بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين،وعلى اله وصحبه اجمعين. موضوعنا حول نورانية سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها. عن عائشة رضي الله عنها قالت:مارأيت من الناس أحداً أشبه كلاماً، وحديثاً برسول الله صلى الله عليه وآله من فاطمة،كانت إذا دخلت عليه رحب بها،وقبّل يديها،وأجلسها في مجلسه،فإذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به وقبّلت يديه. وقالت سيدتنا عائشة كان صلّى الله عليه وسلّم إذا قدِم المدينة مِن سفرٍ أوغزوة دخَل المسجدَ فيصلَّى فيه ركعتينِ،ثمّ يذهب إلى بيت فاطمة رضي الله عنها،
وعندما يكون أحد من المخلوقين هو أشبههم برسول الله في صفاته،وفي خُلقه ،وأخلاقه فهذا،يقتضي تميزه،وتفوقه على الآخرين في الكمال، وانفراده بصفات نبوية ليست في غيره.والحديثان الواردان عن عائشة رضي الله عنها يبيان ذلك.وبما أنه صلى الله عليه وسلم أجمل خلق الله،وأفضل الخلائق أجمعين، والزهراء رضي الله عنها كانت تشبهه كثيرا،فلا شك انها اجمل نساء العالمين على الاطلاق،ستر الله جمالها بالبهاء والوقار وبحجاب النبوة،كما ستر جمال سيدنا محمد .
كما ان القيام للشخص وتقبيل يده،ورأسه من علامات تعظيمه،وإكرامه وشدة حبه.ولم تذكر السيرة النبوية أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم لغيرها،ويقبل يده ورأسه، بل نهى عن القيام،فمقامها أعظم مقام في مراتب الولاية،وأنوارها أعظم الانوار،في مراتب القرب من سيد الورى.
وهل احد من الناس يقبل يد ابنته ورأسها،ويقوم لها كلما دخلت عنده ، الناس لايعملون هذا حتى مع امهاتهم فضلا عن بناتهم.كان صلى الله عليه وسلم يقبل يدها ورأسها ويقوم لها،ولا تقول له لايا أبت،لا تفعل،فأنت نبي الله وأعظم خلق الله ،وأنا أحق بالقيام لك وتقبيل يدك ورأسك،فلا شك ان وراء الحركات،إشارات لا تحتاج الى عبارات،ولا شك أن لها خصوصية ربانية نبوية،و أن هناك سر روحاني باطني،رابط بينهما،تفهم عن رسول الله دون ان يتكلم.
قال صلى الله عليه وسلم:”فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي،فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي “.بَضعة،أي قطعة لحم.بَضعة مني أي جزء مني.وهوصلى الله عليه وسلم نور،ومولاتنا فاطمة جزء منه، فهي جزء من نور، وبالتالي فنورها جزئي وذاتي لها رضي الله عنها.
عن المِسْوَربْنُ مَخْرَمة قال:قال رسول الله:“إنما فاطمة شُـــجْنَةُ مني، يبسطني ما يبسطها،ويقبِضُني ما يقْبِضُها.والشُجنة الغصن ،يبسطه ما يبسطها،ويقبضه ما يقبضها،وكأنها هو،فكل احساسات الذات الفاطمية، تؤثرعلى الذات المحمدية، فهناك اتصال باطني،اتصال الكل بجزءه.وتأثير الجزء على الكل.
ورد في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم “إني لست كهيئتكم'” فهو ليس كهيئتنا،والبَضعة النبوية ليست كباقي النساء.قال صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة: يا حميراء، إن فاطمة ليست كنساء الآدميين،لا تعتل كما تعتلن اهــ ، فكانت رضي الله عنها لا تحيض،فالحيضة تستغرق كل شهرمعدل خمسة أيام،وهذا ما يعدل60 يوما في السنة،أي في كل سنة لا تصلي شهرين،واذا كان رمضان منعت كذلك من الصوم ؟ فالحيض يمنع من العبادة ،ومن حضور الملائكة،ومن مجالسة الربوبية (أنا جليس من ذكرني). فكانت رضي الله عنها منزهة عنه،تنزيها ذاتيا ،فهي قطعة منه صلى الله عليه وسلم.،وهو طاهر،وبالتالي فالجزء كذلك طاهر ،فهي طاهرة مطهرة بنص القرءان( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)،فكما انها رضي الله عنها لا تحيض، كذلك لا تَحْدَثْ ،ولا تتنخم ،ورائحة جسمها طيبة ،منزهة عن الاقدار والاوساخ الحسية والمعنوية، طهرها الله ،طهارة،شاملة.لهذا جاء التوكيد بالمصدر”تطهيرا”
قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة :ان الله يرضى لرضاك ويغضب لغضبك ولا يكون غضب الله عز وجل ورضاه مرتبطا بغضب ورضى أحد سوى من اصطفاه الله وطهره،وبلغ مقام العصمة ونزهه عن الذنب والمعصية، لأن إذا كان غضبها موافقاً لغضب الله في جميع الأحوال وكذلك رضاها،فهذا يعني أن رضاها وغضبها يوافقان مراد الله في جميع الأحوال،وهذا مقام خارج المقامات.ومعنى هذا أن الله تعالى تولاها،لأن حكم الله سابق لا لاحق،وأخذها عن نفسها،فأفعالها كلها لله وبالله.
وخلاصة القول: كون الزهراء سيدة نساء أهل الجنة،يعني ان لها الافضلية والسيادة،عليهم في الدنيا،في العلم،والعمل،والأدب والخلق الرفيع،والعبادة ،ومكارم الأخلاق ،والفصاحة،والبيان،فكانت متصفة بفرط الذكاء،وقوة الفهم، وعجيب الادراك تفرغت لطاعة الله .فكانت من العابدات الزاهدات،ملازمة لبيتها، فلم يُعرف عنها الا النزرالقليل،فلم تروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بِضعة عشر حديثا. هذه البَضعة النبوية،أعظم كنية لها هي:” أم أبيها “التي كان يناديها بها صلى الله عليه وسلم،ويقول: مرحباً بأُم أبيها. فكان يحبها لأنها ابنته، وأمه،وبَضعة منه . أم ابيها،وورثت الصفات النبوية الذاتية الخَلقية والخُلقية،فهي اشبه بناته به. فهي رضي الله عنها، ذاتية،أما الانبياء والرسل والاولياء فيستمدون من صفاته (النبوة والرسالة والامية)فهم صفاتيون ،وبهذا فهي من القرب من مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،ما لم يصله احد من العارفين، ومقامها في الديوان حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفيت رضي الله عنها قرابة ستة اشهر بعد موت الحبيب صلى الله عليه وسلم،فكانت أول أهل بيته لِحاقا به،لأن الجزء يحن الى الكل،وهي اصغر بناته،والوحيدة من بينهن التي كانت لها ذرية.ومن هذه البَضعة النبوية الشريفة، المباركة كان الشرفاء المطهرون،والعارفون الربانيون.وحتى من ليس من ال البيت اذا وصل القطبانية،يصبح ابن الزهراء رضي الله عنها بالتبني الروحي،فهي أم جميع العارفين ،فلا وصول الى النبي الابعد المرور من هذا التبني،من(أم أبيها)،فهي ملازمة له،ملازمة الجزء للكل،هو ملازم لها ملازمة الاصل لفرعه.أليست أم ابيها وهوأب المومنين ؟.وعثرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،فرض الله تعالى مودتهم على جميع الخلق( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى )فمقامها أعظم مقام في الولاية المحمدية،وأنوارها أزهر الانوار،وقربها سرمن الاسرار.فلا شك ان الحقيقة الفاطمية مرتبة أم،حقية خلقية من مراتب النبوة محمدية،وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله وعلى الزهراء بضعة رسول الله.