اشارات عرفانية في اسرار “ألم”
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.
من حيث الرسم “الم” تكتب متصلة وتقرأ مفرقة: ألف،لام ،ميم، والألف له صفة العلو والسمو وعندما يأتي في أول الكلمة لا يقبل الارتباط بأي حرف آخر فيكتب منفصلا. فهو بذلك يعبر عن صفة التي لا تعلق لها بغيرها،وهو حسب مشرب الكثير من العارفين يعنون عن الصفة الأحدية.وبالجمل الصغير الألف يساوي 1 فلهو بهذا مقام الاولية.و بحساب البسط والكسر، يساوي أحدى عشر ومائة111، والعدد111 هو حساب جمل قطب ،و لا شبيه له من بين الحروف فهذه وحدانيته،
وأما اللام فلها مثل الألف،صفة العلو والسمو،غير أنها تقبل الإرتباط بغيرها من الحروف وهذا عنوان عن النبوة المحمدية التي لها وجهة حقية ،ووجهة خلقية،تنظر للكائنات لكونها مخلوقة ،فتقبل الإرتباط بغيرها.
وأما الميم فكسرها يساوي أربعون بعدد الدوائر الكونية عنوان عن تدرج الحقيقة المحمدية في الدوائر الكونية .والميم ليس لها علو بل لها انكسار الى الاسفل(تحت السطر: م)لتربط المربوين بالربوبية وتوصل الكون إلى اللام ،واللام بدورها ترفعه إلى أعلى المقامات. ودل هذا الرسم العجيب أن مدار الخلق على اللام والميم وهو مدار منفصل عن مدار الألف،فلا تعلق للكون وأهله بالأحدية.ولا تعلق للاحدية بهم ،فرسم “ألم” يعنون في باطنه عن مراتب الوجود الاولية،و أن الحقيقة المحمدية برزخ الوجود،ووسيلة للوصول إلى أعلى مقامات الجود. فلما كانت “ألم” رسما مطلسما يعنون عن مراتب الوجود الأولية ،جاءت الآية التي تليها تفسر هذه البرزخية وتشرحها. فتكون بذلك ل “الم” التي دكرت ستة مرات عناوين مختلفة وفق الآية التي تليها وهي تعنون على 6 بسائط عليها مدار الكون(على عدد الحواميم) فهي حسب ترتيب المصحف:
1= الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (البقرة) الم ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين. ذلك اسم إشارة للبعد ،هذا البعد الازلي يشير الى الترجمة الأولى ، والتي هي هدى للمتقين الذين عرفوا نبيهم بالقرءان وعرفوا القرءان بنبيهم .
2= الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (ال عمران) حياة الكائنات واستمرارية الوجود وتفاعل الدوائر الكونية من مقتضى اسمه تعالى الحي واسمه تعالى القيوم وعند ابن قسي الذي هو اول من تكلم على الدوائر الكونية دائرة الاسم الحي هي اول دائرة
3= الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (العنكبوت)كل الدوائر الكونية محل تجليات الأسماء الإلهية ومركز والإختبار والإمتحان وسيلة للوصول. فما من نبي أو عارف أو ولي إلا وامتحن وابتلي فيكون تصديقة وتسليمه وتوكله حين إبتلاءه سببا في وصوله.
4= الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ( الروم) اخبار بالمغيبات
وهنا الدستور الكوني، فالكون تُقيده الأسباب وفق القضاء والقدر، فمن أخذ بالأسباب فقد توسل إلى تحقيق القدر. وكل من أخذ بالأسباب حق له ذلك سواءا كان مسلما أم لم يكن.
5= الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِين (لقمان)
والواسطة هنا خاصة، فأهل الفضل والخير من العارفين والعلماء وسيلة لغيرهم من العامة والجهلاء. فتنبه يا لبيب أنها لم تقل بالمحسنين فلو قالت كذلك لكان هذا الهدى والرحمة خاصة بالمحسنين. ولكن حين أتت بلام الملكية جعلت هذا الهدى والرحمة ملكا لهم فهم يقسمونها بين الخلائق كل حسب ما قدر له. وهو مقام الخليفة المحمدي في الكون.
6= الم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(السجدة)
وتنبه أن الآية لم تأت باسم إشارة كآية البقرة، فلم تقل ذلك الكتاب أو هذا الكتاب ومعلوم أن اسم الإشارة يقتضي المكان…وأما وقد نفى الإشارة فهو تنزيل لا يستلزم المكان.
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.