تحقيق عرفاني

الشيخ البيطار

قال الشيخ البيطار رحمه الله تعالى:قال صلى الله عليه وسلم: “أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر“.فهذه الأوليّة أوليّة حُكم لا أوليّة زمان،فإن الله تعالى سمّى نفسه بالأول قبل خلق الزمان،وأفاض من نور ذاته سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بدون دخول تحت حُكم الزمان،لأن الزمان من حُكم الفلَك، والفلَك مخلوق من النور المحمدي.فهو روح الله المنفوخ منه في آدم عليه السلام.فالروح المحمدي قطب الوجود بالأصالة، أزلاً وأبداً.فهو فرد الوجود الذي امتدّت من جوهر حقيقته الجامعة سائر الأرواح والأشباح.ولمّا أشرقت تلك الحقيقة النورانية في مرآة روح ابن الفارض وفَني وجوده بتلك الحقيقة الجامعة،قال بلسان الحضرة المحمدية:                                        وإنّي وإن كنت ابن آدم صورة //

فلي فيه معنىً شاهد بأبوّتي

فالأنبياء والأولياء مظاهرروحانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.المُشار إليه بقوله تعالى(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)فدلّ القرآن العظيم أن كل نبي مأموربالإيمان بسيدنا محمد وبنُصرته،وإنه الأصل،والباقون نُوّابه من أنبياء ورسل وأقطاب وأئمة.وهوما أشار إليه الحديث “آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة”، فاندرج الكلّ في حُكمه،فهو السيّد الأكبر على جميع السادات مطلقاً.ولو رام أحد أن يُحيط بأسرار معنى قوله تعالى: (تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) يُفني زمانه،بل زمان الدنيا بأسره،ولا يُحيط بمعنى هذه الآية. فإن الفرقان،من طريق الإشارة،هوالمعاني المتفرقة في الوجود، وأول تفرّق هوتفرّق الأسماء الإلهية.فهذا الفرقان،وما يتعلّق به من المعاني والأحكام والآثاروالحقائق والذوات والأعراض والتغيّرات والانتقالات والاستحالات،مع التكرار في الأنات، جميعه مُنزل على باطن سيدنا محمد(ليكون للعالمين نذيراً). فبذلك صحّ أنه نذيراً للعالمين على الإطلاق،وإنه رسول الرّسل ونبيّ الأنبياء ووليّ الأولياء وروح الأرواح وشبح الأشباح، وحقيقته المطلقة مُسمّى الأسماء،حتى أن القوم العارفين من أهل الله يتغزّلون بتلك الحقيقة المحمدية ويُكنّون عنها: بليلى وسلمى وهند وأسماء،وعن صورها في المشاهد القدسية والمجالي الروحية:بالظباء والغزلان والخيام والحيّ وأمثال ذلك،وقد يُكنّون عن الحقيقة المحمدية بالمنازل:كالعقيق ونعمان والمنحنى والنقاء،وعن الحضرة الإلهية بأسماء المعشوقات الشهيرات.انتهى.

الواردات الإلهية. العارف بالله محمد بَهاء الدين البيطار

قلت : الشيخ البيطار من العارفين الكبار. فالأولية المشارإليها في الحديث النبوي ليست أولية زمانية اإذ النورالمحمدي ،كان ولا زمان ولا مكان.هي أولية الحكم التابع للاسماء الإلهية.   و من أسماء الله الحسنى:الأول.                              الزمان مخلوق ومتعلق بدوران الفلك، بطلوع الشمس وغروبها ،الشمس وغيرها من الاجرام خلقت من تجليات اسمه تعالى الخالق والمبدع والمصور …الى غير ذلك من الأسماء التي لا يعلم مقتضاها الا الله تعالى.                                              كما يشير الشيخ البيطار(وهذا تحقيق مهم جدا)أن الروح المحمدي هو روح الله المنفوخ منه في آدم عليه السلام.. فالروح المحمدي قطب الوجود بالأصالة،أزلاً وأبدا.تعالت وتقدست وتنزهت الذات الإلهية أن تكون لها روحا (ليس كمثله شيء). فهوفرد الوجود الذي امتدّت من جوهر حقيقته الجامعة سائر الأرواح والأشباح.لهذا فكل الأنبياء أمروا،بأن يومنوا به، ويصدقونه ويقرون بحقيقته قال تعالى (إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَامَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) فهذه الاية تبين عظمة هذا النبي الكريم،وأقدمية نبوته،التي اخذ الله تعالى لها الميثاق من كل النبيئين،وكان معهم تعالى من الشاهدين،فهم في حقيقة الأمرنوابه صلى الله عليه وسلم.              قال تعالى(تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً).

يقول الشيخ البيطار رضي الله عنه:”وأول تفرّق هو تفرق الأسماء الإلهية”يقصد بهذا أنها عندما كانت في دائرة الواحدية،كل مقتضياتها كانت متساوية،أي لاتشاجر، مقتضى الضارهو مقتضى النافع،ومقتضى المعطي هومقتضى المانع ،وفي دائرة الالوهية كان التفرق،تميزت المقتضيات وانطلقت التجليات.فالعلوم الكونية الملكية،والملكوتية الظاهرة والباطنة ،كلها كانت مرتوقة في نورالنبوة،ومندرجة في حقيقته،اندراج النخلة في النواة(ففي حقيقة النواة هناك نخلة).ولا وجود لعِلْم بدون معلوم.فالنبوة هي هيولى الوجود وشجرة الأكوان المتفرع عنها كل شيء، فعلمها بالمقتضيات الكونية،علمها بنفسها، ومثالا لهذا دمج المعلومات الكثيرة في الوحدة المركزية للكمبيوتر،ثم تظهر بالتدريج تفصيلا على الشاشة،فتُعرف بالتالي المعلومات التي كانت مخزونة فيه. فالنبوة وجدت من الأحدية،واصطحابها في دائرة الألوهية، ألبسها حلل الأسماء الإلهية وحلة القرءان(ما فرطنا في الكتاب من شيء)فالقرءان فهرست الوجود، ولايوجد شيء إلاوهو في القرءان،فللنبوة المحمدية ترتق في مراتبها دائما أبدا،ترقي ذاتي لها،وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 271 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد