التصوف هو علم الباطن

التصوف هو علم الباطن

اِعلم أن طريق التصوف،طريق جِدٍ لاهَزْل،وطريق حَقّ لاباطل،وطريق صدق لا كذب،وإخلاص لارياء ولامُداهنة الناس.وعلى قدرتحقّقك بمقامات الطريق تَصْفو مرآة باطنك،وتتفجّر ينابع الحكمة من فؤادك، و”من عرف نفسه عرف ربّه”.

فمعرفة الربوبية موقوفة على القيام بآداب العبودية،أي معرفة الحقيقة موقوفة على اتباع الشريعة،فالتزم بالشريعة تَظْفر بالحقيقة،وإلا”فما حقيقة إيمانك.”(الحديث).

واعلم أن التصوف هو الحال الذي كان عليه باطن الصحابة،فلنحمد الله أن أنزلنا منزلة أهل وِدَاده،وأنزلنا مولانا رسول الله منزلة إخوانه. 

اِعلم أن طريق القوم:اِتّباع،واجتماع،واستماع.إتّباع للسنة النبوية الشريفة،واتّباع لأوراد الطريقة،والإقتداء بالسّلف الصالح،واجتماع للذكروالمذاكرة في أسرارالقرءان، في الأحاديث النبوية،في كلام القوم.فلا سَيْر بدون اتّباع،ولا اتّباع بدون ذكر ومُذاكرة. والذئب يأكل من الغنم القاصيّة.
قال العلامة الشريف الجرجاني في(التعريفات): التصوف مذهب كلّه جِدّ،فلا تخلطونه بشيء من الهَزْل.وهو تصفيّة القلب عن مواقف البرية،ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد الصفات البشرية،ومجانبة الدّعاوي النفسانية،ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلّق بعلوم الحقيقة،واستعمال ماهو أولى على السرمديّة،والنّصح لجميع الأمة، والوفاء لله تعالى على الحقيقة، وإتباع رسول الله في الشريعة انتهى.

وقال الإمام فخرالدين الرازي في كتابه(إعتقادات فرق المسلمين والمشركين):الباب الثامن في أحوال الصوفية:اِعلم أن أكثر من حَصَر فرق الأمة لم يذكر الصوفية،وذلك خطأ،لأن حاصل قول الصوفية:أن الطريق إلى معرفة الله تعالى هو التّصفية،والتجرّد من العلائق البدنية،وهذا طريق حسن.والمتصوّفة قوم يشتغلون بالفكر وتجرّد النفس عن العلائق الجسمانية،ويجتهدون،لايخلو سرّهم وبالُهم،عن ذكر الله تعالى في سائر تصرّفاتهم وأعمالهم،مُنْطَبعون على كمال الأدب مع الله عزوجل.وهؤلاء هم خير فرق الآدميين انتهى .

قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :”إن للقرآن ظهراً وبَطناً وحَدّاً ومطّلعاً”(إبن حبان).وقال:”إن من العلم كهيئة المكنون لايعلمه إلا أهل المعرفة بالله تعالى،فإذا نَطقوا به لم يجهله إلا أهل الإغترار بالله تعالى،فلا تحقروا عالماً آتاه الله تعالى علماً منه،فإن الله عز وجل لم يحقره إذ آتاه إيّاه”(أخرجه الدليمى فى سند الفردوس والجامع الكبير للسيوطى).

روى البخارى عن أبى هريرة أنه قال:حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وِعاءين،فأما أحدهما فبثثته،وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم”.                فالتصوف هو العلم المكنون،وهو الوِعاء الذي لم يبح به ابو هريرة

التصوف هوعلم الباطن وهوعلم الحقائق وعلم اليقين.وِعاء به أسرار،سترت عن الأبصار،ولم تعثر عليها الافكار،ولا الضمائر،إلا البصائر(قل هذه سبيلي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي).

قال الإمام زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم:
يارب جوهرعلم لو أبوح به●لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسلمون دمي●يرون أقبح ماياتونه حسنا

فالاسلام ليس دينا جافا،ينحصر في مجرد حركات يقوم بها المسلم 5 مرات في اليوم، وصيام،وزكاة،وصوم،وطواف،وسعي …التصوف هو مقام الاحسان أي”أن تعبد الله كأنك تراه”هو شراب عرفاني صرف،لايُمزج لا بالسياسة،ولا بحب الرياسة،ولابحب الدنيا ولابحب الظهور…كل مزج يسئ إليه،ويخرجه عن طبيعته،ويفقده روحه.

التصوف سلوك قلبي إلى الله(إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)والى سيدنا محمد رسول الله،كله حقائق وأسرار،تضفي على عبادتك الحلاوة،التصوف هو السعادة في العبادة، خصوصا من كان لك نصيب في رؤيا النورالمحمدي الأحمدي يقظة،أومناما،فيابشراه وياسعداه.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”طُوبَى لمن رآني وآمنَ بي،ومن رأَى من رآني،ومن رأَى من رأَى من رآني”.

التصوف يعبرعن البعد الباطني للإسلام ،وإنه السبيل الى معرفة الله،والى معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم.فهو نصيبك من الدنيا(وَلَاتَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا)(القصص) .فإياك أن تنساه.حاول الوصول الى بواطن الأمور،ولا تبقى مع القشور.فالصوفي لايتطلع إلى جاه،ولا يطلب شهرة،ومن أحب الظهورفهو عبد الظهور.

كنت في بداية سلوكي لطريق القوم يُغضبني كلام النقّاد والطاعنين في التصوف،أما الآن فلَعُمْري إني أراه أشْبَه بهذيان المَحْموم أوعربدة السّكران،كلاهما لا يدري مايقول ولاعلى ما يتكلّم(فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ)(ال عمران).

أما تعريف التصوف في زمننا هذا وحسب تجليات،وفتوحات عصرنا هو:معرفة القرءان بسيدنا محمد،ومعرفة سيدنا محمد بالقرءان.وتعريف ثاني أبلغ،وأرق: التصوف هو معرفة الاصطحاب.

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد