بسم الله الرحمن الرحيم
التصوف:عرفه أبو محمد الجريري: الدخول في كل خُلُقٍ سَنِيّ، والخروج من كل خلق دَنِيّ. وعرفه أبو بكر الكتاني: التصوف خلق. فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف . وعرفه أبو حامد الغزالي: هو قَطْع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة حتى يُتَوَصَّل بها إلى تخلية القلب عن غير الله تعالى، وتحليته بذكر الله . وعرفه الشيخ عبد القادر الكيلاني قَدَّس الله سِرّه: الصدق مع الحق، وحسن الخُلُق مع الخَلْق .وعرفه أبو حفص الحداد: التصوف كله أدب: لكل وقت أدب، ولكل مقام أدب، ولكل حال أدب. فمن لزم آداب الأوقات بلغ مبلغ الرجال، ومن ضيع الآداب فهو بعيد من حيث يظن القرب، ومردود من حيث يظن القبول . وعرفه أبو محمد رويم: التصوف مبني على ثلاث خصال: التمسك بالفقر والافتقار، والتحقق بالبذل والإيثار، وترك التعرض والاختيار . وعرفه السيد الجرجاني: التصوف: الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرًا فيُرَى حكمها من الظاهر في الباطن، وباطنًا فيُرَى حكمها من الباطن في الظاهر، فيحصل للمتأدب بالحكمين كمال . فالتصوف علم الأخلاق في الإسلام وهذا يعني أن ثلث الإسلام تصوف، وأن من لا تصوف له فقد أخل بركن من أركان الدين. يقول الشيخ زروق: نسبة التصوف في الدين نسبة الروح من الجسد لأنه مقام الإحسان الذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام أن تعبد الله كأنك تراه… الحديث، إذ لا معنى له سوى ذلك . ومن هنا شَرَفُ هذا العلم، وكانت نسبته من العلوم أنه كليٌّ لها وشَرْطٌ فيها، إذ لا وزن لعلم أو عمل إلا بصدق النية والإخلاص… ومن ناحية أخرى فإن العلوم توجد في الخارج من دون التصوف، لكنها، والحالة هذه، ستكون ناقصة أو ساقطة. ولذلك ذكر السيوطي رحمه الله أن نسبة التصوف من العلوم كعلم البيان مع النحو. يقصد أنه كامل فيها، ومحسِّن لها. كما أن كل علم من العلوم قد يتأتى حفظه ونشره لمنافق ومبتدع ومشرك إذا رغب فيه وحرص عليه لأنه نتيجة الذهن وثمرة العقل، إلا هذا العلم، علم الإيمان واليقين والمشاهدة ، فإنه لا يتأتى الكلام في حقائقه إلا لمؤمنٍ مُوقِنٍ من قبل. والجدير بالتنبيه على أن التصوف إنما يعدل ثلث الإسلام من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فيبدو، على ضوء ما بيناه، أنه يمتد إلى الدين كله، إذ جملته الإخلاص. ومعلوم لدى كل ذي بصيرة أن هذا الأمر لا ينفك، لقبول الأعمال،ومن دونه يكون إسلام المسلم جسدًا بلا روح، وشكلا بلا مضمون.
يقول أبوحامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه “المنقذ من الضلال”: ولقد علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السيرة وطريقتهم أصوب الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق…ثم يقول ردا على من أنكر على الصوفية وتهجم عليهم: وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها(وهي أول شروطها) تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة استغراق القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله . ويقول أيضاً بعد أن ذاق طريق التصوف ولمس نتائجه وذاق ثمراته: الدخول مع الصوفية فرض عين، إذ يخلوأحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى: قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، وقعد غيرهم على الرسوم، مما يدلك على ذلك ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فانه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، ولوكان العلم من غير عمل يرضي الحق تعالى كل الرضى لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولولم يعملوا بعلمهم، هيهات هيهات
قال الامام مالك من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه