بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين. السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا يعرفباثنين من الصوفية من أعلام مراكش لم يحظوا بالشهرة إلا عند أهل التخصص.
اهتم المغاربة بالتأريخ للاولياء وكتبوا كتبا كثيرة اذكر منهاعلى سبيل المثال كتاب التشوف الى رجال التصوف ، المستفاذ في مناقب العباد بمدينة فاس وما يليها من البلاد ـ النجم الثاقب فيما لاولياء الله من المناقب، المقصد الشريف والمنزع اللطيف في ذكر صلحاء الريف،،وسلوة الانفاس للكتاني، وكتاب المطرب بمشاهير اولياء المغرب وكتاب “الأولياء في المغرب” لمحمد جنبوبي وكتاب السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية لابن الموقت المراكشي ترجم فيه ل 191 وليا مقاماتهم معروفة ..اما المرحوم العباس التعارجي المراكشي في كتابه الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام فقد عد أكثر من “1600” من علماء وأدباء وأولياء وصلحاء وغيرهم.
واول من دفن بمراكش الشيخان ابن برجان وابن العريف ماتا في نفس السنة، وعاشا نفس النكبة والتي ترتبط بنفس الأسباب والملابسات وهي تبرز العمل الحقير الذي قاده بعض فقهاء المرابطين من أجل إخماد صوت الصوفية التي تنامى تيارهمواشتهر مذهبهم. فدفعوا بامير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين إلى استقدام ابن العريف وابن بَرَّجان. وكانت قد عقدت لابن بَرَّجان مناظرة أورد عليه الفقهاء مسائل ينكرونها ،فأجاب وخرَّجها مخارج محتملة، فلم يرضوا منه بذلك ،لكونهم لم يفهموا مقاصده ،وقرروا وكذلك السلطان أنه مبتدع،
فمات بعد أيام في شهر محرم سنة 536هـ .
ابن بَرَّجَان
يعرفه ابن خَلِكَان في “وفيات الأعيان” أنه أبو الحكم عَبْد السَّلام بن عَبْد الرحمن بن محمد اللخمي الإشبيلي. اما ابن الأبار في كتابه “التَّكملة لكتاب الصلة” فيسميه عبد الرحمان بن أبي رجال،وكذلك حلاه بهذا الاسم الإمام الذهبي في “سير أعلام النبلاء”. وتسميه العامة بمراكش “سيدي بو الرجال .
كان مقرئا، محدثا، متكلما، مشاركا في الهندسة والحساب. واشتهر بتفسيره الرائق للقرآن الكريم اسمه ” تنبيه الأفهام إلى تدبر الكتاب الحكيم وتعرف الآيات والنبأ العظيم “، ومن كتبه أيضا شرح أسماء الله الحسنى وتأليف آخر في الحديث يسمى “الإرشاد” كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث ـوتحقق بعلم التصوف .. وأكثر كلامه على طريق أرباب الأحوال والمقامات ، ذا مكانة عالية حتى وُصف بغزالي المغرب .قال عنه ابن الزبير في”صلة الصلة” بأنه “أخذ من كل علم بأوفر حظ، مؤثرا لطريقة التصوف وعلم الباطن، متصرفا في ذلك، عارفا بمذاهب الناس، بريئا من تعمق الباطنية، شديد التمسك بالكتاب والسنة.انتهى
عاش ابن بَرَّجَان في أيام دولة المرابطين وهي الدولة التي بوأت الفقهاء مكانة عَليا،وأحرقت في آخر أيامها كتب الإمام الغزالي،وعرفت في نهايتها ثورة “المريدين” بزعامة ابن قُسي في الأندلس.وقد كانت هناك حلقات وصل بين أقطاب التصوف في تلك الفترة، خاصة بين ابن بَرَّجان وابن العريف وابن قُسي، وكان ابن العريف في رسائله يُحَلِّيه “بالشيخ الفاضل الإمام أبي الحكم ،شيخي وكبيري.
عاش ابن برجان أكثر من ثمانين سنة،و توفي سنة 536 للهجرة ،ودفن برحبة الحنطة بمراكش ،وقد طرح جثمانه بالمزبلة كما يقول ابن الزيات في التشوف، وكان أبو الحسن علي بن حِرْزِهم(وهو معروف عند العامة بسيدي حْرَازم) يومئذ بمراكش،فأمر رجلا أن ينادي في طرق مراكش وأسواقها: يقول لكم ابن حِرزهم: احضروا جنازة الشيخ الفقيه الصالح الزاهد أبي الحكم بن برجان،ومن قَدَر على حضورها ولم يحضِر فعليه لعنة الله”.
في شرحه المسمى”تنبيه الأفهام إلى تدبرالكتاب الحكيم وتعرف الآيات والنبأ العظيم”أورد في مطلع تفسير سورة الروم الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ” نبوءة حيرت العلماء وكان ذلك في عام 522 هجري في الوقت الذي كان الصليبيون قد سلبوا مدينة القدس الشريف من ايدي المسلمين .. قام ابن برجان بعمليات حسابية سيميائية توصل من خلالها الى أنه.. سيتم تحرير القدس الشريف.. في يوم الجمعة ..27 رجب سنة 583 هجري ..
وتوفي ابن برجان في سنة 536 هجرية اي قبل الموعد الذي حدده ب ..47 سنة .. في عام 579 هجري ذهب صلاح الدين الايوبي رحمه الله لفتح مدينة حلب واستطاع بفضل الله تطهير المدينة من الخارجين عن الاسلام ..
هنا وفي هذه اللحظة المباركة انشد الشيخ القاضي زكي محيي الدين قاضي دمشق بيتا من الشعر قال فيه مخاطبا صلاح الدين .. وفتحكم حلب الشهباء في صفر ….مبشر بفتح القدس في رجب .. قام عندها الفقهاء يسألونه منكرين عليه .. من اين اتيت بهذا الغيب ؟؟ الا انه لم يرد عليهم،،وبعد اربع سنوات وفي تاريخ 27 رجب عام 583 تم تحرير بيت المقدس من ايدي الصليبيين وفي نفس التاريخ الذي تنبأ به ابن برجان رحمه الله تعالى .. فبدأ الناس يسألون القاضي زكي محيي الدين وسط ذهول عجيب .. عن مصدر كلامه ؟؟فاشار الى تفسير ابن برجان رحمه الله تعالى ..
سيدي ابن العريف
هو ابْنُ العَرِيْفِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الأندلسي مولدا ونشأة الطنجي أصلا.
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، العَارِفُ، المَرِيِّيُّ، صاحب المَقاماتِ والإِشاراتِ.،” وُلد سنة481ﮪ، بألمرْيَة وهي العاصمة الروحية لجميع صوفية الأندلس.هو عالم جليل،وعارف رباني كبير،عَلمٌ شامخ في سجل أعلام المغرب والأندلس، ونجم ساطع في سماء أهل الزهد والتصوف، يُعد من مشاهير أولياء المغرب المتشبعين بالعلم والعمل، والمعروفين بالتقوى والورع،عاصر كبار العلماء والشيوخ في عصره وصَحبهم، أمثال: “حُجة الإسلام أبو حامد الغزالي، -الذي تأثر بطريقته- والقاضي أبو بكر بن العربي، ومحمود الزمخشري، والإمام المازري، وأبو بكر الطرطوشي ،و كذا القاضي عياض ،وأبو الوليد بن رشد الجد وغيرهم”. فبرز في الحديث واللغة والأدب، والتفسير وكانت عنده مشاركة في العلم وعناية بالقراءات وجمع الروايات واهتمام بطرقها وحملتها .
أخذ التصوف عن شيوخ كبارأمثال الشيخ ابن برجان. فجمع رحمة الله عليه في تناسق فريد بين علوم الشريعة وعلوم الحقيقة، كان من أتباع الطريقة الغزَّالية ومن أول المفسرين لتصوف الغزالي بالمغرب، ويقول التنبكتي في حقه: “فقيه زاهد، عارف محقق…كان يكتب سبعة خطوط لا يشبه بعضها بعضا”.
يقول في إحدى قصائده المَدحية مُعَبَّرا من خلالها عن حبه، وشوقه لنبيٍّهِ، وتعظيمه لرسالته:
وحقك يا محـمد إن قلبـي== يحـبك قُربة نحو الإله
جَرت أمواج حبك في فؤادي== فهام القلب في طيب المياه
يقول في حقه العباس بن إبراهيم في “الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام” أنه: “إمام في الزهد،عارف محقق عُرف رحمة الله عليه “بالكرامات المستطابة، والدعوات المستجابة، ولِمَا كان عليه ببلده ألمرية من الأحوال الحسنة المرضية في الجد والاجتهاد، وملازمة الأذكار والأوراد، وصُحبة العُباد والزهاد،
وهو صاحب البيت الشهير على ألسنة الناس:
يا واصلين إلى المختار من مُضر= زرتم جسوما.وزرنا نحن أرواحا.
قال في كتابه محاسن المجالس:” ليس بين الله وبين العباد نسب الا العناية ،ولاسبب إلا الحكم ،ولاوقت غير الازل،ومابقي فَعَمى وتَـلْبيس” انتهى
يقول ابن الزيات التادلي في “التشوف” في حق ابن العريف “كان متناهيا في العلم والدين، منقطعا إلى الخير، وكان العباد وأهل الزهد يألفونه ويقصدونه ويحمدون صحبته”. وينقل ابن الزيات عن أبي بكر بن خير قوله: “أخذت عنه واستفدت منه مواعظ ووصايا، وذاكرته في أشياء من طريق الصوفية وأفادني”.مات سنة 536هــ ودفن على بضعة أمتار من الشيخ ابن برجان. رحهما الله تعالى
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد نبي الله وعلى الزهراء بنت رسول الله