إشاراتٌ في الرّسم القُرآني(الحلقة 8)

فتُوح المعارف والمسالك

في إشارات كلمة “هنالك”

إشاراتٌ في الرّسم القُرآني (الحلقة الثامنة)

سنعرض في هذا الموضوع نتاج مذاكرة جرت مع ثلة من اهل طريقتنا ومحور المذاكرة كان الكلمة القرآنية ( هُنَالِكَ) الواردة في الآية الكريمة ( ٱللَّهَ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابٍ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِیَّا رَبَّهُۥۖ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِی مِن لَّدُنكَ ذُرِّیَّة طَیِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِیعُ ٱلدُّعَاۤءِ)آل عمران 38 :

 (هنالك) ظرف زمان ومكان دالٍّ على مشروعية اقتناص اوقات و أماكن الفضل للاستجابة الدعاء (هنالك)..هو إسم إشارة الوحيد في القرآن الذي جاء رسمه بإثبات الألف: فمثلا حروف الإشارة الاخرى  (أولٰٓئك..ذٰلك..) وردتْ كلها محذوفة الألف..                                                                  

فدعاء سيدنا زكريا كان عندما وجد عند الصديقة مريم عليهما السلام رزقا بلا سبب.(وَكَفَّلَهَا زَكَرِیَّاۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَیۡهَا زَكَرِیَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقاۖ قَالَ یَـٰمَرۡیَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابٍ)فتحركت في نفسه غريزة الأبوة فتضرع الى الله أن يرزقه وارثا صالحا ..

قال تعالى “يرزق من يشاء بغير حساب”. والحساب هو تعلق رزق الارض بحسابات أهل السماء. فلا ينزل لك الا بعد ان يمر من السماوات السبع. وينظر لما ييسره وما يعاكسه.. فإن وجد ما يعاكسه تأخر. وان وجد ما ييسره تقدم ومما ييسر الرزق الصدقة ومما يعاكسه كثرة المعاصي.. وكم من شخص عنده سحر أوعقم ومع ذلك رزق بذرية لوجود سر ‘هنالك’. فمر رزقه بدون حساب.

“من عند الله “رزق من العندية الإلهية لا يطلع عليه أحد.

فمن شرف الزمان: ازمنة معلومة كالثلث الاخير من اليل والاسحار و اول ليلة في رجب والنصف من شعبان و ليلة القدر برمضان .ومن شرف المكان المساجد،وعلى راسها المسجد الحرام ،والمسجد النبوي و المسجد الاقصى .

وشرف اخر باطن هو حين تعثر على سر من اسرار الايات  القرانية … وعندما تقف على نعت خفي لمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في اية او في ضمير فهنالك صلي على المولى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  وادع بما شئت فهي ساعة استجابة ،دعاءك مستجاب بدون تقيد بالاسباب..

فيعلو بها شرف مكانك و مكانتك وزمانك..

وسر(هنالك) لم يكن فيمن قبلنا الا في الانبياء،اما في الأمة المحمدية فصار عطاء للجميع..

 اللهم صل على من فتح باب الاستجابة لأمته وخصهم بخصيصات الأنبياء فكانوا نبراسا لمن سواهم.

 فاختُصِر الطريق ورُبط  العالم العلوي بالعالم السفلي ارتباطا مباشرا لا واسطة فيه الا نبينا صلى الله عليه وسلم ..:: لا اله الا الله محمد رسول الله.. وعندما كُشِف الحجاب ورأى اهل الجنة ربهم كل على قدر معرفته قالوا: ( دَعۡـوَىٰهُـمۡ فِیهَا سبحـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ) فنزهوا الحق وأقروا بوساطة سيدنا محمد.

(بغير حساب) وردت 7مرات:

4في حق الرزق.كقوله تعالى “يرزق من يشاء بغير حساب”

واحدة  في حق النبوة.”هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب”

واحدة  في حق الأجر”يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب”

واحدة  في حق الجنة” يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب”

-إثبات الألف في كلمة *هنالك* هو إثبات لوِجهة يتوجَّه بها وإليها الداعي في دعائه و يجعلها قصدا و وسيلة لاستجابة الدعاء: فهي حاوية لشرف المكان و شرف الزمان ..وما شرُف المكان و الزمان حقا و حقيقةً إلا بسريان سر النبوة والرحمة و اللطف فيه ف(شرف المكان بالمكين)..و الشاهد من طريق الإشارة  *ذِی قُوَّةٍ عِندَ ذِی ٱلۡعَرۡشِ مَكِین* صلى الله عليه و سلم و آله..

– هنالك* حساب جُمّلُها يعطي: هنالك=53+53.. *أحمد أحمد*..هو في باطن الامر تعلق بالصفة و الصفة عين الموصوف صلى الله عليه و سلم ،فالكل من مقتضى القرءان ويمر عبر خزائن الاسماء الالهية وبحضور المصطحب معه (إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي..): احمد احمد.106 .هنالك..53 +53.. .هي 106 وهو جمل اللهم كسرا..أي أن  اللهم..:هي تَجَلٍّ للاستجابة يربط الاسم  بالنبوة فتكون الاستجابة سريعة..وما هاته الاستجابة إلا جبرا لكسر الكون بمولانا احمد صلى الله عليه و سلم ..

فلو تمعنت لوجدتَ أن معنى الإصطحاب هنا حاضر : فالاسم الجامع ،رئيس الأسماء الله 66 مصطحِب بالميم المحمدي 40 (66+40=106) ،أيْ أنّ العطاءات الإلهية كلُّها تمُرُّ مِنَ الإصْطحاب (إسم الجلالة الله) و المصطحب معه(محمد) و كلها من مقتضى  القرءان(أحمد) ..( انظر شرح جوهرة الكمال)   

كل العطاءات حسية كانت أومعنوية إلا وهي من مقتضى القرءان وما مِنْ شئ الا وهو به منوط إيجادا و إمدادا..و الاربعون40 كما تشير الى الميم المحمدي تشير أيضا الى الدوائر الكونية : ” هُنَالِكَ” .تجد الصفة الموصوف ..احمد محمد صلى الله عليه وسلم ..هنالك ،المقصود وكعبة الوجود (فأينما تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وجه ٱللَّهِۚ) *                                                                                                            هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِیَّا رَبَّهُۥۖ.. … إشارات لتحري الاستجابة في الزمان والمكان المناسبين: ..والاستجابة لها شروط : ألا ترى أن المولى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم صرّح أن من علائم و شروط الاستجابة استهلال الطلب بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم و اختتامه به لأن الله تعالى كريم جواد يستجيب صلاة العبد وسلامه على حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا ريب يستجيب ما بين البدء و الاختتام..وقد يصل المومن لمرتبة يربط فيها العالم العلوي بالأرضي لتظهرعلى يده علائم الاستجابة: ومباشرة بعده جاءت الاستجابة بفاء التعقيب” فنادته.”                                                          – ومن اللطائف أن  دعاء سيدنا زكريا كان كلما دخل المحراب..و حين سال سيدتنا مريم هنالك دعا أيضا.. ففي هذا إشارة إلى وجوب وجود شخص مقرب من الحضرة اي الشيخ المأذون له إشارة لهذا..قال شيخنا قدس الله سره:….  فالجلوس مع مرب مقبول محبوب مقرب ساعة أفضل من الاجتهاد سنة..) وقال استاذنا في “مواقفه الاحمدية”( الموقف 121): …..وابحث عن من يدلك على الله .عليك بشيخ عارف يقيك في طريقك المهالك،ويقود راحلتك من جنة الزخارف الى جنة المعارف..اهــ.

ومن لطائف الإشارات : أنك لو حسبت عدد الحروف في الآية (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِیَّاء رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبۡ لِی مِن لَّدُنكَ ذُرِّیَّة طَیِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِیعُ ٱلدُّعَاۤءِ) تجدها 53 وهو مطابق لعدد جُمل *أحمد ..

 و الحمد لله على سيدنا و مولانا محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و على آله و من والاه

الفقير الى عفو ربه ابن الفاطمي

حصل المقال على : 915 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد