الحقيقة

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه

اعلم يا طالب المعرفة أن الحقيقة لا تنال الا باتباع الشريعة،فمن أراد أن يحصِّل أنوار الحقيقة باطنا،فليُقِم ميزان الشريعة ظاهرا .                              “مايزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه”

الحقيقة واحدة والوصول اليها يختلف باختلاف السالكين،ويرجع اختلاف السالكين إلى اختلاف الطبائع ،وقوة الادراك،وقوة الهمة أو سقمهما عند كل سالك،مما يؤدي إلى اختلاف النتائج التي يصلون إليها .فكل سالك يقف عند حدود معراجه الخاص، ويعبرعن معرفته الخاصة التي تعكس المدى الذي وصل إليه في سلوكه.

والحقيقة هي معرفة الله أي معرفة اسمائه وصفاته .

وهي معرفة نبي الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،ومعرفة اسرار القرءان والكشف عن وعاء ابي هريرة المكتوم .قال  رضي الله عنه:” أخذت عن رسول الله وعائين فأما أحدهما فبثتته فيكم ،أما الآخر لو بثتته قطع مني هذا البلعوم”.

فإذا وفقك الله تعالى الى صحبة عارف غارف ،يقيك في طريقك المهالك ويقود راحلتك من جنة الزخارف الى جنة المعارف، فتتمكن من أن تلحق قطرة وجودك ،ببحر الحقيقته المحمدية،و تفوز بالسعادة الدينية والدنيوية والاخروية،وحق لك أن  تقول ما قاله الشيخ عبد القادر الجيلاني : ما رفع النبي صلى الله عليه وسلم  قدما الا وضعت قدمي موضع قدمه إلا قدم النبوة العظمى،والمكانة الزلفى والوسيلة  الكبرى فإنه مخصوص بها صلى الله عليه وسلم” .

تمسك بحبل الله المتين حتى تصل الى عين اليقين “عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرا” .”عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ” يشرب بها ولم يقل يشرب منها،فهي العين وهي الاناء.هي السقاية والسقي، فإذا تفجرت ينابيع قلبك بالحكمة فإنها هي التي تطلب منك أن تجني ثمارها” يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرا” وإذا ذُقت طعمها، بُحْتَ لا شك بحلاوتها “أما بنعمة ربك فاحدث” ولانعمة أعظم من معرفة الله.                                                                                    قال رفاقنا “نحن على لذة لو عرفها الملوك لجالدونا عليها ” فاصبر واصطبر، وفاكهة الصيف لا توكل في الشتاء،لكل شئ إبانه .                                                                                                                     ولاتنس فالشريعة أنت طالب لها ،والحقيقة هي تطلبك .

قال الحارث المحاسبي:عملت كتابا في المعرفة فأعجبني فدخل علي شاب عليه ثياب رثة وأنا أنظر إلى الكتاب مستحسنا إياه فقال لي : يا أبا عبد الله المعرفة حق للخلق على الحق، أم حق للحق على الخلق ؟ قلت حق للخلق على الحق. قال هو أولى أن يبذلها لمستحقيها .قلت بل حق للحق على الخلق .قال هو أعدل من أن يظلمهم .فأخذت الكتاب وحرقته وقلت لا أعود أتكلم في المعرفة أبدا .

واظن أن هذا الشاب الذي حكى لنا عنه المحاسبي هو الخضر عليه السلام، كاشفه بما في سريرته ، والمحاسبي لم يعرفه،                                    فلنجتهد لنلحق بقافلة اهل الله ونرجو الله التوفيق والعون على ذلك .

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد

حصل المقال على : 1٬515 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد