والذكر بالاسم المفرد هو: الذكر بأحد أسماء الله الحسنى مُفرداً،نحو الله أو أحد أو حي.. والاسم الجامع العام الأشهر لربنا عز وجل هو “الله”،وإليه تعود جميع الأسماء الحسنى والصفات العليا.وعندما يذكر العارفون مسألة الذكر بالاسم المفرد فهم يقصدون بالخصوص الذكر بالاسم الجامع (الله)،وهو وعاء أسرار جميع الأسماء والصفات، والذاكر به ذاكر بها جميعاً لأنها ترجع إليه وكلها صفات له،ولكل ذاكر به نصيب منه على قدر اجتهاده وإخلاصه. اسم الله: هو اسم عَلَم ذاتي لمرتبة الألوهية،الجامعة لحقائق الأسماء كلها،فهو الاسم الكامل المُحيط الجامع لجميع الأسماء،المُتقابلة وغير المتقابلة،فما ثَمّ من يقبل الأضداد في وصفه إلا الله. فكل موجود ليس له من الله إلا نسبة خاصة،أي اسم إلهي، وهذا الاسم هو في الحقيقة ربّه.فالأسماء الإلهية هي أرباب لمظاهرها ومَجاليها،أما الله فهو ربّ جميع الموجودات.
قال الإمام الجنيد:[ ذاكر هذا الاسم (الله) ذاهب عن نفسه،مُتّصل بربّه،قائم بأداء حقّه،ناظر إليه بقلبه،قد أحرقت أنوار الشهود صفات بشريته].
وقال العلامة الخادمي:[ واعلم أن اسم الجلالة” الله “هو الاسم الأعظم عند أبي حنيفة والكسائي والشعبي وإسماعيل بن إسحاق،وأبي حفص وسائر جمهور العلماء،وهو اعتقاد جماهير مشايخ الصوفية ومحققي العارفين،فإنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق مقام الذكر باسم الله مجرّداً.قال الله لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (قل الله ثم ذرهم)].
ويقول الشيخ أبو العباس المُرسي:[ ليكُن ذكرُك: الله،الله،الله .فإن هذا الاسم سلطان الأسماء،وله بساط وثمرة: فبساطه العلم،وثمرته النور.وليس النور مقصوداً لذاته،بل لما يقع به من الكشف والعيان. فينبغي الإكثار من ذكره واختياره على سائر الأذكار، لتضمّنه ما في “لا إله إلا الله” من العقائد والعلوم والآداب والحقائق..].
وعند العارفين أن الحقيقة المحمدية قد تحلّت وتخلّقت بجميع الأسماء والصفات الإلهية،وظهرت بأوصاف الربوبية،لهذا قال صلى الله عليه وسلم: “من رآني فقد رآى الحق”،وقال الله تعالى: (إن الذين يُبايعونك إنما يُبايعون الله).
وكما هم معلوم أن الوجود لا تخرج ذرة منه عن تجليات الإسماء الإلهية.وعند العارفين أن الحقيقة المحمدية سارية في كل الوجود،ولولا هذه السراية لانهدّ الوجود ولم تقُم له قائمة،لأنه لا يستطيع الصمود أمام التجليات الإلهية،مباشرة دون حائل وهي الوساطة والبرزخية المحمدية.
فالذكر بالاسم المفرد الجامع الله،يحتاج إلى الإذن المحقّق من شيخ عارف يعرف الحضرة المحمدية وتعرفه،وبدون هذا الإذن يكون العطب أقرب إلى الذاكر من الظّفر.ومن وفّقه الله تعالى لمعرفة من يعرف مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،فليُبشر بثمرات الاسم الجامع أسراراً ومعرفة وتزكية،حسب استعداده واجتهاده…
ذ رشيد موعشي..