الحُلُم والرؤیا :يعبر عما يراه النائم في نومه بالحُلم والرؤيا،وقد فسرأصحاب معاجم اللغة الرؤيا بالحُلُم ، والحُلُم بالرؤيا دون أيما تفريق؛لأنهما كذلك عند العرب،ولكن الشارع فرق بينهما،والتفريق من اصطلاحات الشرع ؛إذ خص الرؤيا بالصادقة منها،والتي تكون من عند الله تعالى،أما الحُلُم فيكون في المنامات الباطلة، التي تكون من الشيطان وقد صدق ذلك القرآن الكريم والحديث الشريف ،فالرؤيا في القرآن الكريم ترِد في رؤيا الأنبياء عليهم السلام وهي رؤيا حق؛لأنها محض إلهام بدليل قوله سبحانه(وماجعلْنا الرؤيا التَّي أَر يناكَ إِلاَّفِتْنةً لِلناسِ (الإسراء: 60).فنسبها إلى نفسه سبحانه،أما دليل صدق الرؤيا فقوله( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) وقال سبحانه في تصديق إبراهيم لرؤياه حين امتحِن بذبح ولده(وناَديناه ان يا ابراهيم قَد صدقْت الرؤيا إِناَّكَذَلكِ نَجزِي المْحسِنِين)ومما يدلُّ على أن الرؤيا فرع من شعب النبوة ،قوله صلى الله عليه وسلم :“الرؤيا الصالحةُ جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوةِ وقوله صلى الله عليه وسلم :أيها الناس لم يبق من مبشراتِ النبوةِ إلاَّ الرؤيا الصالحةُ يراها المسلم أُو ترى له” قد وردت الرؤيا مع غير الأنبياء ،وهي رؤيا ملك مصر؛إذ كانت رؤيا حقّةً ، قال تعالى(و قَالَ المْلِك إِنيِّ أَر ىسبع بقَراتٍ سِمانٍ يأْكُلُهن سبع عِجاف وسبع سنبلاتٍ خضْرٍوأُخر يابسِات ياأَيها المْلَأُ أَفْتُونيِ فِي رؤياي إِن كُنتُم لِلرؤيا تَعبرون” ومما يدلِّل على أنَّ الاستعمال القرآني يفرق بين اللفظين أن الملأ أجابوا فِرعون عن رؤياه بقولهم كما حكى ذلك القرآن الكريم ( قَالوُا أَضْغَاث أَحلامٍ و ما نَحن بِتَأْوِيلِ الأْحلامِ بِعالِمِين ) (يوسف: 44). فهم أنكروا رؤيا الملك فوصفوها بأضغاث أحلام ، والضِغث كل شيء مختلط،والمعنى أنها أخاليط أحلام ،وأخاليط الأحلام لاتصلح للتعبير، قال الزمخشري: (إما أن يريدوا بالأحلام المنامات الباطلة خاصة فيقولوا : ليس لها عندنا تأويل ، فإن التأويل إنما هو للمنامات الصحيحة الصالحة ، وإما الرؤيا من اللهِ .
وبقِي أن نقول في الحُلُم إن الاحتلام فرع منه ،ولكنه خاص بما يخيلُ للحالم في منامه من : قضاء الشهوة فيما لاحقيقة له ؛لأنه من الشيطان وقد قال رسول الله.: والحُلُم من الشيطانِ ولم ترد الأحلام في القرآن الكريم إلاَّ جمعاً،في حين إن الرؤيا اختصت بصيغة المفرد، وفيه نكتة أشار إليها الزمخشري على أنها تزيد في وصف الأحلام بالبطلان فجعلوه جمعاً، قال تعالى( بلْ قَالوُا أَضْغَاث أَحلامٍ بل افْتَراه بلْ هوشاعِر)( الأنبياء: 5 ) . وبقي لنا أن ننبه على أنَّ كثيرًا من الباحثين ،وقع في الوهم بعده آية الطور(ام تامرهم احلامهم بهذا ام هم قوم طاغون) من الحُلم الذي يراه النائم ، والقول الفصل في ذلك إن الأحلام هنا مأخوذة من الحِلْم ، ويشارإليها هنا بالعقول ؛ أي أم تأمرهم عقولهم ذا ، هذا ما أجمع عليه المفسرون. منقول