَّى يَلْتَفِتَ إِلَيْهَا الرَّائِي وَيَعِي مَا تَقُول.وَبَعْدَ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ التِي وَصَفْتُهَا لَكَ يَا وَلِي، وَلَمْ تَجِدْ مَنْ يَصِفُهَا لَكَ وَصْفاً دَقِيقاً مِثْلَ مَا وَصَفْتُ، يُفْتَحُ مَجَالٌ لِلرُّؤْيَةِ المُحَمَّدِيَّةِ الهَيْكَلِيَّةِ النُّورَانِيَّةِ ،وَشَتَّانَ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالرُّؤْيَةِ. وَمَنْ لَمْ يَرَهُ كَالشَّجَرَةِ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ لاَزَالَ مَحْجُوباً بِالصِّفَةِ. وَمَنْ غَرقَ فِي بَحْرِ الحَقَائِقِ مَعَ قَائِدِهِ وَالتِحَافِهِ بِالرَّقَائِقِ مَعَ الاِجْتِهَادِ فِي الطَّاعَاتِ، وَالاِجْتِنَابِ وَالاِمْتِثَالِ وَالاِسْتِمْرَارِ عَلَى ذِكْرِ اِسْمِ الجَلاَلَةِ،وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ،بِسَبَبِ ذَلِكَ يُمْكِنُ لِلرُّؤْيَةِ الإِسْمِيَةِ أَنْ تُرَى قَبْلَ الأَرْبَعِينَ،بَلْ تَكُونُ عَلَى رَأْسِ إِحْدَى عَشَرَمَرَّةٍ فَقَطْ،وَقَلِيلٌ مَا هُمْ{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ءاخِذِينَ مَا ءاتَاهُمْ رَبُّهُمْ،إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ، كَانُوا قَلِيلاً}،{ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ}وَلَقَدْ كَشَفْتُ لَكَ النِّقَابَ،وَرَفَعْتُ عَنْكَ الحِجَابَ ،وَعَرَّفْتُكَ بِالبَابِ،فَكُنْ مُجْتَهِداً يَا وَلِي،وَطَامِعاً فِي الدُّخُولِ عَلَى حَضْرَةِ المَلِكِ فَاشْكُرْنِي عَلَى السَّيْرِ مَعَ هَذَا الطَّرِيقِ،وَتَحْقِيقِ مَافِيهِ مِنَ العَلاَمَاتِ وَالصِّفَاتِ مِنْ غَيْرِ ضَيْقٍ.وَعِنْدَمَا يَصِلُ المُصَلُّونَ فِي صَلاَتِهِمْ إِلَى كَلِمَةِ مُحَمَّدٍ، لِيَصِفُوهُ بِصِفَةٍ مُرْضِيَةٍ تَلِيقُ بِجَنَابِهِ العَظِيمِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ،وَتَلِيقُ بَالجَنَابِ العَلِيِّ الكَبِيرِ الأَعْظَمِ….آخ.
من نفحات شيخي رحمه الله تعالى وقدس سره