التجليات الإلهية،وحضرات النبوة المحمدية

مع كل تجل إلهي حضرة محمدية
لقد تاهَ العارفون بين حقيقة النورالمحمدي الأحمدي وبين مظاهرتجليّاته،فالإنسان تكون له صور بعَدَد مايُقابله من المرايا،وبعَدَد ما يُقابله من الأنوارتظهر له ظلال،فهو واحد من حيث ذاته،مُتَكثّر من حيث تَجلّيه في الصور، أو ظلاله في الأنوار،فهي المُتعدّدة لاهو،وليست الصورغيره، تعدّدت صورالحقيقة المحمدية،واسْتَحالت معرفتها، والإحاطة بكنهها،هو المتأحد في عين الكثرة،والمتكثر في عين الوحودة،لأن مع كل تجل إلهي حضرة محمدية، وللحقيقة المحمدية حضرات على عدد التجليات.
فما أدرك العارفون من حقيقة،وأسرارالنور المحمدي الأحمدي،إلى على قدر تجليات زمانهم وفتوحات عصرهم، فما كشف لهم منها فهو نعمة لهم،ليعظموا أمره ويعرفوا قدره،ويسمو بها زمانهم،وما سُترعنهم من أمره،فهو رحمة بهم،لأن الله تعالى أرسله رحمة للعالمين،ففي ظهور بعض حقائقه نعمة،وفي بطونها رحمة،وهي من الغيب الذي يجب أن نؤمن به.

الحقيقة المحمدية لها ترق ذاتي في مراتبها وحضراتها،ففي كل عصر تظهر حضرات محمدية لم تكن في العصرالذي قبله،لأن الكون يسير نحو الفناء،ولن تقوم الساعة حتى تظهر كل المقتضيات القرءانية،و كل شيء في الوجود،هو من مقتضى القرءان(مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)(الانعام)والشئ أنكر النكرات،ولأن بعد الرتق يأتي الفتق التدريجي،حسب كل زمان ومكان. قال تعالى(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(الاعراف)فهو عين الرحمة التي وسعت كل شيء،وحيثما يصل العلم تصل الرحمة(رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا)(غافر) وحيثما حلَّ العلم ،وُجد المعلوم ،إذ لا يوجدعلم بدون معلوم ،ولايوجد معلوم إلا بتجل من تجليات الأسماء الإلهية ،فافهم.

ففي كل زمان تظهرحضرات محمدية لم تكن قبل،فتُظهرعلوما دنيوية وعلوما لدنية،مقتضيات حسية ومعنوية،في كل المجالات،فهو صلى الله عليه به،دائم الترقي،ترق ذاتي لحقيقته في حضراتها،فليس هناك نقص سابق،وترق لاحق،فكلما توالت الإمدادات الربانية على النبوة المحمدية،مرت الى حضرة تالية ،لإظهارالمقتضيات الكونية، وهذا ما أشار إليه العارف الكبيرالبوصيري،بقوله :

تتباهى بك العصور وتسمو● بك علياء بعدها علياء.

العصور تتباهى به صلى الله عليه وسلم،وتتشرف بتجليات حضراته “علياء بعدها علياء”.                          وقد أشاركذلك الى هذه الحقيقة الشيخ علي بن وفا رحمه الله،في إحدى صلواته بقوله” اللهم صل على النور الأول ،والسرالأنوء الأكمل،عين الرحمة الربانية بهجة الاختراعات الكونية “.

والشيخ محمد الكتاني في السانحات الأحمدية بقوله:”السلام عليك يا مبدع تنميق الاختراعات.

والشيخ محمد بن إدريس بقوله في إحدى صلواته:”ياعين الانفعالات والاختراعات يانقطة مركز جميع التجليات.

فالعصورهي التي تتباهى به،لهذا لم يولد صلى الله عليه وسلم، لافي يوم الجمعة ولافي الأشهرالحرم إشارة إلى أنه لايتشرف بالزمان،بل الزمان هو الذي يتشرف به.قال تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْرَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ)(النساء)دليل على أن الأجسام من جسم واحد،وقال تعالى(وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي)(الحجر)والأرواح من روح واحدة،فالوجود وُجِد من واحد. قال تعالى(كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍۢ نُّعِيدُهُ)(الانبياء).

فحقيقة الوجود واحدة،لها مراتب متعدّدة،بلاحلول ولاوحدة ولا إتّحاد.الرب ربّ إلى مالا نهاية،والعبد عبد إلى ما لانهاية،فافهم. فقابلية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحده،بقوابل سائر الموجودات،فهو المستفيض الأول، والمفيض الثاني،لأن الفيض الأقدس الرحموتي متوجه إليه بالتوجه الأول،ومنه يتوجه الى بقية المخلوقات بقدر قوابلهم فهو كل الوجود ،وبه كل شئ ،وفق مراد الله.فالحقيقة المحمدية هي حقيقة الحقائق،التي لايقف على كنهها أحد من الخلائق،رفعت الصحف وجفت الأقلام.

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد