السؤال الأول من أسئلة الجن التي طرحوها على الشيخ الشعراني قدس الله سره، كتاب كشف الحجاب والران عن وجه اسئلة الجان
السؤال الأول : ما هو السبب الذي أخرج غالب مُكلّفي الخلق من شهود تنزيه الحق المطلق إلى وقوفهم مع التشبيه؟.
الجواب: سبب هذا الخروج بُعدهُم في شهودهم عن حَضرات الحق المطلق،فإنهم لو دخلوا حضرة الإحسان لم يجدوا للتشبيه ولا للتقييد في جانب الحق أثراً، ووجدوا ذلك الجمال المطلق منزهاً مقدساً عن أوصاف البشر،وكانوا كالملائكة لا يُشبّهون ولا يقيّدون،والله أعلم..
وقد أجاب رضي الله عنه ،عن السؤال بكيفية واضحة وموجزة
وللزيادة في الشرح والفائدة قلت : الذات الإلهية منزهة عن التشبيه وعن التنزيه،مطلقة غير مقيدة بكشفنا ولاتصلها معرفتنا،ولا تتعلق بها عبادتنا،لأن كل من ظن أنه يعبدها تعلق بها،وقيدها.وهي غنية عن الوجود ،ومن وجب له الغنى الذاتي عن المخلوقات،لايكون علة لشيء، فكونه علة يقتضي تعلق المعلول به ،وارتباطه به،والذات منزهة ان تكون بينها وبين المخلوقات نسبة ،لكن مرتبة الالوهية تقبل الاضافات ،لأن الإله يطلب المألوه،والمألوه يطلب الإله .فالرزاق يطلب المرزوق ،والمذنب يطلب الغفار،وقس على هذا باقي الاسماء.هناك سر رابط بينهما وهوالحقيقة المحمدية.
مرتبة الألوهية لها وجهة إلى الذات الأحدية،ووجهة إلى المخلوقات،ومن هذه الوجهة وصف تعالى نفسه بالهرولة،والضحك،والسخرية،والاستهزاء،والمكر،والغضب…إلى غيرذلك من الصفات البشرية،وتعدد الصفات لاينفي وحدة الموصوف.
فالألوهية جمعت بين الأضداد،فمن أسماء الله الضار،والنافع،والمُعطي والمانع …
أما الأحدية الإلهية،فهي التي وهبت الأسماء خصائصها،وصفاتها،والذات منزهة عن كل وصف يشبهها بالمخلوقات،لاتحل في كيان،ولا تظهر للعيان فكل الاوصاف التى فيها تشبيه انما تقع على الوجهة الخلقية لمرتبة الألوهية.
فمن يقول بالتشبيه أوالتنزيه في حق الذات الإلهية يقع في مستنقع أوحال التوحيد.فالمحققون الكبار لايتعدى كشفهم وأذواقهم مرتبة الألوهية.
أما قول الجن “من شهود تنزيه الحق المطلق”،فهو تنزيهه تعالى عن التنزيه،وهذا السؤال يفيد أن عند الجن معرفة بحقائق الألوهية فالسؤال نصف المعرفة. انتهى كلامي.
يقول الشيخ الاكبر في تجلي العلة رقم 57 : رأيت الحلاج في هذا التجلي فقلت له: يا حلاج، هل تصح عندك علته له؟ (أي أن يكون الله علة لشيء)وأشرت، فتبسم وقال لي: تريد قول القائل:يا علة العلل ويا قديماً لم تزل؟ قلت له: نعم، قال لي:هذه قولة جاهل، لوكان علة لارتبط، ولو ارتبط لم يصح له الكمال “تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً” قلت له:هكذا أعرفه،قال لي:هكذا فينبغي أن يعرف فاثبت.اهـ
جاء في الجزء الأول من الفتوحات ص42 في “مسألة”من وجب له الكمال الذاتي والغنى الذاتي، لايكون علة لشيء،لأنه يؤدي كونه علة توقفه على المعلول،والذات منزهة عن التوقف على شيء،فكونها علة محال، لكن الألوهيه قد تقبل الإضافات، فإن قيل: إنما يطلق الإله على من هو كامل الذات،وغني الذات لا يريد الإضافة ولاالنسب، قلنا: لامشاحة في اللفظ، بخلاف العلة فإنها في أصل وضعها ومن معناها تستدعي معلولاً، فإن أريد بالعلة ما أراد هذا بالإله فمسلم،ولا يبقى نزاع في هذا اللفظ إلا من جهة الشرع، هل يمنع أو يبيح أو يسكت. اهـ-
ويقول الشيخ في ف.ج4 ص54: عندي أن العالم هو عين العلة والمعلول،ما أقول إن الحق علة له،كما يقوله بعض النظار،فإن ذلك غاية الجهل بالأمر،فإن القائل بذلك ما عرف الوجود ولامن هو الموجود،فأنت يا هذا معلول بعلتك والله خالقك فافهم. اهـ
من ذلك في(باب 213)،ليس من الملة من قال بالعلة،الحق عند أهل الملة،لا يصح أن يكون لنا علة،لأنه قد كان ولا أنا،من كان علة لم يفارق معلوله، كما لا يفارق الدليل مدلوله، لو فارقه ما كان دليلاً، ولا كان الآخرعليلاً، الشفا من أحكام العلل، في الأزل، ماقال بالعلة إلا من جهل ما تعطيه الأدلة . . . في هذا الطريق القول بالعلة معلول،بواضح الدليل أحكام الحق في عباده لا تعلل.
ويقول في كتابه عقلة المستوفز ص69:إنه سبحانه ليس بعلة لشيء، بل هو الواحد، أوجد ماأوجده إيجاداً
من لم يكن إلى فكان.اهـ
خلاصة القول: قال صلى الله عليه وسلم” تفكروا في ءالاء الله ولا تتفكروا في ذات الله “. فالملائكة ما قالوا ونحن نسبح بحمدك ونقدس ذاتك.فما قيدوها بتسبيح. ولا بتقديس، وابليس ما اقسم بالذات بل اقسم بالعزة،(وعزتك لأغوينهم أجمعين).فما قيدها بقسمه. فالتفكر في الذات الإلهية بالتقييد أو التنزيه يرمي بك في دائرة أوحال التوحيد.
واشكر صديقنا ذ رشيد الذي لخص الكتاب في اقل من24 ساعة.