ابليس والطرق الصوفية الحقة

ابليس والطرق الصوفية الحقة                                                                    كلنا يعرف حديث جبريل،عن الاسلام والايمان والاحسان .                                  فالإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله،وأن محمدا رسول الله،وتقيم الصلاة،وتؤتي الزكاة،وتصوم رمضان،وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.                              والإيمان:أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه،ورسله،واليوم الآخر،وتؤمن بالقدر خيره وشره.أما الإحسان هو :أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. 

    وابليس يتعرض لكل داخل لهاته المقامات،ياتي كل صنف من كل الجهات

  قال تعالى عن ابليس(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)               فلأصحاب مقام الإسلام، ياتيهم من جهة الوضوء،والصلاة والزكاة الى غير ذلك ،والإيمان من جهة صفات الله واسمائه فيصرفهم عن حقيقتها،ويدفعهم لإنكارها والإلحاد فيها،والتشكيك في الكتب السماوية،والملائكة،واليوم الاخر الى غير ذالك… 

          وقد ورد في العديد من كتب التراث الإسلامي،قصص لإبليس مع عباد وزهاد من أهل التصوف. وأكبرعدو له هو أصحاب مقام الإحسان،لأن أهل التصوف يقتدون بشيخ مربي يسيرون بسيره،لابهوى أنفسهم ،ويقومون بتزكية أنفسهم،والتخلي عن الأخلاق الدميمة،والتحلي بالأخلاق الفاضلة،والزهد في الدنيا،فيصعب عليه فتنتهم لأن ليس في قلبهم شيء من الدنيا يمكن أن يدخلهم منه،وهو أشد عداوة لأصحاب التصوف العرفاني ،لأن المعرفة تنشل صاحبها من أوحال التوحيد فيرق توحيده،ولا يكون في قلبه سوى الله،ولايرى فاعلا سوى الله،ولا معطيا ولامانعا سوى الله .ومن هنا اتجه ابليس الى الفقهاء وعلماء الرسوم يحرضهم على العارفين بالله،أصحاب الحقيقة الذوقية القلبية،فـقُتل البعض منهم،وكُفرالكثير منهم ،وعلى رأسهم الشيخ الأكبر،وقد أصدر شيخ الإسلام شهاب الدين بن حجر الهيثمي،في كتابه الفتاوى الحديثية، فتوى ينبه الى أن شيوخ التصوف العرفاني،أولياء الله ويحذر من يكفرهم.

كما كان ابليس يحرض الحكام على شيوخ التصوف،ويوهمهم أن بكثرة أتباعهم يطمعون في السلطة،وكم من شيخ قتل في هذه الصدد.                                    وراح ابليس في شطحاته وخرجاته الشيطانية،يزين لبعض الناس أمرهم ويحفزهم على إنشاء طرق صوفية،وتصدر مشيختها،ويكون لهم معينا بالمال وبالغيبيات وبتزيين طريقتهم للعامة،وكما ترون فالمدعون للمشيخة كثيرون في زمننا،فازداد عدد الاختام والاغواث “وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك”.

 

فتصدر مشيخة الطرق الصوفية أشخاص منهم من لم يتجاوز الثلاثين من عمره، والبعض لم يتربى على يد شيخ قط.شيوخ خلب،ودواب بدون رأس لا إذن لهم ، ومن لا إذن له لاوصول له. والدابة بدون رأس هو كل من يتصدر التربية بدون إذن.           إذا امطتيت دابة بدون رأس  ألقت بك في حفرة،فهي لا ترى الطريق،ولا تعرفها،وقد نبه الكثير من شيوخ التصوف لهذا الأمر،وكتب كذالك الشيخ الرواس كتابا مبينا علامات الشيخ المحمدي المأذون له ،وفي أول حكمة  يقول ابن عطاء الله .السكندري،يقول لاتصاحب من لاينهضك حاله ويدلك على الله مقاله

وأشار الى الحال والى المقال،وما قال لا تصاحبه حتى تراه يطير في الهواء او يسير فوق الماء او يريك الطائر الحمليق في الليلة الظلماء.

اذا اشترطت في الشيخ صفة لاعلاقة له بها، تهت وكنت كمن ذهب عند طبيب واشترط فيه أن يكون طويل القامة،وذو عضلات مفتولة ،وتظهرعليه القوة، وتشع الصحة والعافية من وجهه،ولا يصيبه المرض، ظنا منه ان من لم يتصف بهذا فليس بطبيب، فلا صفة للعارف غيرالمعرفة ،ومن هذا الباب دخل ابليس كذالك على السالكين يلبس عليهم الشيخ الحقيقي فَيُخَيله لهم بعكازة،ولحية طويلة، ومُنَوَّر،ولباس انيق وفاخر، وسبحة في العنق وكثرة الاتباع… (رب أشعت أغبر ذي طمرين لا يؤبه له،لو أقسم على الله لأبره)(الحديث)فالأشعت الأغبر لم يعد مقبولا في زمننا،قيدنا المعرفة بصفات ظاهرة وهي حقيقة باطنة…وفتحنا الباب للمدعين والمتطفلين على التصوف،وأصبح لكل طريقة تصوفها                                                                                  أما الخيام فإنها كخيامهم= وارى نساء الحي غير نساءها                                      الخيام يقصد به الظاهر،أما النساء فيقصد بهن الباطن،الباطن اختلف،لأننا حكَّمنا الظاهر في التصوف

     وبتعرض الشيطان للطرق العرفانية،تجد عدد المريدين الذين ينتمون إليها قلائل. فابن عربي لم يتتلمذ على يديه الا شخصان :صدر الدين القونوي وابن سودكين .     أما الجيلي فلم يرد في كتبه ،أو في كتب  التصوف أنه أنشأ طريقة أو كان له مريدين

 

  ومن هذا الباب لم تسلم طريقتنا من مكايد ابليس،فقد هيئ نفسه شخصيا وأبناؤه، لمحاربتها ومحاولة اختراقها،وتشتيت مريديها،لأنها حق،وهو باطل يكره الحق ويعاديه،والضدان لا يجتمعان،ولأنها تسلك بالمريد على سنة الله ورسوله،ولا أثر للبدع فيها،والكل سواسية،الاستاذ والمريد،تعطي المعارف والاسرار دون بخل،المقصود هو وجه الله، لا المال والشهرة.وابليس يعرف هذا،فلم يحاول التسرب إليها من خلال المال،وطلب المناصب والجاه،وحب الظهور،والشهوات الدنيوية ،لأن ليس في قلب أصحابها  ميلا للدنيا وزخرفتها،ليس فيه إلا حب الله ورسوله ،ومعرفة الله وسوله صلى الله عليه سلم. 

أتى اللعين من باب المعرفة “وصدق وهو كذوب”خذعنا بالمعرفة،ومن خذعنا في الله انخذعنا له. ولكن والحمد لله النسب الروحي للطريقة قوي،وسلسلتها الصوفية ذهبية بداية من شيخنا مولاي عبد السلام الوهراني رحمه الله تعالى،ومرورا بسيدي محمد الكتاني ،ووصولا الى القطب ابن مشيش.والمريدون المنتمون إليها صوفية حقيقيون يبحثون عن المعرفة،فلم يستطع تشتيتها ،ولم ينل مراده وخاب أمله،وأدبر وله ضراط.

كما ان الطريقة ولدت وشبت على مشرب سيدنا علي كرم الله وجهه،وعندما بلغت أشدها تبنتها سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها.فنحن ابناؤها والأم لا تتخلى عن ابنائها.

ابتلاء غيم على الطريقة،سحاب خلب لم يمطر.                                          (وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا)

واذا نزل القدر،عمي البصر،ورفع الحذر

حصل المقال على : 564 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (2)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد