تنبيهات على علو النبوة المحمدية”السادس عشر

تنبيهات على علو مرتبة النبوة المحمدية

 التنبيه  السادس  عشر:

اعلم ايها المحب لهذا النبي الكريم الباحث عن تفاصيل جُمل قدره العظيم. ان حقيقة الإيمان هو سيدنا محمد  . 

قال تعالى”وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ
وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ
مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ(الشورى)

قال تعالى “وَكَذَلِكَ أوحَيْنا إِلَيْكَ روحاً مِنْ أَمْرِنا”: أي القرءان . ولم يقل بأمرنا.

و(من) للبيان وليست للتبعيض اذ كل الاوامر الالهية في القرءان،والخطاب لسيدنا محمد. قال تعالى “جعلناه نوراً ” ولم يقل جعلناهما، فالكتاب المذكور،هو الإيمان لا فرق بينهما . صفتان لحقيقة واحدة.

وهذه الاية تنوه وترفع من قدر،وعظمة هذا النبي الكريم .وتشير كذلك الى اقدمية نبوته، ففي البسائط الكونية الأولية، قبل القبل ،الوحي الاولي ، كان بدون وساطة جبريل ،فلا يمكن الكلام في هذه البسائط الازلية عن الكتاب ولاعلى الايمان ، ولاعلى النبوة، اذ متعلقهما عالم الظهور.ومن هذا الباب سمى تعالى القرءان في هذه الاية “روحا” ففي البسائط الأولية كان نورالنبوة متصفا بالعبدية المحضة لخالقه ولا يعرف غير خالقه ” قل ان كان للرحمن ولد فأنا اول العابدين”ولم يقل  تعالى (اول النبيئين).

“ما كنت تدري”|،الدراية مصدر درى بالشيء : أي علمه ، بناء على استعمال الفكر والرأي . لَهُ دِرَايَةٌ : أي له عِلْمٌ ،مَعْرِفَةٌ، ومن معاني الدراية الوعي والادراك والشعور بالاحداث والاشياء والافكار والعواطف (معاجم اللغة) ‏فعلم الحديث  مثلا دراية‏ .

قال تعالى في اية اخرى:”قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ. يَهْدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ” ولم يقل يهدي بهما، فالنور والكتاب المبين ، حقيقة واحدة.

وبعد الظهورعُرفت حقيقة  النور، وعرف الكتاب والايمان ،فجُمعا في ضمير واحد “جعلناه نورا”.”يهدي به” وهو نور النبوة ،وانك يا محمد برسالتك وكتابك وإيمانك” يومن بالله ويومن للمومنين”” لتهدي الى صراط مستقيم”.

و انتبه الى حذف الف( ٱلۡكِتَٰبُ) و(ٱلۡإِيمَٰنُ)و(جَعَلۡنَٰهُ).

حذفٌ يحمل في طيه اسرارا  كثيرة.

ومن ذاق(عرفانيا) مراتب الوجود يعرف انه لا يمكن الكلام عن الكتاب وعن الايمان في الدوائر الاولية الباطنة،الظهور بدأ من دائرة الرحمانية : ظهور كل المظاهر الكونية بما فيهم  الملائكة ،والانبياء، والرسل ،والناس، وباقي الكائنات ، وبما فيهم الحروف الهجائية،وابليس اللعين كذلك. أما بالنسبة لابن عربي فالظهور بدأ من دائرة العقل الأول. وهذه الحقائق إِدراكها رقيق وشائك، وتحتاج الى جلسات لتقريب الفهم الى السالك،ويكفيك انه لم يتطرق الى مراتب الوجود بين الالاف من العارفين إلا ابن عربي، والجيلي،والكتاني،و شيخي قدس الله سره.

قال تعالى”يوم لايخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير (التحريم)

وفي سورة الحديد قال تعالى” يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم”.         

ولعلك لاحظت ان في سورة التحريم ورد ذكر النبي وقُدم النور على السعي “نورهم يسعى” فهو نور النبوة وعندما عرفه الذين ءامنوا طلبوا الزيادة ،وطلبوا المغفرة عن كل ما يحول بينهم وبين هذه الزيادة .اما في سورة الحديد  فتأخر ذكر النورعلى السعي “يسعى نورهم” النور هنا هو ايمانهم وعملهم كل واحد على قدر اجتهاده .

الايتان تبينان أن حقيقة الإيمان نور محض.

ولما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نور ،و أول نور،وأصل كل نور، فهذا يعني  لكل لبيب اريب ،أن هذا الإيمان هو سيدنا محمد صلى الله عليه، “يومن للمومنين” ويعضد هذا قوله تعالى : “و مَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”. وأقام الحق تعالى الايمان مقام شخص ” ومن يكفر بالايمان” “و من يكفر بمحمد فقد حبط عمله. لهذا فالايمان يزيد وينقص ،بحسب استعداد كل شخص  للإقتباس من هذا النور المحمدي “لن يومن أحد حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”   .

 انتبه الى قدر نبيك ولا تكن تيمي المذهب ،وهابي المشرب لاترى الا يتيم قريش وفقيرها.

لا تكن  من الجاهلين الغافلين ،فهذا هو التنبيه السادس عشر، وأرجو الله ان يفتح بصيرتك ،ويزيل  اقفال قلبك ،وتوضح لك الرؤيا ،ويبدد الغمام الحاجب بصرك عن شمس الوجود والسبب في كل موجود. “اول ما خلق الله نور نبيك يا جابر” فكن جابر زمانك.واجبر كسور نفسك وانصداع عظم فهمك بمعرفة نبيك. ولا تكن اعمى في الدنيا اعمى في الاخرة “وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً”. فعلى قدر معرفتك بالله وبنبيه في الدنيا تبعث يوم القيامة.

 انتبه نور الله قلبي وقلبك وضاعف في هذا النبي حبي وحبك.

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه.

ابن المبارك

حصل المقال على : 1٬493 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد