بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله.موضوعنا حول من ينفي وساطة مولانا رسول الله والتوسل به. أقام الحق تعالى طاعة رسوله مقام طاعة الله (من يطع الرسول فقد أطاع الله). وأقام مبايعته عين مبايعته(إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) ومحبته مقام محبته (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)وامرنا بالإستجابة له (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم).وأوجب علينا ان نعمل مايرضاه(والله ورسوله أحق أن تُرضوه)وقَرَن تعالى مُوالاته بموالاته (إنما وليكم الله ورسوله).وكان صلى الله عليه وسلم واسطة لمن اغناه الله من فضله(وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) والغنى حسي ومعنوي.وواسطة في نعم الله على خلقه(وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه).وقَرَن بَراءته تعالى ببَراءته(براءة من الله ورسوله) ومحاربة الله بمحاربته(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله).ومعصية الرسول في ميزان واحد مع معصية الله (ومن يعص الله ورسوله).
فإياك أيها الاديب الاريب اللبيب أن تُنكر وساطة المحبوب الحبيب، فإنكارها هي البدعة بعينها،وإذا نَفيت وساطته فإبْحَث لك عَمّن يشفع فيك و يثبت الإيمان في قلبك قال تعالى (ويُؤمن للمؤمنين). أما الآية(وإذا سألك عبادي عني) والتي يحب البعض الاستدلال بها لنفي وساطته،فلكي يكون الأمر كما يظنون يجب عليهم حذف كاف الخطاب وترك(وإذا سأل عبادي عني)،أما والخطاب موجه له فمعناها:أن كل سائل عن الله، يجب أن يسْأل محمداً عنه،فقد جعله واسطة بينه وبين خلقه.وقال تعالى(قريب)ولاشك أنه قريب من المسؤول أي “من نبيّه”،لامن السائل الذي قد لا تتوفر فيه شروط القُرب.فاقْتَرب من محمد بالاقتداء به وتعظيمه وتوقيره،ولا نجعل دعاء ه كدعاء بعضنا البعض ،فالحق تعالى لم يناديه الابصفاته(ياايها النبي)(ياايها الرسول)(ياايها المدثر)(ياايها المزمل). ولا تجد في القرءان يامحمد… وتجد يا ءادم ،يانوح، يا ابراهيم ،ياموسى ،ياعيسى .. حتى من سبقنا من الانبياء ذكرهم الله بوساطته(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَامَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُواأَقْرَرْنَاقَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَامَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)فأخذ له الله تعالى الميثاق من الانبياء في عالم البطون قبل خلق الخلق،وأقروا بوساطته وإلتجؤوا اليه يوم القيامة،في طلب الشفاعة،وكان احقا بها واهلا لها… فمعاملات الخَلْق كلها في الحقيقة مع هذا “الوَسيط النوراني”(فلاوربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)،وقال تعالى(ما كان لمومن ولا مومنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان تكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)،فنسب له القضاء،والقضاء سلطان وتَقرير،ولايُقرّر إلا من بيَده مفاتح كل الوزارات.فالمؤذن يذكر اسمه وانت تسلم عليه في صلاتك،وأنت بين يدي الله،بصفة الحاضر (السلام عليك ايها النبي) فانتبه.. قال صلى الله عليه وسلم: “الله المُعطي،وإنما أنا قاسم”،ومن قَسَم لك فقد أعطاك ،فالخلائق كلهم تحت حُكمه:”انا سيد ولد ءادم ولا فخر” “آدم ومن سواه تحت لِوائي”،“لو كان موسى حياً ما وَسعه إلا أن يتّبعني”، “كنت نبياً وآدم بين الماء والطين”،(كُنْتُ)وما زِلْتُ.فهو رحمة ،والرحمة صفة لا بد من وجود الموصوف بها،فلاغاية من وجود النبوة إلا بوجود مقتضاها، فحذار ان تنكر وساطته وجاهه،فإنكارها هو البدعة بعينها،وربما هو شرك خفي قال تعالى (وما يومن اكثرهم بالله الا وهم مشركون)فأثبت لهم الايمان ممزوجا بشرك وكثرهم.فأصحاب الغار توسلوا لله ببر الوالدين، وبالعفة عن الفواحش،وبأداء الامانة،وكانت هذه الأسباب،من اعظم أسباب مرضاة الله،فانزاحت عنهم الصخرة فخرجوا.ونحن لن نتوسل لله الا برسول الله هو اعظم من برنا بوالدنا،وهو الامانة التي عرضت علينا (وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إنه كان ظلوما جهولا). ظالما لقدرها جهولا بحقيقتها, وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله وعلى اله وصحبه.