بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه.
يقول ابن عربي في بعض رسائله : طائفة من النظار ظنوا أن لفظة الازل نسبتها إلى الله نسبة الزمان إلينا فهو في الأزل كما نحن في الزمان .فيقولون : قد كان الله متكلما في الازل بكلامه الازلي . وقال لموسى في الازل “اخلع نعليك”
وطائفة اخرى توهمت في الازل انه مثل الخلاء امتداد معقول .فكما ان الخلاء امتداد في غير جسم ،كذلك الازل امتداد من غير توالي حركات زمان .فكأنه تقدير زمان.
هذا الازل الذي نعتم الحق تعالى به ،لايخلو إما أن يكون وجودا أو عدما .
فإن كان عدما، فقد نعتم الحق بالعدم ، والعدم نفي محض يتعالى الحق تعالى أن ينعت به.
وإن كان وجودا فلا يخلو إما ان يكون نفس الحق تعالى أو غيره .
فإن كان نفس الحق تعالى فقد أخطأتم في الاسمية حيث لم يطلقها الحق تعالى على نفسه.
وإن كانت غيره فلا تخلو :إما أن تكون قائمة بنفسها أو بغيرها ،فإن كانت قائمة بنفسها بطلت الوحدانية لله تعالى ، ووحدانيته ثابتة لذاتها فلا تبطل ،وإن كانت قائمة بغيرها فلا يخلو ذلك الغير : إما أن يكون نفس الحق تعالى أم لا.وإن كان نفس الحق تعالى فهو كعلمه وسائر صفاته .
وهي متصفة بالازلية.فيرجع الازل منعوتا بالازلية ويتسلسل.
وإن كان الذي يقوم به الازل غير نفس الحق تعالى ،فقد أثبتم قديما آخر ، وبطل دليل الوحدانية .فبطل وصفكم الحق تعالى بالازلية ..وثبت أنه ما ثم أزل أصلا. فوصف الحق تعالى بالازل موضع مزلة أقدام النظار،وقد عقلها أكثر الناس وكان الواجب عليهم أن لا يطلقوا على الحق تعالى من الالفاظ إلا ما أطلقه على نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه .لأن الازل مشتق من زل أو زلق ولم يثبت، فلكثرة ماتزل أقدام الناظرين فيه ، إلا من رحم ربك فلايسمى أزلا. والله اعلم انتهي .
ابن عربي( الرسائل) .
أما ورد من كلام الشيخ الاكبر عن الازل في الفتوحات المكية ( باختصار)
باب معرفة التلخيص والترتيب
“مسئلة ” ارتباط العالم بالله ارتباط ممكن بواجب ومصنوع بصانع فليس للعالم في الأزل مرتبة فإنها مرتبة الواجب بالذات فهو الله ولا شيء معه سواء كان العالم موجوداً أو معدوما فمن توهم بين الله والعالم وما يقدر تقدم وجود الممكن فيه وتأخره فهو توهم باطل لا حقيقة له فلهذا نزعنا في الدلالة على حدوث العالم خلاف ما نزعت له الأشاعرة وقد ذكرناه في هذا التعليق
===========
منزل الترغيب
يقول لما كان الأزل أمراً متوهماً في حق الحق كان الزمان أيضاً في حق الحق أمراً متوهماً أي مدة متوهمة تقطعها حركات الأفلاك فإن الأزل كالزمان للخلق فافهم
===
الباب السادس والعشرون
في معرفة أقطاب الرموز وتلويحات من أسرارهم وعلومهم في الطريق
فأمّا علم سرّ الأزل فاعلم أن الأزل عبارة عن نفي الأولية لمن يوصف به وهو وصف لله تعالى من كونه إلهاً وإذا انتفت الأولية عنه تعالى من كونه إلهاً فهو المسمى بكل اسم سمى به نفسه أزلاً من كونه متكلماً فهو العالم الحيّ المريد القادر السميع البصير المتكلم الخالق البارىء المصوّر الملك لم يزل مسمى بهذه الأسماء وانتفت عنه أولية التقييد فسمع المسموع وأبصر المبصر إلى غير ذلك وأعيان المسموعات منا والمبصرات معدومة غير موجودة وهو يراها أزلاً كما يعلمها أزلاً ويميزها ويفصلها أزلاً ولا عين لها في الوجود
===
باب معرفة الزمان الموجود المقدر
فاعلم أن نسبة الأزل إلى الله نسبة الزمان إلينا ونسبة الازل نعت سلبيّ لا عين له فلا يكون عن هذه الحقيقة وجود فيكون الزمان للممكن نسبة متوهمة الوجود لا موجودة لأن كلّ شيء تفرضه يصح عنه السؤال بمتى ومتى سؤال عن زمان فلا بد أن يكون الزمان أمرا متوهما لا وجودا ولهذا أطلقه الحق على نفسه في قوله ” وكان الله بكل شيء عليما “ولله الامر من قبل ومن بعد” وفي السنة تقرير قول السائل أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ولو كان الزمان أمرا وجوديا في نفسه ما صح تنزيه الحق عن التقيد إذ كان حكم لزمان يقيده فعرفنا أن هذه الصيغ ماتحتها أمر وجودي ثم نقول إن لفظة الزمان اختلف الناس في معقولها ومدلولها فالحكماء تطبقه بازاء أمور مختلفة وأكثرهم عل أنه مدّة متوهمة تقطعها حركات الأفلاك والمتكلمون يطلقونه بإزاء أمر آخر وهو مقارنة حادث لحادث
==
فصل في الاوقات
…… وبعد أن علمت ما معنى الزمان لك بهذه النسبة أمرا نسبيا لا حقيقة له في عينه وأنت محدود مخلوق فالأزل أبعد وأبعد أن يكون حدّ لوجود الله في قولك وقول من قال أن الله تكلم في الازل ،وقال في الآزل ،وقدّر في أزله كذا وكذا ، ويتوهم بالوهم فيه أنه امتداد كما تتوهم امتداد الزمان في حقك فهذا من حكم الوهم، لا من حكم العقل والنظر الصحيح ،فإن مدلول لفظة لأزل إنما هو عبارة عن نفي الأولية عن الله تعالى .
انتهى
==============
وكما يظهر لكل لبيب اريب ان الازل هو نفي الاولية عن الذات الالهية ، كما أن الابد هو نفي الاخرية.
اما قولنا (ان الله قديم ) فهذا ينفي عن الله تعالى ان يكون مسبوقا بالعدم
قال الامام الجزولي صاحب دليل الخيرات : ياأزلي يا أبدي يادهري يا ديمومي” فالازلي نعت وليس صفة ,الصفة ملازمة للموصوف،والنعت لا. ولهذا فلا بأس من اطلاقه على مرتبة الالوهية فقد ورد في القرءان والسنة النبوة نعت الالوهية بالضحك والهرولة والاستهزاء والمكر….
ففي هذه المرتبة تسمى الحق تعالى بالاول والاخر والظاهر والباطن ..
فالازل بالنسبة لرفيقنا ابن عربي أمر نسبي
وكما ترى فقد اشار الى هذه النسبية الزمانية زمنا طويلا قبل ظهورها على لسان اينشتاين
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه