السؤال الثاني من أسئلة الجن المسلمين

  1. قال الشيخ الشعراني في اخر سؤال 80 :”… وقد أجبتكم بحكم الوقت فربما فتح الله عليّ بعد ذلك بما هو أرقى منه ولله الحمد”. وقد اجبتكم بحكم الوقت، أي ما تعطيه تجليات زمانه،وفتوحات وقته.فكان رضي الله عنه مطلعا عليها،وكان جوابه كافيا شافيا. والجن المسلمون يحضرون مجالس الذكر والمذاكرة للصوفية وغيرهم ،فعرفوا ان الشخص الوحيد الذي يمكنه الجواب على أسئلتهم هو الشيخ الشعراني رحمه الله تعالى،فعرضوها عليه. فأسئلتهم ليست بالسهلة،وتنم على أنهم على معرفة واسعة بحقائق التصوف، فأجوبتي هي اضافات لما قاله الشيخ  الشعراني رحمه الله تعالى. 

.
السؤال الثاني: الاتّحاد الذي يشير إليه أهل الإلحاد،هل المراد به أن ترجع صورة العبد هي عين الحق أم المراد غير ذلك ؟.
الجواب:

المراد بالاتحاد في لسان القوم فناء مراد العبد في مراد الحق،فلا يصير للعبد مراد مع الحق أبداً إلا بحكم التبعية. وأما عند أهل الإلحاد فهو زعمهم أن ذاتهم صارت ذات الله،وهذا كفرعظيم،وعباد الأوثان أخفّ حالاً من هؤلاء فإنهم قالوا ما نعبد الأوثان إلا ليقربونا إلى الله زلفى،فما تجرّؤوا أن يجعلوها آلهة مستقلة،وهؤلاء ادّعوا أنهم صاروا عين الحق،وإن كان سيد المرسلين لم يقع له هذا الاتحاد في أعلا مراتب قُربه ليلة الإسراء،وإنما كان من حضرة الحق الخاصة كقاب قوسين فلم تتّصل دائرة خلقه بدائرة حقّه،فكيف يدّعي هذا الاتحاد شخص مطرود ،في حضرة إبليس.. فما وصلت الأولياء الكمّل بحكم الإرث لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إلى مقام علم قاب قوسين،مع تبايُن مشهدهم لمشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الله،لأنه صلى الله عليه وسلم شهد ذلك بعيني رأسه،والأولياء يشهدون ذلك بعيني قلوبهم.

سؤال بليغ، وجواب قيم رحم الله تعالى الشيخ عبد الوهاب الشعراني ونفعنا بعلومه وببركته.

قــــــلــــت :

الاتحاد في معناه الشائع هو امتزاج شيئن اوأ كثر في كل متصل الأجزاء.والإتحاد في الجنس يسمى مجانسة، وفي الكيف مشابهة ،وفي الكم مساواة وفي الأطراف مطابقة،وفي الإضافة مناسبة وفي جميع المعاني موازاة(المعجم) .

وفي المصطلح الصوفي هو شهود الوجود الحق،الواحد المطلق،الذي الكل موجود به، فيتحد الكل به في هذا المشهد من حيث كل شئ موجودا به معدوما بنفسه، لامن حيث أن له وجودا خاصا إتحد به (الجرجاني التعريفات ص6).

قال تعالى( ليس كمثله شيء)فالحق تعالى لا يشبهه شيء، ولا يتحد مع شئ ،ولا يحل في شئ .الرب رب والعبد عبد ،ليس هناك مناسبة ولا مجانسة بينه وبين مخلوقاته ،له الغنى المطلق،والغيب المحقق، لاتنفعه طاعة مطيع ،ولا تضره معصية عاص،ولا علاقة للخلائق إلا مع النور الاسبق للخلائق،محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم،ومع تجليات الأسماء الإلهية.فالاسم الرزاق يطلب المرزوق،والمريض يطلب الشافي،والمذنب يطلب الغفار،وقس على هذا باقي الأسماء الإلهية

قال تعالى(ياأيها الناس أنتم الفقراء الى الله) فإذا كانت (الذات الإلهية) تطلب الاتحاد فهذا ينفي عنها الغنى،وينفي عنها الكبرياء، فالمتكبر،لا يسعى للإتصاف بغيره،خصوصا إن كان غيره،عبده. فالأسماء الإلهية هي التي تطلب الظهور،لا الذات الإلهية تعالت عن ذالك علوا كبيرا.

  قال ابن عربي في فصوصه:هو الظاهر في المظاهر،اهـ. أي ظاهر بأسمائه وصفاته في مخلوقاته ،لا بذاته تعالى عن ذلك علوا كبيرا ..

فالحق تعالى(ليس كمثله شئ )وكل ما خطر ببالك ،فالله تعالى خلاف ذلك . 

  أحديته لا تدرك،هي حضرة سحق ومحق،وهي صفة فما بالك بالذات؟ ووحدانيته خاصة فلا مثل له،لا في افعاله ولافي صفاته،وما قال بالإتحاد إلا أهل الإلحاد.  

 يقول ابن عربي في رسائله طبعة 1997 الصفحة 409 .: ….وقد يكون الإتحاد عندنا عبارة عن حصول العبد في مقام الإنفعال عنه بهمته ،وتوجه إرادته لامباشرة ولا معالجة فبظهوره بصفة هي للحق تعالي حقيقة تسمى إتحادا لظهور حق في صورة عبد،وظهورعبد في صورة حق( يشير الي الحديث فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع بع وبصره الذي يبصر به….)وقد يطلق الاتحاد في طريقتنا لتداخل الحق في الأوصاف والخلق . فوصفنا بأوصاف الكمال من الحياة والعلم ،والقدرة والارادة ،وجميع الأسماء كلها وهي له،ووصف نفسه بأوصاف ما هو لنا من الصورة ،والعين،واليد،والرجل، والدراع،والضحك ،والنسيان،والتعجب والتبشبش وأمثال ذلك مما هو لنا فلما ظهر تداخل هذه الأوصاف بيننا وبينه سمينا ذلك اتحادا. انتهى.

وفي ج 3/ ص224: … فالرب رب والعبد عبد فلا تغالط ولا تخالط.

وفي ج3/ ص378:… فلا يجتمع الحق والخلق أبدا في وجه من الوجوه فالعبد عبد والرب رب.

وفي ج 4/ص2: … فإن الله لا يحل في شيء ولا يحل فيه شيء إذ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وفي ج4/ ص372 : ما قال بالإتحاد إلا أهل الإلحاد.

وفي ج4/ ص379: ومن قال بالحلول فهو معلول وهو مرض لا دواء لدائه ولا طبيب يسعى في شفائه.

يقول الجيلي إن إعتقد الناظر إلي مؤلفاتي بأني أقول بذلك (أي الحلول أو الاتحاد) فليعلم ذلك الناظر أن ذلك من حيث مفهومه لامن حيث ما أريده (الانسان الكامل ج 1 ص4 ).

ويقول في قصيدته النادرات (310أبيات) :

تنزه ربنا عن حلول بقدسه =وحاشاه بالإ تحاد تجامع

ويقول في موضع اخر:

وغص في بحار الإتحاد منزها =عن المزج بالأغيار اذ انت شاجع

فلاتك مع إبليس في شبه سيرة =ودع قيده العقلي فالعقل رادع

يعني هنا بالاتحاد اثبات شهود الصانع بعين التحقيق،وعدم النظر للمظاهر بعين العقل ،كما فعل إبليس الذي نظر الي الصنعة .وعدم المزج بالأغيار أي أن ذات الله لاشبيه لها.  

  فالاتحاد عند أهل الإلحاد ،كفر محض ،وعباد الأوثان أخفّ حالاً منهم فإنهم قالوا ما نعبد هم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. وما جعلوا اصنامهم عين الله.

حصل المقال على : 395 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (3)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد