يقول الشيخ الاكبر قدس الله سره في ج1 ص 113
………فنقول إن الله تعالى لما أوجد الكلمة المعبر عنها بالروح الكلي إيجاد إبداع أوجدها في مقام الجهل ومحل السلب أي أعماه عن رؤية نفسه فبقي لا يعرف من أين صدر ولا كيف صدر وكان الغذاء فيه الذي هو سبب حياته وبقائه وهو لايعلم فحرّك الله همته لطلب ماعنده وهو لايدري أنه عنده فأخذ في الرحلة بهمته،فأشهده الحق تعالى ذاته فسكن وعرف أن الذي طلب لم يزل موصوفاً.وعلم ما أودع الله فيه من الأسرار والحكم ،وتحقق عنده حدوثه وعرف ذاته معرفة إحاطية فكانت تلك المعرفة له غذاء مُعيناً يتقوّت به، وتدوم حياته إلى غير نهاية فقال له عند ذلك التجلي الأقدس ما أسمي عندك فقال أنت ربي فلم يعرفه إلا في حضرة الربوبية(1)وتفرد القديم بالألوهية،فإنه لا يعرفه إلا هو ،فقال له سبحانه أنت مربوبي وأناربك،أعطيتك أسمائي وصفاتي(2)فمن رآك رآني(3)ومن أطاعك أطاعني،ومن علمك علمني،ومن جهلك جهلني(4)فغاية من دونك أن يتوصلوا إلى معرفة نفوسهم منك،وغاية معرفتهم بك العلم بوجودك،لابكيفيتك (5)كذلك أنت معي لا تتعدى معرفة نفسك ولاترى غيرك ولايحصل لك العلم بي إلا من حيث الوجود ولو أحطت علماً بي لكنت أنت أنا ولكنت محاطاً لك وكانت أنيتي أنيتك وليست أنيتك أنيتي (6)فأمدك بالأسرارالإلهية وأربيك بها فتجدها مجعولة فيك فتعرفها وقد حجبتك عن معرفة كيفية إمدادي لك بها إذ لا طاقة لك بحمل مشاهدتها إذ لو عرفتها لاتحدت الأنية وإتحاد الأنية(7)محال فمشاهدتك لذلك محال هل ترجع أنية المركب أنية البسيط لا سبيل إلى قلب الحقائق فاعلم أن من دونك في حكم التبعية لك (8)كما أنت في حكم التبعية لي فأنت ثوبي، وأنت ردائي،وأنت غطائي (9).فقال له الروح ربي سمعتك تذكر أن لي مُلكاً فأين هو(10)
انتهي
يشير ابن عربي في هذه التحقيقات إلى :
1= الحقيقة المحمدية أول مخلوق لم تعرف الله تعالى إلافي حضرة الربوبية أي بواسطة الأسماء الإلهية التي تطلب المربوبين،اما الذات الإلهية،فلا معرفة له بها، فلا يعرف الله إلا الله .فلا تجل للذات الإلهية،لها الغني المطلق.
في ج3 ص 173 يقول :فلا ظهور للذات الإلهية في الصور إنما الظهور لمرتبة الربوبية و إلى دائرة الاسم “إله. “
2= هذا اشارة الى الاصطحاب وتحلي النبوة المحمدية بجميع الأسماء والصفات الإلهية
3= لا تقع الرؤية إلا على الوجهة الحقية للنبوة المحمدية(من رآني فقد راى الحق ) الحديث. فما شاهد العارفون إلا إيها ،وما سمعوا إلا منها. وهي الحجاب المذكور في سورة الشورى (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلَّا وَحۡيًا أَوۡ مِن وَرَآيِٕ حِجَابٍ أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُ إِنَّهُۥ عَلِيٌّ حَكِيمٞ) وانتبه الى كلمة (وَرَآيِٕ) كيف كتب،ولم تكتب(وراء) كما في سورة الاحزاب.
4= لا معرفة لنا إلا بها : معرفة الله هي معرفة أسمائه،وصفاته،وكلامه ومعرفة نبيه كل عارف على قدر قامته إذ لو أحاط العلم بالذات لدخلت تحت القيد والحصر كما أن الله تعالى في غيب، فذاته تعالى منزه عن جميع النسب والإضافات مقدس عن سائرالعقود والإعتبارات فلا إسم يُعـيِّـنُه ولاوصف ينعته،ولارسم يميزه، ولا شهود يضبطه،ولا عقل يدركه.
5= معرفة الحقيقة المحمدية من المستحيلات لأنها نور إلهي ،محتدها الأحدية، والأحدية حضرة سحق ومحق ولا تجل بها،هي بطون لا يدرك.” ما عرفني حقيقة غير ربي”(و اخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها).
6=7= الحقيقة المحمدية،ليست هي الله ،تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا،بل هي عبد من عباد الله،أعطاه الله تعالى هذه الخصائص،وهي لاتعرف الذات الإلهية.هو صلى الله عليه وسلم في ترق دائم في معرفة الله ونحن في ترق دائم في معرفة حقيقته،ولن يصل صلى الله عليه وسلم الى معرفة الله ولن نصل إلى تمام معرفته.
8= فهو صلى الله عليه وسلم سدرة منتهى الجميع،والكل به منوط.
9= وهو صلى الله عليه وسلم حجاب الله الاعظم
10= الـمُـلك هنا إشارة إلى الخلافة الكلية للحقيقة المحمدية على الكون الإلهي.قال تعالى(قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِي ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُوَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُإِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ)فأتى الحق تعالى الملك نوره الأحدي،ونبيه الأحمدي(قد جاءكم من الله نو وكتاب مبين)القائم مقامه( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)نائبه في الكلام وفي الظهور(وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى)..
دع ما إدعته النصارى في نبيهم ●●وأحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
وانسب الى ذاته ما شئت من شرف●●وانسب الى قدره ما شئت من عظم
فإن فضل رسول الله ليس له ●●حد فيعرب عنه ناطق بفم