السؤال (9): فإن قُلت: (فبأيّ شيء يَفتتحون المُناجاة؟)
الجواب: بحسب (الباعث والدّاعي) لها. وذلك أن الحق إذا أجلَسهم هذه المجالس،فإنما يُجلسهم الحق فيها بعد (قَرع وفَتح وإستفتاح).. إذا أراد العبد نَجوى ربّه فليُقدّم بين يَدي نَجواه نَفسه لنفسه،فإن النّجوى (سامع ومُتكلّم). والعبد إن لم يكن الحق سَمعه فمن المُحال أن يُطيق فَهم كلام الله،وإن لم يكن الحق لسان العبد عند النجوى فمن المحال أن تكون نجواه صادقة الصّدق الذي ينبغي أن يُخاطِب به الله. فإذن (الحقّ ناجى نفسه بنفسه،والعبد مَحلّ الإستفادة) لأنها أمور وجودية،والوجود كلّه هو عَينه.. وأما مذهب الترمذي: فإن الذي يَفتحون به المُناجاة إنما هو تلبّسهم ب(الكبرياء)،ثمّ يتعرّون من بعضه بوجه خاص،ويُبقون عليهم ما يَليق أن يُسمَع به كلام الحق،ويُكلّم به الحق لتصحّ النّجوى. فيكون الإبتداء من العبد،فتكون له الأوليّة في هذا الموطن. وهو وجه صحيح. وهذا هو (الباعث الوَضعي) على النّجوى،والذي ذكرناه أولاً هو (الباعث الذّاتي)..
حصل المقال على : 313 مشاهدة