الإصـطـحـاب
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الشيخ محمد الكتاني : واعلم أنا حققنا أن روحانيته إصطحبت مع جسمانيته من أول قدم أي من يوم برزت لكرة العالم فكانت العوالم عنده متحدة فصار ما في الروح في الذات وما في الذات في الروح بمقتضى الإسم الجامع اهــ.
أي إسم الجلالة “الله” وهو ما أشار اليه الشيخ في صلاة المتردي ب ” الملتحف بوحدات الذات ، فالالف إشارة إلى الاحدية والتي هي حضرة سحق ومحق ,واللام الأولى إشارة إلى الأحمدية ,واللام الثانية الملاصقة لها إشارة إلى المحمدية وشدة تلاصق اللامين إشارة الى الإصطحاب الواقع بينهما . أما الهاء عند الشيخ فهي تشير إلى أن الأحمدية هي المحمدية هي هي .فرقا أيضا ظهرت بها أو جمعا ,تفصيلا أو إجمالا .
أما حسب مشربنا العرفاني فالهاء تشير الى سدرة منتهى المقامات . وأن ما بعد سدرة المنتهى لامعرفة للمخلوق به، قال جبريل لو زدت شبرا لاحترقت .
فاصطحب الكأس والمدام والخمر والأواني” هن لباس لكم وانتم لباس لهن “فإذا ثبت أن باطنه الأحمدي مظهر اللاهوت لزم كون ظاهره المحمدي كذلك , وذلك لتبعية لون الإناء للون الماء,ما إرتسم فيه ظهر فيه … فلا تتصور المفاضلة لأنها إنما تعقل بين إثنين …ويضيف أن الهيكل الشريف له روحان روح كلية {والتي هي الحقيقة الأحمدية} وروح جزئية .والروح الكلية متصفة بنعت الإطلاق وهذا الهيكل من عالم التقييد والى هذا يشير قوله ” إني لست كهيئتكم “أما الروح الجزئية فقد سقاها الحق تعالى من الكمالات الإلهية ما صيرها به أنموذج جميع المزايا والفواضل …وعندما أراد الله تعالى أن ينقله لإصله الحقيقي{بالموت } صار يفرح للقياها ويلهج بالإلتحاق بها,وهي أي الروح الكلية هي التي سماها الرفيق الأعلى . انتهى {كتاب الديوانة بالتصرف }.
يقول في كتاب الطلاسم :وسألته صلى الله عليه وسلم عن حقيقة الاصطحاب هل كانت أم لا فقال لي صلى الله عليه وسلم :اتحد الاسم والمسمى وتخلل الطلسم المُعمَّى .فقلت هل من أول قَدم ؟ فقال لي على ما جرى في القِدم . لكن آونة يغيب الناسوت في اللاهوت ويظهر اللاهوت في الناسوت .ووقتا يغيب اللاهوت في اللاهوت ويبقى الناسوت للناسوت فحين ظهوره أكون مخيط العين بخط : لست كهيئتكم إني أبيت عد ربي .وحين غيبوبة اللاهوت في اللاهوت أكون مخيط العين بخط :” إن الذي فرض عليك القرءان لرادك إلى معاد .”
الشيخ رضي الله هو أول من أشار إلى هذا الإصطحاب الذي وقع بين النبوة والرسالة. و الإصطحاب هي المساواة التي وقعت بين الصفة والموصوف أي بين الأحمدية المحمدية في دائرة اسم الجلالة .وهذا الاصطحاب وهو الذي جعل النبوة قادرة على ترجمة كلام الله وجعله موافقا لكلمنا “فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لذا ” [مريم] ..” فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون “الدخان .وكلمة قرءان كتبت بالالف الثابتة في القرءان كله إلا في موضعين .في الاية 2 من سورة يوسف .والاية 3 من سورة الزخرف.
وإلا فكلام الله،منزه عن الحروف والكلمات والفعل والفاعل والماضي والحاضر ومنزه عن الخيل والنحل والعنكبوت ولا يعرفه إلا من خلق من الصفة الاحدية :نور نبوة مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكل من تكلم عن الحقيقة المحمدية في زمننا هذا وقال أن فتحه أكبر ممن سبق فهو مطالب بأن يحدثنا عن ما وراء الاصطحاب والترجمة وأن يقول أكثر مما قاله الكتاني رحمه الله. وإلا فليس هناك فتح بمعنى الكلمة ،إنما هو اجترار لفتوحات من سبق بشكل مغاير وكفى .
الاصطحاب خاص بمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ودائرة اسم الجلالة ” الله” لم يحققها غيره ،لهذا هو الوحيد الذي جاء ب ” لاإله إلا الله محمد رسول الله “أي تم التوحيد لنا. غيره من الرسل لم يأتوا إلا ب” لا إله إلا الله ” ليس معها ابراهيم رسول الله أو موسى رسول الله أوعيسى رسول الله … فكانت لهم الشريعة دون الحقيقة [بدليل قصة موسى والخضر] وكانت الحسنة بمثلها ولنا الحسنة بعشر أمثالها إلى 700 ضعف إلى “والله يضاعف لمن يشاء” .وكانت ليلة القدر تأتيهم كل 33 سنة وهو ما يسمى الازدلاف ونحن كل سنة . وكنا به” خير أمة أخرجت للناس” .فجزاه الله عنا خير جزاء.
الاصطحاب أَلْبَس سيدنا محمدا حلل الاسماء والصفات الالهية، وحلة القرءان فقال تعالى في حقه ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله “خلافة كلية أزلية..خلافةعلي الأرواح وعلي الأشباح”يا أيها الرسول انا ارسلناك شاهدا” والشاهد من المفروض أن يكون حاضرا(فتدبر) شهادته على أهل الكون كلهم “وجئنا بك علي هؤلاء شهيدا” فلما خصص الله شهادته على أمته قال” وجئنا بك شهيدا على هؤلاء” . وهذه الخلافة على الكون الإلهي إقتضت أن يكون له نواب من حيث إسمه الباطن وهؤلاء النواب هم الرسل والانبياء , من آدم إلى عيسى عليهم السلام بل أوصياء على شرائعه الأحمدية “شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ””
وقد أبان صلى الله عليه وسلم عن هذا المقام بأمور منها قوله صلى الله عليه وسلم “والله لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني”. كما أم في إسراءه صلى الله عليه وسلم جميع الانبياء والرسل بهيكله الشريف المولود من أم وأب وهم أرواح لطيفة .وبهذا تحققت فيه وبه الخلافة الكلية والجزئية .فروحانيته صلى الله عليه وسلم موجودة وروحانية كل نبي ورسول فكان الإمداد يأتي إليهم من أحمديته بما يظهرون به من الشرائع وهو في الحقيقة شرع محمد صلى الله عليه وسلم [ لذا قال تعالى” فبهداه اقتده” ولم يقل فبهم اقتدي]. إلى أن وصل زمان نشأة الجسم المحمدي الشريف الطاهر،فظهر مثل الشمس الباهرة فاندرج كل نور في نوره الساطع وغاب كل حكم في حكمه وإنقادت جميع الشرائع إليه وظهرت سيادته التي كانت باطنة فهو الأول والآخر والظاهر والباطن( مقتبس من كلام ابن عربي )
ولابد للخليفة أن يظهر بصورة من استخلفه فيما استخلفه و إلا فما هو بخليفة(فافهم). إذا فعلى الخليفة الإحاطة والتحلي بجميع الاسماء والصفات الالهية التي يطلبها العالم الذي ولاه عليه الحق سبحانه: إن الذ ين يبايعونك إنما يبايعون الله ” فكانت مبايعة سيدنا محمد في صورة لاهوتية.
وقال تعالى “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى” فكان الرامي الله في صورة محمدية .وقال تعالى ” فاجره حتى يسمع كلام الله” . “إنه لقول رسول كريم” فصرح الحق بأن القرءان قول الرسول.[وهذا هو الذي عبر عنه الشيخ الكتاني بقوله :[ووقتا يغيب اللاهوت في اللاهوت ]. بلا حلول ولا وحدة ولا إتحاد . الرب رب والعبد عبد . فالكلام على مرتبة الالوهية وعلى التجليات الإلهية لا على الذات الالهية فالذات الالهية غنية عن التجلي وعن العالمين. فلنكن واضحين حتى لايكون هناك لُبْسٌ .
ومن هنا ظهرت الوجهة الحقية لمولانا رسول الله عليه وسلم( اني لست هيئتكم)الحديث (كلكم من ءادم وءادم من تراب)الحديث ولم يقل كلنا . لم يكن له ضل كان يرى من خلف كما يرى من أمام . والخليفة إن لم تكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها فليس بخليفة وهذا الشرط أوجب أن يكون الخليفة من جنس من استخلف عليهم وعلى شكلهم وهذه هي الوجهة الخلقية” قل إنما أنا بشر مثلكم” أما الخلافة العامة فقد تطرقت لهذه الحقائق في موضوع ” الوجهة الحقية والوجهة الخلقية لمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكررت بعض الحقائق لأن بالتكرار يقع الاستقرار
العارف بالحقيقة المحمدية محمد بن المبارك