التجلي –المقتضى-المرتبة-البساط- الدائرة
التجلي الظهور، والمقتضى المظهر و الصورة والأثر. ذكر شيخنا رضي الله عنه في شرح صلاة الهيولى أن كل إسم من الأسماء الإلهية يقبل صورا لا نهاية لها في الظهور، إذ هي مقتضياته. اه
ولكل اسم من الأسماء الإلهية دائرة في الكون يحضرها تجلي ذلك الاسم.
الدائرة: ما أحاط بالشيء.
ولكل اسم احاطة بمقتضياته، من هنا كان لكل اسم دائرة في الكون يدبر شؤونها، هي محل ظهور أحكامه، و السلطان الحاكم في هذه الدائرة هو تجلي ذلك الاسم.
وذكر شيخنا أيضا: أن التجليات الإلهية تتطلب، وساطة نبوته المحمدية لظهور مقتضياتها، وليكون اللطف فيها.
وبالرجوع إلى القرءان الكريم وما ذكره المفسرون، وجدنا مثلا:
قال تعالى: {وٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا} فَمَعْنى تَجْلِيَةِ النَّهارِ الشَّمْسَ: وقْتُ ظُهُورِ الشَّمْسِ. (التحرير والتنوير ابن عاشور)
وقال جل جلاله: {وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ}أيْ ظَهَرَ ظُهُورًا عَظِيمًا بِضِياءِ الشَّمْسِ، وأظْهَرَ ما كانَ خَفِيًّا فَلَمْ يَدَعْ لِمُبْصِرٍ شَيْئًا مَن لَبْسٍ. (نظم الدرر البقاعي)
فالتجلي والتجلية: الظهور والاظهار وهما متلازمان.
وتجلي الأسماء والصفات ظهور بلا كيف، و تجليها يُظهر مقتضياتها التي هي صورها.
والمقتضى هو الشيء المراد في قوله تعالى﴿إِنَّمَا قَوۡلُنَا لِشَیۡءٍ إِذَاۤ أَرَدۡنَـٰهُ أَن نَّقُولَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [النحل ٤٠]
أُرِيدَ بِقَوْلِهِ ﴿إذا أرَدْناهُ﴾ إذا تَعَلَّقَتْ بِهِ الإرادَةُ الإلَهِيَّةُ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًا. والمُرادُ بِقَوْلِ (كُنْ) تَوَجُّهُ القُدْرَةِ إلى إيجادِ المَقْدُورِ. [بن عاشور]
فتجلي العلم ظهور المعلوم، وتجلي الإرادة التعلق التنجيزي، وتجلي القدرة إيجاد المقدور، وتجلي الممكن أو المقتضى العلمي ظهور صورته وخروجه إلى وجود عيني.
تجلي الاسم الإلهي يكون في دائرة الألوهية، وهي بطون بالنسبة لنا، و ظهور المقتضى للوجود يكون في دائرة الرحمانية وهي داية ظهور كل المقتضيات الكونية .
في قوله تعالى:: {فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقاۚ} جمعت الآية-والله أعلم- بين تجلي الربوبية في قوله جل جلاله؛ {فلما تجلى ربه للجبل}، ومقتضى هذا التجلي وهو قوله سبحانه: {جعله دكا وخر موسى صعقا}.
التجلي ظهور ربوبية وأسماء وصفات إلهية بلا كيف، و المقتضى الكوني الأثر اللازم للتجلي والناتج عنه. قال تعالى:﴿هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡـَٔاخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ﴾ [الحديد ٣] الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء، تعالى أن تحله الحوادث أو يحلها، أو يكون بعدها أو قبلها، بل كان الله ولاشيء معه، والقبل والبعد من صيغ الزمان الذي أبدعه، وهو على ما عليه كان. الظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، ظهوره عين بطونه، وبطونه عين ظهوره، من حيثية واحدة أنه واحد. خلق الخلق لا لحاجة له إليه، بل لإظهار أسمائه وصفاته، فبطنت تجلياتها وظهرت مقتضياتها.
المرتبة:
لغة: المَرْتَبَةُ : رُتبة، منزلة ومكانة.
وسميت المرتبة مرتبة لدخولها في الترتيب تنازليا أو تصاعديا كقولنا في الأعداد مرتبة الآحاد ومرتبة العشرات و مرتبة المآت ومرتبة الآلاف. وسميت الصفة الأحدية مرتبة لدخولها في الترتيب التنازلي للوجود، مع غناها المطلق عن باقي المراتب، ألا ترى أن مرتبة الآحاد في الأعداد، مستغنية بذاتها غير محتاجة لغيرها، بينما باقي المراتب تحتاجها للظهور ولا توجد بدونها.
البساط:
قال الشيخ بن عاشور: وقَوْلُهُ ﴿واللَّهُ يَقْبِضُ ويَبْصُطُ﴾ أصْلُ القَبْضِ: الشَّدُّ والتَّماسُكُ، وأصْلُ البَسْطِ: ضِدُّ القَبْضِ وهو الإطْلاقُ والإرْسالُ.وقَدْ تَفَرَّعَتْ عَنْ هَذا المَعْنى مَعانٍ: مِنها القَبْضُ بِمَعْنى الأخْذِ ﴿فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣] وبِمَعْنى الشُّحِّ ﴿ويَقْبِضُونَ أيْدِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] ومِنها البَسْطُ بِمَعْنى البَذْلِ ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ﴾ [الرعد: ٢٦] وبِمَعْنى السَّخاءِ ﴿بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ﴾ [المائدة: ٦٤] ومِن أسْمائِهِ تَعالى: القابِضُ، الباسِطُ، بِمَعْنى المانِعِ، المُعْطِي، وقَرَأ الجُمْهُورُ: ويَبْسُطُ بِالسِّينِ، وقَرَأهُ نافِعٌ، والبَزِّيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ، والكِسائِيُّ، وأبُو جَعْفَرٍ، ورَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ، بِالصّادِ وهو لُغَةٌ.
فاضافة بساط للأحدية لوحظ فيه معنى الإطلاق والارسال لأن النبوة أطلقت وأرسلت من الأحدية لتكون رحمة للعالمين قال تعالى: ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الأنبياء ١٠٧]
أما مرتبة الألوهية فهي كما قال العارفون أحكام نسب واضافات وسلوب وهي المرتبة الثانية من مراتب الوجود في مشربنا الفاطمي. واضافة بساط للألوهية لوحظ فيه معنى العطاء والبذل والسخاء لأن الألوهية أعطت النبوة أسماءها وصفاتها فتحلت بها و أفرغت لها الأسماء مقتضياتها وأعطيت في هذا البساط الفيضة القرءانية( الرسالة) قال ﷺ ( إنما أنا قاسم والله هو المعطي) . المعهد المحمدي الفاطمي
الاستاذ معز التونسي
التجلي –المقتضى-المرتبة-البساط-الدائرة
احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
السابق بوست
القادم بوست